3091 ص: فإن قال قائل ممن يذهب إلى قول أهل المدينة : إن هذه الآثار التي رويتها في هذا الفصل غير مضادة للآثار التي رويتها في الفصل الأول إلا أن الأولى مفسرة وهذه مجملة ، فالمفسر أولى من المجمل .
قيل له : هذا محال ; لأن رسول الله - عليه السلام - أخبر في هذه الآثار أن ذلك ، فكان وجه الكلام على كل ما خرج مما سقي بذلك ، وقد رويتم أنتم عن رسول الله - عليه السلام - الواجب من العشر أو نصف العشر فيما يسقى بالأنهار أو بالعيون أو بالرشاء أو بالدالية ، ورويتم أن رسول الله - عليه السلام - قال أنه رد ماعزا عندما جاء فأقر عنده بالزنا أربع مرات ، ثم رجمه بعد ذلك لأنيس : ، فجعلتم هذا دليلا على أن الاعتبار بالإقرار بالزنا مرة واحدة ; لأن ذلك ظاهر قول رسول الله - عليه السلام - : "فإذا اعترفت فارجمها " ولم تجعلوا حديث "اغد على امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها " ماعز قاضيا على حديث أنيس هذا المجمل ، فيكون الاعتراف المذكور في حديث أنيس المجمل هو الاعتراف المذكور في حديث ماعز المفسر ، فإذا كنتم قد [فعلتموه ] هذا فيما
[ ص: 162 ] ذكرنا ، فما تنكرون على من فعل في أحاديث الزكوات ما وصفنا ؟ بل حديث أنيس أولى أن يكون معطوفا على حديث ماعز ; لأنه ذكر فيه الاعتراف ، وإقراره مرة واحدة ليس هو اعتراف الزاني الذي يوجب الحد عليه في قول مخالفكم ، وحديث معاذ وابن عمر - رضي الله عنهم - في الزكاة إنما فيه ذكر إيجابها فيما سقي بكذا أو فيما سقي بكذا ، فذلك أولى أن يكون مضادا لما فيه ذكر الأوساق ، من حديث وجابر أنيس لحديث ماعز - رضي الله عنه - .