[ أخبر الرسول أنه سيحدث اختلاف كثير ]
يوضحه الوجه الحادي والخمسون : أنه صلى الله عليه وسلم قال في نفس هذا الحديث : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=23806فإنه من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافا كثيرا } وهذا ذم للمختلفين ، وتحذير من سلوك سبيلهم ، وإنما
nindex.php?page=treesubj&link=22311كثر الاختلاف وتفاقم أمره بسبب التقليد وأهله ، وهم الذين فرقوا الدين وصيروا أهله شيعا ، كل فرقة تنصر متبوعها ، وتدعو إليه ، وتذم من خالفها ، ولا يرون العمل بقولهم حتى كأنهم ملة أخرى سواهم ، يدأبون ويكدحون في الرد عليهم ، ويقولون : كتبهم ، وكتبنا وأئمتهم وأئمتنا ، ومذهبهم ومذهبنا .
هذا والنبي واحد والقرآن واحد والدين واحد والرب واحد ; فالواجب على الجميع أن ينقادوا إلى كلمة سواء بينهم كلهم ، وأن لا يطيعوا إلا الرسول ، ولا يجعلوا معه من يكون أقواله كنصوصه ، ولا يتخذ بعضهم بعضا أربابا من دون الله ; فلو اتفقت كلمتهم على ذلك وانقاد كل واحد منهم لمن دعاه إلى الله ورسوله وتحاكموا كلهم إلى السنة وآثار الصحابة لقل الاختلاف وإن لم يعدم من الأرض ; ولهذا تجد أقل الناس اختلافا
أهل السنة والحديث ; فليس على وجه الأرض طائفة أكثر اتفاقا وأقل اختلافا منهم لما بنوا على هذا الأصل ، وكلما كانت الفرقة عن الحديث أبعد كان اختلافهم في أنفسهم أشد وأكثر ، فإن من رد الحق مرج عليه أمره واختلط عليه والتبس عليه وجه الصواب فلم يدر أين يذهب ، كما قال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=5بل كذبوا بالحق لما جاءهم فهم في أمر مريج } .
[ أَخْبَرَ الرَّسُولُ أَنَّهُ سَيَحْدُثُ اخْتِلَافُ كَثِيرٌ ]
يُوَضِّحُهُ الْوَجْهُ الْحَادِي وَالْخَمْسُونَ : أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي نَفْسِ هَذَا الْحَدِيثِ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=23806فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ بَعْدِي فَسَيَرَى اخْتِلَافًا كَثِيرًا } وَهَذَا ذَمٌّ لِلْمُخْتَلِفِينَ ، وَتَحْذِيرٌ مِنْ سُلُوكِ سَبِيلِهِمْ ، وَإِنَّمَا
nindex.php?page=treesubj&link=22311كَثُرَ الِاخْتِلَافُ وَتَفَاقَمَ أَمْرُهُ بِسَبَبِ التَّقْلِيدِ وَأَهْلِهِ ، وَهُمْ الَّذِينَ فَرَّقُوا الدِّينَ وَصَيَّرُوا أَهْلَهُ شِيَعًا ، كُلُّ فِرْقَةٍ تَنْصُرُ مَتْبُوعَهَا ، وَتَدْعُو إلَيْهِ ، وَتَذُمُّ مَنْ خَالَفَهَا ، وَلَا يَرَوْنَ الْعَمَلَ بِقَوْلِهِمْ حَتَّى كَأَنَّهُمْ مِلَّةٌ أُخْرَى سِوَاهُمْ ، يَدْأَبُونَ وَيَكْدَحُونَ فِي الرَّدِّ عَلَيْهِمْ ، وَيَقُولُونَ : كُتُبُهُمْ ، وَكُتُبُنَا وَأَئِمَّتُهُمْ وَأَئِمَّتُنَا ، وَمَذْهَبُهُمْ وَمَذْهَبُنَا .
هَذَا وَالنَّبِيُّ وَاحِدٌ وَالْقُرْآنُ وَاحِدٌ وَالدِّينُ وَاحِدٌ وَالرَّبُّ وَاحِدٌ ; فَالْوَاجِبُ عَلَى الْجَمِيعِ أَنْ يَنْقَادُوا إلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَهُمْ كُلِّهِمْ ، وَأَنْ لَا يُطِيعُوا إلَّا الرَّسُولَ ، وَلَا يَجْعَلُوا مَعَهُ مَنْ يَكُونُ أَقْوَالُهُ كَنُصُوصِهِ ، وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ ; فَلَوْ اتَّفَقَتْ كَلِمَتُهُمْ عَلَى ذَلِكَ وَانْقَادَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ لِمَنْ دَعَاهُ إلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَحَاكَمُوا كُلُّهُمْ إلَى السُّنَّةِ وَآثَارِ الصَّحَابَةِ لَقَلَّ الِاخْتِلَافُ وَإِنْ لَمْ يَعْدَمْ مِنْ الْأَرْضِ ; وَلِهَذَا تَجِدُ أَقَلَّ النَّاسِ اخْتِلَافًا
أَهْلَ السُّنَّةِ وَالْحَدِيثِ ; فَلَيْسَ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ طَائِفَةٌ أَكْثَرَ اتِّفَاقًا وَأَقَلَّ اخْتِلَافًا مِنْهُمْ لِمَا بَنَوْا عَلَى هَذَا الْأَصْلِ ، وَكُلَّمَا كَانَتْ الْفُرْقَةُ عَنْ الْحَدِيثِ أَبْعَدَ كَانَ اخْتِلَافُهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ أَشَدَّ وَأَكْثَرَ ، فَإِنَّ مَنْ رَدَّ الْحَقَّ مَرَجَ عَلَيْهِ أَمْرُهُ وَاخْتَلَطَ عَلَيْهِ وَالْتَبَسَ عَلَيْهِ وَجْهُ الصَّوَابِ فَلَمْ يَدْرِ أَيْنَ يَذْهَبُ ، كَمَا قَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=5بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ } .