المثال الثالث والعشرون : من قوله : { رد السنة الثابتة المحكمة في النهي عن بيع الرطب بالتمر بالمتشابه وأحل الله البيع } وبالمتشابه من قياس في غاية الفساد ، وهو قولهم : الرطب والتمر إما أن يكونا جنسين وإما أن يكون جنسا واحدا ، وعلى التقديرين فلا يمنع بيع أحدهما بالآخر ، وأنت إذا نظرت إلى هذا القياس رأيته مصادما للسنة أعظم مصادمة ، ومع أنه فاسد في نفسه ، بل هما جنس واحد أحدهما أزيد من الآخر قطعا بلينته فهو أزيد أجزاء من الآخر بزيادة لا يمكن فصلها وتمييزها ، ولا يمكن أن يجعل في مقابلة تلك الأجزاء من الرطب ما يتساويان به عند الكمال ; إذ هو ظن وحسبان ، فكان [ ص: 239 ] المنع من بيع أحدهما بالآخر محض القياس لو لم تأت به سنة ، وحتى لو لم يكن ربا ولا القياس يقتضيه لكان أصلا قائما بنفسه يجب التسليم والانقياد له كما يجب التسليم لسائر نصوصه المحكمة ، ومن العجب رد هذه السنة بدعوى أنها مخالفة للقياس والأصول وتحريم ودعوى أن ذلك موافق للأصول ، فكل أحد يعلم أن جريان الربا بين التمر والرطب أقرب إلى الربا نصا وقياسا ومعقولا من جريانه بين الكسب والسمسم . بيع الكسب بالسمسم