فصل [ الاحتيال على الوصول إلى الحق بطريق مباحة لكنها لم تشرع له ] .
القسم الثالث : أن ، فيتخذها هو طريقا إلى هذا المقصود الصحيح ، أو قد يكون قد وضعت له لكن تكون خفية ولا يفطن لها ، والفرق بين هذا القسم والذي قبله أن الطريق في الذي قبله نصبت مفضية إلى مقصودها ظاهرا ، فسالكها سالك للطريق المعهود ، والطريق في هذا القسم نصبت مفضية إلى غيره فيتوصل بها إلى ما لم توضع له ; فهي في الفعال كالتعريض الجائز في المقال ، أو تكون مفضية إليه لكن بخفاء ، ونذكر لذلك أمثلة ينتفع بها في هذا الباب . [ ص: 262 ] المثال الأول : إذا يحتال على التوصل إلى حق أو على دفع الظلم بطريق مباحة لم توضع موصلة إلى ذلك ، بل وضعت لغيره بأن يظهر أنه لم تكن له ولاية الإيجار أو أن المؤجر ملك لابنه أو امرأته أو أنه كان مؤجرا قبل إيجاره ، ويتبين أن المقبوض أجرة المثل لما استوفاه من المدة وينتزع المؤجر له منه ; فالحيلة في التخلص من هذه الحيلة أن يضمنه المستأجر درك العين المؤجرة له أو لغيره ، فإذا استحقت أو ظهرت الإجارة فاسدة رجع عليه بما قبضه منه ، أو يأخذ إقرار من يخاف منه بأنه لا حق له في العين وأن كل دعوى يدعيها بسببها فهي باطلة ، أو يستأجرها منه بمائة دينار مثلا ثم يصارفه كل دينار بعشرة دراهم ، فإذا طالبه بأجرة المثل طالبه هو بالدنانير التي وقع عليها العقد ، فإنه لم يخف من ذلك ، ولكن يخاف أن يغدر به في آخر المدة ، فليقسط [ مبلغ ] الأجرة على عدد السنين ، ويجعل معظمها للسنة التي يخشى غدره فيها . استأجر منه دارا مدة سنين بأجرة معلومة ، فخاف أن يغدر به المكري في آخر المدة ويتسبب إلى فسخ الإجارة
وكذلك إذا ، فليجعل معظم الأجرة على المدة التي يأمن فيها من رحيله ، والقدر اليسير منها لآخر المدة خاف المؤجر أن يغدر المستأجر ويرحل في آخر المدة