قاعدة تجمع مسائل ، وتجوزنا بمطلقا عن فرض الكفاية والموسع والمخير ، ويتفرع عليه مسائل : ( المسألة ) الأولى ( الزيادة على أقل ما ينطلق عليه الاسم لا يوصف بالوجوب ) أن الزيادة على أقل ما ينطلق عليه الاسم فيما لا يتقدر بمعين ، كمسح الرأس ، وتطويل أركان الصلاة ، وألحق بها إمساك بعض الليل احتياطا للصوم إذا لم نوجبه ، كما حكاه جائز الترك مطلقا ليس بواجب العبادي عن لا يوصف بالوجوب لأنه يجوز تركه ونقله أبي إسحاق المروزي ابن برهان في " الأوسط " عن معظم العلماء ، ونصره في " التبصرة " ، الشيخ أبو إسحاق والغزالي وابن السمعاني في " القواطع " والإمام في " المحصول " ، وغيرهم . [ ص: 314 ] وقال ابن الرفعة في " المطلب " في مسح الرأس : إنه الأصح ، وقيل : الكل واجب إذ ليس بعض أولى ، فكان الكل واجبا ، وهو ظاهر نص في الأم ، كما نقله في " البحر " عنه في باب الكتابة ، فيما إذا أوصى بوضع بعض النجوم ، ويحكى عن الشافعي الكرخي ونسبه صاحب " الكبريت الأحمر " إلى الجمهور منهم ، وقال : حتى قالوا : إن الإسلام لا يطلب من الصبي حتما ، ولو أتى به وقع واجبا ، وعلى هذا فوصفه بالاستحباب قبل الإيقاع ، أما بعد وقوعه فيقع فرضا . وقيل عليه : إن حكم مسح البعض المجزئ حكم خصال " الكفارة " فأي خصلة فعلها حكم بأنها الواجب .
قال ابن الرفعة في " المطلب " : والأول أشبه ، لأنا لا نعرف أحدا قال فيما إذا ، وقلنا : الثانية هي الفرض : إنه وجب عليه أحد الظهرين على التخيير كما في خصال الكفارة ، وفي المسألة وجه ثالث ، وهو التفصيل ، فإن كان لو اقتصر على البعض أجزأه ، فالزائد ليس بواجب كمسح الرأس ، وسبع البدنة للمتمتع وإلا فالكل فرض ، كما لو أخرج بعيرا عن الشاة في الخمس لأنه لو اقتصر على خمس بعير فقط لم يجزئه قطعا ، وادعى صلى منفردا ، ثم صلى تلك الصلاة فرضا في جماعة النووي في موضع من " شرح المهذب " اتفاق أصحابنا على تصحيحه .
قال ابن برهان : ومنشأ الخلاف أن الأمر عندنا ما تتناوله تلك الزيادة ، وعندهم تتناولها . قلت : وعقد سليم في " التقريب " مسألة الأمر بفعل الشيء يقتضي [ ص: 315 ] وجوب أدنى ما يتناوله اسم ذلك الفعل . قال : ومن الناس من قال : يقتضي وجوب الأكثر وزيفه ، ثم قال : مسألة : ، فالزيادة تطوع ، وعن ومن أمر بشيء فلزمه أدنى ما يقع عليه اسم ذلك الفعل ، فزاد عليه الكرخي أن الجميع واجب . ا هـ . فجعل الخلاف في هذه مفرعا على القول بوجوب أدنى الاسم .
تنبيهات ( التنبيه ) الأول : قال الغزالي : الخلاف يتجه فيما وقع متعاقبا كالطمأنينة والقيام ، وأما ما وقع بجملته معا ، ولا يتميز بعضه عن بعض بالإشارة [ والتعبير ، فيبعد أن يقال : قدر الأصل ] منه واجب ، والباقي ندب . قلت : وقد حكوا طريقين في مسح الرأس . هل محل الخلاف فيما إذا وقع الجميع دفعة واحدة ، حتى إذا وقع مرتبا يكون نفلا جزما أم الخلاف في الصورتين ؟ والصحيح : الثاني . كذا قاله النووي في " شرح المهذب " . لكن الأقوى الأول ، واختاره إمام الحرمين .
( التنبيه ) الثاني زعم السهروردي أن الخلاف لفظي يرجع إلى تفسير الوجوب بماذا ؟ والحق : أنه معنوي وللخلاف فوائد : [ ص: 316 ] منها : زيادة الثواب فإن ثواب الواجب أعظم من ثواب النفل ، ومنها : إذا مسح على شعر ثم حلق بعضه . فإن من يرى أنه إذا حلق كله تجب الإعادة ، قد يقول : إذا قلنا : الكل واجب لزمه إعادة المسح في الموضع الذي حلقه ، ولا سيما على قول من زعم أن ذلك كخصال الكفارة ، فإنه بفعلها يكون معينا لوجوبها ، كما قاله في القاضي الحسين يكون قضاء ; لأنه بالشروع فيه تعين . قاله في المطلب . الواجب الموسع إذا فعل في أول وقته ثم فسد أو أفسد ، ثم أتى به في بقية الوقت
( التنبيه ) الثالث قال في " الإفادة " : المسألة مفروضة في زائد يمكن انفكاك الواجب منه أما ما لا يمكن فإنه واجب تبعا غير مقصود يعني ، بلا خلاف ; لأن الوجوب يتناول ما هذه صفته مع كونه ضد الموجب الآخر ، كإمساك جزء من الليل قبل الفجر وبعد غروب الشمس ، فلأن يكون واجبا مع جنس المأمور به أولى ، وحاصله : تخصيص الخلاف بما إذا أمكن الاقتصار على الأصل ، فإن لم يمكن إلا بفعل الكل ، فالكل واجب قطعا ; لأن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب ، وهذا كما في جزاء الصيد يصوم عن كل مد يوما ، وإذا انكسر مد صام ، يوما كاملا لأن الصوم لا يتبعض ، ويقع فرضا قطعا وكذلك قال القاضي عبد الوهاب الإمام في " النهاية " فيما لو أجزأه أو أطول الأيام وقع الجميع فرضا . أي : من غير تخريج على الخلاف . نذر اعتكاف يوم فاعتكف أقصر الأيام