( الفرق الثاني والسبعون والمائتان بين قاعدة ما هو من الدعاء كفر وقاعدة ما ليس بكفر )
اعلم أن الدعاء الذي هو الطلب من الله تعالى له حكم باعتبار ذاته من حيث هو طلب من
[ ص: 260 ] الله تعالى وهو الندب لاشتمال ذاته على خضوع العبد لربه وإظهار ذلته وافتقاره إلى مولاه فهذا ونحوه مأمور به ، وقد يعرض له من متعلقاته ما يوجبه أو يحرمه والتحريم قد ينتهي للكفر ، وقد لا ينتهي
فالذي ينتهي للكفر أربعة أقسام : ( القسم الأول )
nindex.php?page=treesubj&link=19735أن يطلب الداعي نفي ما دل السمع القاطع من الكتاب والسنة على ثبوته وله أمثلة :
( الأول ) أن
nindex.php?page=treesubj&link=19735يقول اللهم لا تعذب من كفر بك أو اغفر له ، وقد دلت القواطع السمعية على تعذيب كل واحد ممن مات كافرا بالله تعالى لقوله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=48إن الله لا يغفر أن يشرك به } وغير ذلك من النصوص فيكون ذلك كفرا ؛ لأنه طلب لتكذيب الله تعالى فيما أخبر به وطلب ذلك كفر فهذا الدعاء كفر .
( الثاني ) أن
nindex.php?page=treesubj&link=19735يقول اللهم لا تخلد فلانا الكافر في النار ، وقد دلت النصوص القاطعة على تخليد كل واحد من الكفار في النار فيكون الداعي طالبا لتكذيب خبر الله تعالى فيكون دعاؤه كفر .
( الثالث ) أن
nindex.php?page=treesubj&link=19735يسأل الداعي الله تعالى أن يريحه من البعث حتى يستريح من أهوال يوم القيامة ، وقد أخبر تعالى عن بعث كل أحد من الثقلين فيكون هذا الدعاء كفرا ؛ لأنه طلب لتكذيب الله تعالى في خبره .
( الْفَرْقُ الثَّانِي وَالسَّبْعُونَ وَالْمِائَتَانِ بَيْنَ قَاعِدَةِ مَا هُوَ مِنْ الدُّعَاءِ كُفْرٌ وَقَاعِدَةِ مَا لَيْسَ بِكُفْرٍ )
اعْلَمْ أَنَّ الدُّعَاءَ الَّذِي هُوَ الطَّلَبُ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى لَهُ حُكْمٌ بِاعْتِبَارِ ذَاتِهِ مِنْ حَيْثُ هُوَ طَلَبٌ مِنْ
[ ص: 260 ] اللَّهِ تَعَالَى وَهُوَ النَّدْبُ لِاشْتِمَالِ ذَاتِهِ عَلَى خُضُوعِ الْعَبْدِ لِرَبِّهِ وَإِظْهَارِ ذِلَّتِهِ وَافْتِقَارِهِ إلَى مَوْلَاهُ فَهَذَا وَنَحْوُهُ مَأْمُورٌ بِهِ ، وَقَدْ يَعْرِضُ لَهُ مِنْ مُتَعَلِّقَاتِهِ مَا يُوجِبُهُ أَوْ يُحَرِّمُهُ وَالتَّحْرِيمُ قَدْ يَنْتَهِي لِلْكُفْرِ ، وَقَدْ لَا يَنْتَهِي
فَاَلَّذِي يَنْتَهِي لِلْكُفْرِ أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ : ( الْقِسْمُ الْأَوَّلُ )
nindex.php?page=treesubj&link=19735أَنْ يَطْلُبَ الدَّاعِي نَفْيَ مَا دَلَّ السَّمْعُ الْقَاطِعُ مِنْ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ عَلَى ثُبُوتِهِ وَلَهُ أَمْثِلَةٌ :
( الْأَوَّلُ ) أَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=19735يَقُولَ اللَّهُمَّ لَا تُعَذِّبْ مَنْ كَفَرَ بِك أَوْ اغْفِرْ لَهُ ، وَقَدْ دَلَّتْ الْقَوَاطِعُ السَّمْعِيَّةُ عَلَى تَعْذِيبِ كُلِّ وَاحِدٍ مِمَّنْ مَاتَ كَافِرًا بِاَللَّهِ تَعَالَى لِقَوْلِهِ تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=48إنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ } وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنْ النُّصُوصِ فَيَكُونُ ذَلِكَ كُفْرًا ؛ لِأَنَّهُ طَلَبٌ لِتَكْذِيبِ اللَّهِ تَعَالَى فِيمَا أَخْبَرَ بِهِ وَطَلَبُ ذَلِكَ كُفْرٌ فَهَذَا الدُّعَاءُ كُفْرٌ .
( الثَّانِي ) أَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=19735يَقُولَ اللَّهُمَّ لَا تُخَلِّدْ فُلَانًا الْكَافِرَ فِي النَّارِ ، وَقَدْ دَلَّتْ النُّصُوصُ الْقَاطِعَةُ عَلَى تَخْلِيدِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْكُفَّارِ فِي النَّارِ فَيَكُونُ الدَّاعِي طَالِبًا لِتَكْذِيبِ خَبَرِ اللَّهِ تَعَالَى فَيَكُونُ دُعَاؤُهُ كُفْرٌ .
( الثَّالِثُ ) أَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=19735يَسْأَلَ الدَّاعِي اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يُرِيحَهُ مِنْ الْبَعْثِ حَتَّى يَسْتَرِيحَ مِنْ أَهْوَالِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ ، وَقَدْ أَخْبَرَ تَعَالَى عَنْ بَعْثِ كُلِّ أَحَدٍ مِنْ الثَّقَلَيْنِ فَيَكُونُ هَذَا الدُّعَاءُ كُفْرًا ؛ لِأَنَّهُ طَلَبٌ لِتَكْذِيبِ اللَّهِ تَعَالَى فِي خَبَرِهِ .