( الفرق الحادي والعشرون بين
nindex.php?page=treesubj&link=21114_21162قاعدة الحمل على أول جزئيات المعنى وقاعدة الحمل على أول أجزائه أو الكلية على جزئياتها وهو العموم على الخصوص ) وهذا المعنى قد التبس على جمع كثير من فقهاء المذهب وغيرهم وهذا الموضع أصله إطلاق وقع في أصول الفقه أن ترتيب الحكم على الاسم هل يقتضي الاقتصار على أوله أم لا ؟ قولان فلما وقع هذا الإطلاق للأصوليين عمل جماعة من الفقهاء على تخريج الفروع عليه على خلاف ما تقتضيه هذه القاعدة ولا بد من بيان قاعدتين :
( القاعدة الأولى ) تحقيق الجزئي ما هو وله معنيان : أحدهما كل شخص من نوع كزيد وعمرو وغيرهما من أفراد الإنسان وكذلك كل شخص من نوع كالفرس المعين من نوع الفرس والحجر المعين من نوع الحجارة ونحو ذلك وثانيهما ما اندرج تحت كلي هو وغيره وهذا أعم من الأول فإنه يصدق بالأشخاص كزيد وعمرو لاندراجهما تحت مفهوم الإنسان والحيوان وغيرهما ويصدق أيضا على الأنواع والأجناس التي ليست بأشخاص لاندراجها تحت كلي هي وغيرها فالإنسان يندرج تحت الحيوان مع الفرس والحيوان مع النبات مندرج تحت النامي والنامي والجماد مندرجان تحت الجسم فهذان هما
nindex.php?page=treesubj&link=21114معنى الجزئي .
( القاعدة الثانية ) بيان الجزء وهو الذي لا يعقل إلا بالقياس إلى كل فالكل مقابل للجزء والكلي مقابل للجزئي فالخمسة من العشرة جزء والحيوان من الإنسان جزء والإنسان كل لتركبه من الحيوان والناطق وهاهنا قاعدة وهي أن اللفظ الدال على الكل دال على جزئه في الأمر وخبر الثبوت بخلاف النهي وخبر النفي فإذا أوجب الله تعالى ركعتين فقد أوجب ركعة
[ ص: 135 ] وإذا قلنا عند زيد نصاب فعنده عشرة دنانير أما إذا نهى الله تعالى عن ثلاث ركعات في الصبح فلا يلزم منه النهي عن ركعتين وإذا قلنا ليس عنده نصاب لا يلزم أن لا يكون عنده عشرة دنانير بل تسعة عشر والسر في ذلك أن النهي يعتمد إعدام الحقيقة وعدم الحقيقة يصدق بعدم جزء واحد منها ولا يتوقف عدمها على عدم جميع أجزائها كما يعدم النصاب بدينار فكذلك خبر النفي أما ثبوت الحقيقة فيتوقف على ثبوت جميع أجزائها فلا يثبت النصاب إلا بثبوت جميع عشرين دينارا وكذلك الأمر بتحصيل المركب يتوقف على تحصيل جميع الأجزاء فلا تحصل الركعتان حتى تتحصل كل واحدة منهما فلذلك دل الأمر وخبر الثبوت على ثبوت الجزء دون النهي وخبر النفي
[ ص: 136 ] واللفظ الدال على الكلي لا يدل على جزئي من جزئياته مطلقا من غير تفصيل بل إنما يفهم الجزئي من أمر آخر غير اللفظ فإذا قلنا : في الدار جسم لا يدل ذلك على أنه حيوان .
وإذا قلنا : فيها حيوان لا يدل ذلك على أنه إنسان وإذا قلنا : فيها إنسان لا يدل ذلك على أنه مؤمن أو كافر وإذا قلنا : فيها مؤمن لا يدل ذلك على أنه زيد إذا تقررت هذه القاعدة ظهر أن حمل اللفظ على أدنى مراتب جزئياته لا تكون فيه مخالفة للفظه لعدم دلالته على غير هذا الجزئي أما إذا حملنا اللفظ على أقل الأجزاء فقد خالفنا اللفظ فإنه يدل على الجزء الآخر وما أتينا به ومخالفة لفظ صاحب الشرع لا تجوز بخلاف الأول فإذا قال الله تعالى صوموا رمضان فمن عمد إلى الاقتصار على أقل أجزائه فقد خالف لفظ صاحب الشرع بخلاف ما إذا قال الله تعالى اعتقوا رقبة فعمدنا إلى رقبة تساوي عشرة وتركنا الرقبة التي تساوي ألفا لا نكون مخالفين للفظ صاحب الشرع وبهذا يظهر بطلان قول من يخرج الخلاف في
nindex.php?page=treesubj&link=88_26607_21114غسل الذكر من المذي هل يقتصر فيه على الحشفة أم لا بد من جملته على هذه القاعدة لأن هذا اقتصار على جزء لا جزئي فهو كالاقتصار على يوم من رمضان فلا يصح وكذلك تخريج الخلاف في التيمم هل هو إلى الكوعين أو إلى المرفقين أو إلى الإبطين على هذه القاعدة لا يصح أيضا فإن الكوع جزء اليد لا جزئي منها فكان كالاقتصار على يوم من رمضان وكل ما هو من هذا القبيل من التخريج ليس بصحيح فتأمله فهو كثير في مذهب
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك وغيره من
[ ص: 137 ] المذاهب وكذلك
nindex.php?page=treesubj&link=21114_21162حمل اللفظ العام على بعض أفراده ترك لظاهر العموم من غير دليل وهو باطل إجماعا فيجتنب في هذا الباب حمل الكل على بعض أجزائه وحمل الكلية على بعض جزئياتها فهو حمل العام على بعض الخصوصيات فهذه كلها تخريجات باطلة بل التخريج الصحيح في فروع منها فرع
nindex.php?page=treesubj&link=13608الحضانة هل تستحقه الأم إلى الإثغار أو إلى البلوغ قولان يناسب تخريجهما على القاعدة بسبب أن قوله عليه السلام {
nindex.php?page=hadith&LINKID=7011أنت أحق به ما لم تنكحي } كما جاء في الحديث المشهور يقتضي ثبوت الأحقية لها إما غاية معينة فلم يذكرها صاحب الشرع غير غاية تتعلق بها هي وبحالها وهي عدم الزواج إما غاية تتعلق بحاله هو فلم يذكرها صاحب الشرع بل الأحقية فقط وهي تصدق بطرفين فأدناهما الإثغار وأعلاهما البلوغ فإذا حملنا الحضانة على الإثغار لا نكون مخالفين لمقتضى لفظ الأحقية باعتبار حاله فقد وفينا بالقاعدة مع عدم مخالفة اللفظ .
فإن قلت : فقد خولفت الغاية المقولة بالنسبة إلى حالها هي وهي عدم الزواج قلت : مسلم لكن هذه الغاية هي إشارة إلى المانع وأن زواجها مانع من ترتب الحكم على سببه والمانع وعدمه لا مدخل لهما في ترتب الأحكام بل في عدم ترتبها كما تقدم أن المؤثر في المانع إنما هو وجوده في العدم لا عدمه في الوجود والتخريج إنما وقع فيما اقتضاه اللفظ من موجب الحكم وسببه
[ ص: 138 ] وما يترتب عليه الثبوت ومنها
nindex.php?page=treesubj&link=13543التفرقة بين الأمة وولدها اختلف العلماء فيه أيضا هل يمنع ذلك إلى البلوغ أو الإثغار وهو المشهور في هذا دون الأول وتخريجه على القاعدة متيسر أيضا حسن بسبب أن قوله عليه السلام {
nindex.php?page=hadith&LINKID=30687لا توله والدة على ولدها } عام في الوالدات والمولودين من جهة أن والدة نكرة في سياق النفي فتعم وولدها اسم جنس أضيف فيعم وعام في الزمان أيضا من جهة أن لا لنفي الاستقبال على جهة العموم ومنه {
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=74لا يموت فيها ولا يحيا } فإن ذلك يعم الأزمنة المستقبلة غير أنه مطلق في أحوال الولد لأن القاعدة أن العام في الأشخاص مطلق في الأحوال .
وإذا كان مطلقا في الأحوال فهو يتناول أمرا كليا يصدق في رتبة دنيا وهي الإثغار ورتبة عليا وهي البلوغ فإذا خرج الخلاف على القاعدة من هذا الوجه استقام لأنه حمل اللفظ على أدنى مراتب جزئياته ولا يخالف اللفظ الدال على الكلي وأما عموم لا فهو راجع إلينا كأنه قال : حرم الله تعالى عليكم ذلك في جميع الأزمنة المستقبلة من زمن هذا الخطاب وليس عمومه بالنسبة إلى الأمهات والأولاد فلم تكن فيه معارضة لعدم العموم في الوالدات فتأمل ذلك ومنها قوله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=6فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم } اختلف العلماء في ذلك هل محمله على أدنى مراتب الرشد وهو الرشد في المال خاصة قاله :
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك أو على أعلى مراتب الرشد وهو الرشد في المال والدين قاله :
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي مع أن الرشد ذكر بصيغة التنكير الدال على المعنى الأعم الذي لا يدل على جزئي خاص فليس في حمله على أدنى الرتب مخالفة للفظ ألبتة ولا من وجه محتمل بخلاف المثالين الأولين فيهما تلك المخالفة التي احتيج للاعتذار عنها ومنها مسألة الحرام إذا
nindex.php?page=treesubj&link=11739_11716_11717قال : أنت علي حرام فهل يحمل على الثلاث أو الواحدة [ ص: 139 ] خلاف يصح تخريجه على هذه القاعدة لأن قوله حرام مطلق دال على مطلق التحريم الدائر بين الرتب المختلفة فأمكن حمله على أعلاها أو على أدناها ويلحق بمسألة الحرام ما معها في مذهب
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك من الألفاظ نحو
nindex.php?page=treesubj&link=11717_11739ألبتة والبائن وحبلك على غاربك هل يحمل على أعلى الرتب وهو الثلاث أم لا ومنها مسألة التيمم في قوله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=43فتيمموا صعيدا } فقوله صعيدا مدلوله أمر كلي يمكن حمله على أدنى الرتب وهو مطلق ما يسمى صعيدا ترابا كان أو غيره من جنس الأرض وهو مذهب
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك رحمه الله أو أعلى رتب الصعيد وهو التراب وهو مذهب
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي فهذه المسألة أيضا حسنة التخريج على هذه القاعدة من غير معارض من جهة اللفظ ولا المعنى .
ومنها قوله عليه السلام {
nindex.php?page=hadith&LINKID=87184إذا سمعتم المؤذن يؤذن فقولوا مثل ما يقول } والمثلية في لسان
العرب تصدق بين الشيئين بأي وصف كان من غير شمول فإذا قلت : زيد مثل الأسد كفى في ذلك الشجاعة دون بقية الأوصاف وكذلك زيد مثل عمرو يصدق ذلك حقيقة بمشاركتهما في صفة واحدة فالمثل المذكور في الأذان إن حمل على أعلى الرتب قال : مثل ما يقول إلى آخر الأذان أو على أدنى الرتب ففي التشهد خاصة وهو مشهور مذهب
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك فهذه ست مسائل تنبهك على صحة التخريج على هذه القاعدة والمسائل السابقة تنبهك على التخريج الفاسد عليها لأن الأول من باب الأجزاء وهذه من باب الجزئيات فقد ظهر لك الفرق بينهما والصحيح من الفاسد .
( تنبيه ) ليس الخلاف في هذه
[ ص: 140 ] القاعدة مطلقا في جميع فروعها بل فروعها ثلاثة أقسام : قسم أجمع الناس فيه على الحمل على أعلى الرتب وهو ما ورد من الأوامر بالتوحيد والإخلاص وسلب النقائص وما ينسب إلى الرب تعالى من التعظيم والإجلال في ذاته وصفاته العليا فهذا القسم الأمر فيه متعلق بأقصى غايته الممكنة للعبيد ومع ذلك فقد قال : عليه السلام {
nindex.php?page=hadith&LINKID=29793لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك } وقسم أجمع الناس فيه على الحمل على أدنى الرتب وهو الأقارير فإذا قال : له عندي دنانير حمل على أقل الجمع وهو ثلاثة وهو أدنى رتبها مع صدقها في الآلاف لكون الأصل براءة الذمة فيقبل تفسيره بأقل الرتب وليس الأصل إهمال جانب الربوبية بل تعظيمها والمبالغة في إجلال الله تعالى لقوله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=56وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون } .
وقال مع ذلك في الآية الأخرى {
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=91وما قدروا الله حق قدره } وذلك يقتضي أن جميع الغايات التي وصلوا إليها دون ما ينبغي له تعالى من التعظيم والإجلال فهذا هو الفرق بين القسمين القسم الثالث مختلف فيه وهو ما تقدم من المسائل فهذا تلخيص هذه القاعدة على وجه لا يلتبس بعد ذلك إن شاء الله تعالى .
( الْفَرْقُ الْحَادِيَ وَالْعِشْرُونَ بَيْنَ
nindex.php?page=treesubj&link=21114_21162قَاعِدَةِ الْحَمْلِ عَلَى أَوَّلِ جُزْئِيَّاتِ الْمَعْنَى وَقَاعِدَةِ الْحَمْلِ عَلَى أَوَّلِ أَجْزَائِهِ أَوْ الْكُلِّيَّةِ عَلَى جُزْئِيَّاتِهَا وَهُوَ الْعُمُومُ عَلَى الْخُصُوصِ ) وَهَذَا الْمَعْنَى قَدْ الْتَبَسَ عَلَى جَمْعٍ كَثِيرٍ مِنْ فُقَهَاءِ الْمَذْهَبِ وَغَيْرِهِمْ وَهَذَا الْمَوْضِعُ أَصْلُهُ إطْلَاقٌ وَقَعَ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ أَنَّ تَرْتِيبَ الْحُكْمِ عَلَى الِاسْمِ هَلْ يَقْتَضِي الِاقْتِصَارَ عَلَى أَوَّلِهِ أَمْ لَا ؟ قَوْلَانِ فَلَمَّا وَقَعَ هَذَا الْإِطْلَاقُ لِلْأُصُولِيِّينَ عَمِلَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْفُقَهَاءِ عَلَى تَخْرِيجِ الْفُرُوعِ عَلَيْهِ عَلَى خِلَافِ مَا تَقْتَضِيهِ هَذِهِ الْقَاعِدَةُ وَلَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ قَاعِدَتَيْنِ :
( الْقَاعِدَةُ الْأُولَى ) تَحْقِيقُ الْجُزْئِيِّ مَا هُوَ وَلَهُ مَعْنَيَانِ : أَحَدُهُمَا كُلُّ شَخْصٍ مِنْ نَوْعٍ كَزَيْدٍ وَعَمْرٍو وَغَيْرِهِمَا مِنْ أَفْرَادِ الْإِنْسَانِ وَكَذَلِكَ كُلُّ شَخْصٍ مِنْ نَوْعٍ كَالْفَرَسِ الْمُعَيَّنِ مِنْ نَوْعِ الْفَرَسِ وَالْحَجَرِ الْمُعَيَّنِ مِنْ نَوْعِ الْحِجَارَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَثَانِيهِمَا مَا انْدَرَجَ تَحْتَ كُلِّيٍّ هُوَ وَغَيْرُهُ وَهَذَا أَعَمُّ مِنْ الْأَوَّلِ فَإِنَّهُ يَصْدُقُ بِالْأَشْخَاصِ كَزَيْدٍ وَعَمْرٍو لِانْدِرَاجِهِمَا تَحْتَ مَفْهُومِ الْإِنْسَانِ وَالْحَيَوَانِ وَغَيْرِهِمَا وَيَصْدُقُ أَيْضًا عَلَى الْأَنْوَاعِ وَالْأَجْنَاسِ الَّتِي لَيْسَتْ بِأَشْخَاصٍ لِانْدِرَاجِهَا تَحْتَ كُلِّيٍّ هِيَ وَغَيْرُهَا فَالْإِنْسَانُ يَنْدَرِجُ تَحْتَ الْحَيَوَانِ مَعَ الْفَرَسِ وَالْحَيَوَانُ مَعَ النَّبَاتِ مُنْدَرِجٌ تَحْتَ النَّامِي وَالنَّامِي وَالْجَمَادُ مُنْدَرِجَانِ تَحْتَ الْجِسْمِ فَهَذَانِ هُمَا
nindex.php?page=treesubj&link=21114مَعْنَى الْجُزْئِيِّ .
( الْقَاعِدَةُ الثَّانِيَةُ ) بَيَانُ الْجُزْءِ وَهُوَ الَّذِي لَا يُعْقَلُ إلَّا بِالْقِيَاسِ إلَى كُلٍّ فَالْكُلُّ مُقَابِلٌ لِلْجُزْءِ وَالْكُلِّيُّ مُقَابِلٌ لِلْجُزْئِيِّ فَالْخَمْسَةُ مِنْ الْعَشَرَةِ جُزْءٌ وَالْحَيَوَانُ مِنْ الْإِنْسَانِ جُزْءٌ وَالْإِنْسَانُ كُلٌّ لِتَرَكُّبِهِ مِنْ الْحَيَوَانِ وَالنَّاطِقِ وَهَاهُنَا قَاعِدَةٌ وَهِيَ أَنَّ اللَّفْظَ الدَّالَّ عَلَى الْكُلِّ دَالٌّ عَلَى جُزْئِهِ فِي الْأَمْرِ وَخَبَرَ الثُّبُوتِ بِخِلَافِ النَّهْيِ وَخَبَرِ النَّفْيِ فَإِذَا أَوْجَبَ اللَّهُ تَعَالَى رَكْعَتَيْنِ فَقَدْ أَوْجَبَ رَكْعَةً
[ ص: 135 ] وَإِذَا قُلْنَا عِنْدَ زَيْدٍ نِصَابٌ فَعِنْدَهُ عَشَرَةُ دَنَانِيرَ أَمَّا إذَا نَهَى اللَّهُ تَعَالَى عَنْ ثَلَاثِ رَكَعَاتٍ فِي الصُّبْحِ فَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ النَّهْيُ عَنْ رَكْعَتَيْنِ وَإِذَا قُلْنَا لَيْسَ عِنْدَهُ نِصَابٌ لَا يَلْزَمُ أَنْ لَا يَكُونَ عِنْدَهُ عَشَرَةُ دَنَانِيرَ بَلْ تِسْعَةَ عَشَرَ وَالسِّرُّ فِي ذَلِكَ أَنَّ النَّهْيَ يَعْتَمِدُ إعْدَامَ الْحَقِيقَةِ وَعَدَمُ الْحَقِيقَةِ يَصْدُقُ بِعَدَمِ جُزْءٍ وَاحِدٍ مِنْهَا وَلَا يَتَوَقَّفُ عَدَمُهَا عَلَى عَدَمِ جَمِيعِ أَجْزَائِهَا كَمَا يُعْدَمُ النِّصَابُ بِدِينَارٍ فَكَذَلِكَ خَبَرُ النَّفْيِ أَمَّا ثُبُوتُ الْحَقِيقَةِ فَيَتَوَقَّفُ عَلَى ثُبُوتِ جَمِيعِ أَجْزَائِهَا فَلَا يَثْبُتُ النِّصَابُ إلَّا بِثُبُوتِ جَمِيعِ عِشْرِينَ دِينَارًا وَكَذَلِكَ الْأَمْرُ بِتَحْصِيلِ الْمُرَكَّبِ يَتَوَقَّفُ عَلَى تَحْصِيلِ جَمِيعِ الْأَجْزَاءِ فَلَا تَحْصُلُ الرَّكْعَتَانِ حَتَّى تَتَحَصَّلُ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا فَلِذَلِكَ دَلَّ الْأَمْرُ وَخَبَرُ الثُّبُوتِ عَلَى ثُبُوتِ الْجُزْءِ دُونَ النَّهْيِ وَخَبَرِ النَّفْيِ
[ ص: 136 ] وَاللَّفْظُ الدَّالُّ عَلَى الْكُلِّيِّ لَا يَدُلُّ عَلَى جُزْئِيٍّ مِنْ جُزْئِيَّاتِهِ مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ بَلْ إنَّمَا يُفْهَمُ الْجُزْئِيُّ مِنْ أَمْرٍ آخَرَ غَيْرِ اللَّفْظِ فَإِذَا قُلْنَا : فِي الدَّارِ جِسْمٌ لَا يَدُلُّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ حَيَوَانٌ .
وَإِذَا قُلْنَا : فِيهَا حَيَوَانٌ لَا يَدُلُّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ إنْسَانٌ وَإِذَا قُلْنَا : فِيهَا إنْسَانٌ لَا يَدُلُّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ مُؤْمِنٌ أَوْ كَافِرٌ وَإِذَا قُلْنَا : فِيهَا مُؤْمِنٌ لَا يَدُلُّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ زَيْدٌ إذَا تَقَرَّرَتْ هَذِهِ الْقَاعِدَةُ ظَهَرَ أَنَّ حَمْلَ اللَّفْظِ عَلَى أَدْنَى مَرَاتِبِ جُزْئِيَّاتِهِ لَا تَكُونُ فِيهِ مُخَالَفَةٌ لِلَفْظِهِ لِعَدَمِ دَلَالَتِهِ عَلَى غَيْرِ هَذَا الْجُزْئِيِّ أَمَّا إذَا حَمَلْنَا اللَّفْظَ عَلَى أَقَلِّ الْأَجْزَاءِ فَقَدْ خَالَفْنَا اللَّفْظَ فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى الْجُزْءِ الْآخَرِ وَمَا أَتَيْنَا بِهِ وَمُخَالَفَةُ لَفْظِ صَاحِبِ الشَّرْعِ لَا تَجُوزُ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ فَإِذَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى صُومُوا رَمَضَانَ فَمَنْ عَمَدَ إلَى الِاقْتِصَارِ عَلَى أَقَلِّ أَجْزَائِهِ فَقَدْ خَالَفَ لَفْظَ صَاحِبِ الشَّرْعِ بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى اعْتِقُوا رَقَبَةً فَعَمَدْنَا إلَى رَقَبَةٍ تُسَاوِي عَشَرَةً وَتَرَكْنَا الرَّقَبَةَ الَّتِي تُسَاوِي أَلْفًا لَا نَكُونُ مُخَالِفِينَ لِلَفْظِ صَاحِبِ الشَّرْعِ وَبِهَذَا يَظْهَرُ بُطْلَانُ قَوْلِ مَنْ يُخَرِّجُ الْخِلَافَ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=88_26607_21114غَسْلِ الذَّكَرِ مِنْ الْمَذْيِ هَلْ يُقْتَصَرُ فِيهِ عَلَى الْحَشَفَةِ أَمْ لَا بُدَّ مِنْ جُمْلَتِهِ عَلَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ لِأَنَّ هَذَا اقْتِصَارٌ عَلَى جُزْءٍ لَا جُزْئِيٍّ فَهُوَ كَالِاقْتِصَارِ عَلَى يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ فَلَا يَصِحُّ وَكَذَلِكَ تَخْرِيجُ الْخِلَافِ فِي التَّيَمُّمِ هَلْ هُوَ إلَى الْكُوعَيْنِ أَوْ إلَى الْمِرْفَقَيْنِ أَوْ إلَى الْإِبْطَيْنِ عَلَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ لَا يَصِحُّ أَيْضًا فَإِنَّ الْكُوعَ جُزْءُ الْيَدِ لَا جُزْئِيٌّ مِنْهَا فَكَانَ كَالِاقْتِصَارِ عَلَى يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ وَكُلُّ مَا هُوَ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ مِنْ التَّخْرِيجِ لَيْسَ بِصَحِيحٍ فَتَأَمَّلْهُ فَهُوَ كَثِيرٌ فِي مَذْهَبِ
nindex.php?page=showalam&ids=16867مَالِكٍ وَغَيْرِهِ مِنْ
[ ص: 137 ] الْمَذَاهِبِ وَكَذَلِكَ
nindex.php?page=treesubj&link=21114_21162حَمْلُ اللَّفْظِ الْعَامِّ عَلَى بَعْضِ أَفْرَادِهِ تَرْكٌ لِظَاهِرِ الْعُمُومِ مِنْ غَيْرِ دَلِيلٍ وَهُوَ بَاطِلٌ إجْمَاعًا فَيُجْتَنَبُ فِي هَذَا الْبَابِ حَمْلُ الْكُلِّ عَلَى بَعْضِ أَجْزَائِهِ وَحَمْلُ الْكُلِّيَّةِ عَلَى بَعْضِ جُزْئِيَّاتِهَا فَهُوَ حَمْلُ الْعَامِّ عَلَى بَعْضِ الْخُصُوصِيَّاتِ فَهَذِهِ كُلُّهَا تَخْرِيجَاتٌ بَاطِلَةٌ بَلْ التَّخْرِيجُ الصَّحِيحُ فِي فُرُوعٍ مِنْهَا فَرْعُ
nindex.php?page=treesubj&link=13608الْحَضَانَةِ هَلْ تَسْتَحِقُّهُ الْأُمُّ إلَى الْإِثْغَارِ أَوْ إلَى الْبُلُوغِ قَوْلَانِ يُنَاسِبُ تَخْرِيجُهُمَا عَلَى الْقَاعِدَةِ بِسَبَبِ أَنَّ قَوْلَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=7011أَنْتِ أَحَقُّ بِهِ مَا لَمْ تَنْكِحِي } كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ الْمَشْهُورِ يَقْتَضِي ثُبُوتَ الْأَحَقِّيَّةِ لَهَا إمَّا غَايَةٌ مُعَيَّنَةٌ فَلَمْ يَذْكُرْهَا صَاحِبُ الشَّرْعِ غَيْرَ غَايَةٍ تَتَعَلَّقُ بِهَا هِيَ وَبِحَالِهَا وَهِيَ عَدَمُ الزَّوَاجِ إمَّا غَايَةٌ تَتَعَلَّقُ بِحَالِهِ هُوَ فَلَمْ يَذْكُرْهَا صَاحِبُ الشَّرْعِ بَلْ الْأَحَقِّيَّةُ فَقَطْ وَهِيَ تَصْدُقُ بِطَرَفَيْنِ فَأَدْنَاهُمَا الْإِثْغَارُ وَأَعْلَاهُمَا الْبُلُوغُ فَإِذَا حَمَلْنَا الْحَضَانَةَ عَلَى الْإِثْغَارِ لَا نَكُونُ مُخَالِفِينَ لِمُقْتَضَى لَفْظِ الْأَحَقِّيَّةِ بِاعْتِبَارِ حَالِهِ فَقَدْ وَفَيْنَا بِالْقَاعِدَةِ مَعَ عَدَمِ مُخَالَفَةِ اللَّفْظِ .
فَإِنْ قُلْت : فَقَدْ خُولِفَتْ الْغَايَةُ الْمَقُولَةُ بِالنِّسْبَةِ إلَى حَالِهَا هِيَ وَهِيَ عَدَمُ الزَّوَاجِ قُلْت : مُسَلَّمٌ لَكِنَّ هَذِهِ الْغَايَةَ هِيَ إشَارَةٌ إلَى الْمَانِعِ وَأَنَّ زَوَاجَهَا مَانِعٌ مِنْ تَرَتُّبِ الْحُكْمِ عَلَى سَبَبِهِ وَالْمَانِعُ وَعَدَمُهُ لَا مَدْخَلَ لَهُمَا فِي تَرَتُّبِ الْأَحْكَامِ بَلْ فِي عَدَمِ تَرَتُّبِهَا كَمَا تَقَدَّمَ أَنَّ الْمُؤَثِّرَ فِي الْمَانِعِ إنَّمَا هُوَ وُجُودُهُ فِي الْعَدَمِ لَا عَدَمُهُ فِي الْوُجُودِ وَالتَّخْرِيجُ إنَّمَا وَقَعَ فِيمَا اقْتَضَاهُ اللَّفْظُ مِنْ مُوجِبِ الْحُكْمِ وَسَبَبِهِ
[ ص: 138 ] وَمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ الثُّبُوتُ وَمِنْهَا
nindex.php?page=treesubj&link=13543التَّفْرِقَةُ بَيْنَ الْأَمَةِ وَوَلَدِهَا اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيهِ أَيْضًا هَلْ يُمْنَعُ ذَلِكَ إلَى الْبُلُوغِ أَوْ الْإِثْغَارِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ فِي هَذَا دُونَ الْأَوَّلِ وَتَخْرِيجُهُ عَلَى الْقَاعِدَةِ مُتَيَسِّرٌ أَيْضًا حَسَنٌ بِسَبَبِ أَنَّ قَوْلَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=30687لَا تُوَلَّهُ وَالِدَةٌ عَلَى وَلَدِهَا } عَامٌّ فِي الْوَالِدَاتِ وَالْمَوْلُودِينَ مِنْ جِهَةِ أَنَّ وَالِدَةً نَكِرَةٌ فِي سِيَاقِ النَّفْيِ فَتَعُمُّ وَوَلَدَهَا اسْمُ جِنْسٍ أُضِيفَ فَيَعُمُّ وَعَامٌّ فِي الزَّمَانِ أَيْضًا مِنْ جِهَةِ أَنْ لَا لِنَفْيِ الِاسْتِقْبَالِ عَلَى جِهَةِ الْعُمُومِ وَمِنْهُ {
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=74لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَا } فَإِنَّ ذَلِكَ يَعُمُّ الْأَزْمِنَةَ الْمُسْتَقْبَلَةَ غَيْرَ أَنَّهُ مُطْلَقٌ فِي أَحْوَالِ الْوَلَدِ لِأَنَّ الْقَاعِدَةَ أَنَّ الْعَامَّ فِي الْأَشْخَاصِ مُطْلَقٌ فِي الْأَحْوَالِ .
وَإِذَا كَانَ مُطْلَقًا فِي الْأَحْوَالِ فَهُوَ يَتَنَاوَلُ أَمْرًا كُلِّيًّا يَصْدُقُ فِي رُتْبَةٍ دُنْيَا وَهِيَ الْإِثْغَارُ وَرُتْبَةٍ عُلْيَا وَهِيَ الْبُلُوغُ فَإِذَا خُرِّجَ الْخِلَافُ عَلَى الْقَاعِدَةِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ اسْتَقَامَ لِأَنَّهُ حَمَلَ اللَّفْظَ عَلَى أَدْنَى مَرَاتِبِ جُزْئِيَّاتِهِ وَلَا يُخَالِفُ اللَّفْظُ الدَّالُّ عَلَى الْكُلِّيِّ وَأَمَّا عُمُومُ لَا فَهُوَ رَاجِعٌ إلَيْنَا كَأَنَّهُ قَالَ : حَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْكُمْ ذَلِكَ فِي جَمِيعِ الْأَزْمِنَةِ الْمُسْتَقْبَلَةِ مِنْ زَمَنِ هَذَا الْخِطَابِ وَلَيْسَ عُمُومُهُ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْأُمَّهَاتِ وَالْأَوْلَادِ فَلَمْ تَكُنْ فِيهِ مُعَارَضَةٌ لِعَدَمِ الْعُمُومِ فِي الْوَالِدَاتِ فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ وَمِنْهَا قَوْله تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=6فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ } اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي ذَلِكَ هَلْ مَحْمَلُهُ عَلَى أَدْنَى مَرَاتِبِ الرُّشْدِ وَهُوَ الرُّشْدُ فِي الْمَالِ خَاصَّةً قَالَهُ :
nindex.php?page=showalam&ids=16867مَالِكٌ أَوْ عَلَى أَعْلَى مَرَاتِبِ الرُّشْدِ وَهُوَ الرُّشْدُ فِي الْمَالِ وَالدِّينِ قَالَهُ :
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ مَعَ أَنَّ الرُّشْدَ ذُكِرَ بِصِيغَةِ التَّنْكِيرِ الدَّالِّ عَلَى الْمَعْنَى الْأَعَمِّ الَّذِي لَا يَدُلُّ عَلَى جُزْئِيٍّ خَاصٍّ فَلَيْسَ فِي حَمْلِهِ عَلَى أَدْنَى الرُّتَبِ مُخَالَفَةٌ لِلَّفْظِ أَلْبَتَّةَ وَلَا مِنْ وَجْهٍ مُحْتَمَلٍ بِخِلَافِ الْمِثَالَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ فِيهِمَا تِلْكَ الْمُخَالَفَةُ الَّتِي اُحْتِيجَ لِلِاعْتِذَارِ عَنْهَا وَمِنْهَا مَسْأَلَةُ الْحَرَامِ إذَا
nindex.php?page=treesubj&link=11739_11716_11717قَالَ : أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ فَهَلْ يُحْمَلُ عَلَى الثَّلَاثِ أَوْ الْوَاحِدَةِ [ ص: 139 ] خِلَافٌ يَصِحُّ تَخْرِيجُهُ عَلَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ لِأَنَّ قَوْلَهُ حَرَامٌ مُطْلَقٌ دَالٌّ عَلَى مُطْلَقِ التَّحْرِيمِ الدَّائِرِ بَيْنَ الرُّتَبِ الْمُخْتَلِفَةِ فَأَمْكَنَ حَمْلُهُ عَلَى أَعْلَاهَا أَوْ عَلَى أَدْنَاهَا وَيَلْحَقُ بِمَسْأَلَةِ الْحَرَامِ مَا مَعَهَا فِي مَذْهَبِ
nindex.php?page=showalam&ids=16867مَالِكٍ مِنْ الْأَلْفَاظِ نَحْوُ
nindex.php?page=treesubj&link=11717_11739أَلْبَتَّةَ وَالْبَائِنِ وَحَبْلُك عَلَى غَارِبِك هَلْ يُحْمَلُ عَلَى أَعْلَى الرُّتَبِ وَهُوَ الثَّلَاثُ أَمْ لَا وَمِنْهَا مَسْأَلَةُ التَّيَمُّمِ فِي قَوْله تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=43فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا } فَقَوْلُهُ صَعِيدًا مَدْلُولُهُ أَمْرٌ كُلِّيٌّ يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى أَدْنَى الرُّتَبِ وَهُوَ مُطْلَقُ مَا يُسَمَّى صَعِيدًا تُرَابًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ مِنْ جِنْسِ الْأَرْضِ وَهُوَ مَذْهَبُ
nindex.php?page=showalam&ids=16867مَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ أَوْ أَعْلَى رُتَبِ الصَّعِيدِ وَهُوَ التُّرَابُ وَهُوَ مَذْهَبُ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ فَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ أَيْضًا حَسَنَةُ التَّخْرِيجِ عَلَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ مِنْ غَيْرِ مُعَارِضٍ مِنْ جِهَةِ اللَّفْظِ وَلَا الْمَعْنَى .
وَمِنْهَا قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=87184إذَا سَمِعْتُمْ الْمُؤَذِّنَ يُؤَذِّنُ فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ } وَالْمِثْلِيَّةُ فِي لِسَانِ
الْعَرَبِ تَصْدُقُ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ بِأَيِّ وَصْفٍ كَانَ مِنْ غَيْرِ شُمُولٍ فَإِذَا قُلْت : زَيْدٌ مِثْلُ الْأَسَدِ كَفَى فِي ذَلِكَ الشُّجَاعَةُ دُونَ بَقِيَّةِ الْأَوْصَافِ وَكَذَلِكَ زَيْدٌ مِثْلُ عَمْرٍو يَصْدُقُ ذَلِكَ حَقِيقَةً بِمُشَارَكَتِهِمَا فِي صِفَةٍ وَاحِدَةٍ فَالْمِثْلُ الْمَذْكُورُ فِي الْأَذَانِ إنْ حُمِلَ عَلَى أَعْلَى الرُّتَبِ قَالَ : مِثْلَ مَا يَقُولُ إلَى آخِرِ الْأَذَانِ أَوْ عَلَى أَدْنَى الرُّتَبِ فَفِي التَّشَهُّدِ خَاصَّةً وَهُوَ مَشْهُورُ مَذْهَبِ
nindex.php?page=showalam&ids=16867مَالِكٍ فَهَذِهِ سِتُّ مَسَائِلَ تُنَبِّهُك عَلَى صِحَّةِ التَّخْرِيجِ عَلَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ وَالْمَسَائِلُ السَّابِقَةُ تُنَبِّهُك عَلَى التَّخْرِيجِ الْفَاسِدِ عَلَيْهَا لِأَنَّ الْأَوَّلَ مِنْ بَابِ الْأَجْزَاءِ وَهَذِهِ مِنْ بَابِ الْجُزْئِيَّاتِ فَقَدْ ظَهَرَ لَك الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَالصَّحِيحُ مِنْ الْفَاسِدِ .
( تَنْبِيهٌ ) لَيْسَ الْخِلَافُ فِي هَذِهِ
[ ص: 140 ] الْقَاعِدَةِ مُطْلَقًا فِي جَمِيعِ فُرُوعِهَا بَلْ فُرُوعُهَا ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ : قِسْمٌ أَجْمَعَ النَّاسُ فِيهِ عَلَى الْحَمْلِ عَلَى أَعْلَى الرُّتَبِ وَهُوَ مَا وَرَدَ مِنْ الْأَوَامِرِ بِالتَّوْحِيدِ وَالْإِخْلَاصِ وَسَلْبِ النَّقَائِصِ وَمَا يُنْسَبُ إلَى الرَّبِّ تَعَالَى مِنْ التَّعْظِيمِ وَالْإِجْلَالِ فِي ذَاتِهِ وَصِفَاتِهِ الْعُلْيَا فَهَذَا الْقِسْمُ الْأَمْرُ فِيهِ مُتَعَلِّقٌ بِأَقْصَى غَايَتِهِ الْمُمْكِنَةِ لِلْعَبِيدِ وَمَعَ ذَلِكَ فَقَدْ قَالَ : عَلَيْهِ السَّلَامُ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=29793لَا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْك أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِك } وَقِسْمٌ أَجْمَعَ النَّاسُ فِيهِ عَلَى الْحَمْلِ عَلَى أَدْنَى الرُّتَبِ وَهُوَ الْأَقَارِيرُ فَإِذَا قَالَ : لَهُ عِنْدِي دَنَانِيرُ حُمِلَ عَلَى أَقَلِّ الْجَمْعِ وَهُوَ ثَلَاثَةٌ وَهُوَ أَدْنَى رُتَبِهَا مَعَ صِدْقِهَا فِي الْآلَافِ لِكَوْنِ الْأَصْلِ بَرَاءَةَ الذِّمَّةِ فَيُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ بِأَقَلِّ الرُّتَبِ وَلَيْسَ الْأَصْلُ إهْمَالَ جَانِبِ الرُّبُوبِيَّةِ بَلْ تَعْظِيمُهَا وَالْمُبَالَغَةُ فِي إجْلَالِ اللَّهِ تَعَالَى لِقَوْلِهِ تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=56وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إلَّا لِيَعْبُدُونِ } .
وَقَالَ مَعَ ذَلِكَ فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=91وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ } وَذَلِكَ يَقْتَضِي أَنَّ جَمِيعَ الْغَايَاتِ الَّتِي وَصَلُوا إلَيْهَا دُونَ مَا يَنْبَغِي لَهُ تَعَالَى مِنْ التَّعْظِيمِ وَالْإِجْلَالِ فَهَذَا هُوَ الْفَرْقُ بَيْنَ الْقِسْمَيْنِ الْقِسْمُ الثَّالِثُ مُخْتَلَفٌ فِيهِ وَهُوَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْمَسَائِلِ فَهَذَا تَلْخِيصُ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ عَلَى وَجْهٍ لَا يَلْتَبِسُ بَعْدَ ذَلِكَ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى .