( الفرق الرابع والمائة بين قاعدة أن
nindex.php?page=treesubj&link=20530_20560الفعل متى دار بين الوجوب والندب فعل ومتى دار بين الندب والتحريم ترك تقديما للراجح على المرجوح ، وبين قاعدة
nindex.php?page=treesubj&link=2536يوم الشك هل هو من رمضان أم لا )
فإنه يحرم صومه مع أنه إن كان من شعبان فهو مندوب وإن كان من رمضان فهو واجب فكان ينبغي أن يتعين صومه ، وبهذه القاعدة تمسك الحنابلة في صومه على وجه الاحتياط وهو ظاهر من هذه القاعدة ، ووافقنا
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبو حنيفة رضي الله عنهما .
وكان
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر رضي الله عنهما يصومه احتياطا لهذه القاعدة ثم إنا ناقضنا قاعدتنا فقلنا من شك في الفجر لا يأكل ويصوم مع أنه شاك في طريان الصوم كما شك أول الشهر في طريان الصوم فيهما سواء فإن قلنا بالصوم في الثاني دون الأول فهو إشكال آخر ، ويحتاج إلى الفروق القادحة المعتبرة في الموضعين
[ ص: 187 ] أما الأول فالجواب عنه وهو الفرق المقصود هاهنا أن
nindex.php?page=treesubj&link=2536_2448صوم يوم الشك عندنا دائر بين التحريم والندب فتعين الترك إجماعا على هذا التقدير ، وإنما قلنا إنه دائر بين التحريم والندب ؛ لأن النية الجازمة شرط وهي هاهنا متعذرة ، وكل قربة بدون شرطها حرام فصوم هذا اليوم حرام فإن كان من رمضان فهو حرام لعدم شرطه ، وإن كان من شعبان فهو مندوب فقد تبين أنه دائر بين التحريم والندب لا بين الوجوب والندب ، وهذا هو الفرق ومما يدل على تحريمه ما ورد في الحديث {
nindex.php?page=hadith&LINKID=36647من صام يوم الشك فقد عصى أبا القاسم } .
وأما الثاني فالجواب عنه أن رمضان عبادة واحدة وإنما الأكل بالليل رخصة لقوله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=185فمن شهد منكم الشهر فليصمه } والأمر ظاهر في صوم جميع الشهر فالأصل في الليل الصوم ، وكذلك كان في صدر الإسلام ثم رخص فيه فكان من نام لا يحل له بعد ذلك وطء امرأته حتى نزل قوله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=187علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم فتاب عليكم وعفا عنكم فالآن باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من [ ص: 188 ] الخيط الأسود من الفجر } ، فأباح الله تعالى المفطرات إلى هذه الغاية رخصة ، وإذا كان الأصل في الليل الصوم ثم استثني منه الليل المتيقن بقي المشكوك فيه على وفق الأصل فلذلك قلنا بوجوب صومه ، وشعبان الأصل فيه الفطر على عكس ليل رمضان فنفطره حتى نتيقن موجب الصوم فهو عكس ليل الصوم فظهر الجواب والفرق ومن هذا المنزع إذا
nindex.php?page=treesubj&link=2422_25894شك هل صلى ثلاثا أو أربعا فإنه يصليها مع أنها دائرة بين الرابعة الواجبة والخامسة المحرمة ، وإذا
nindex.php?page=treesubj&link=22398تعارض الواجب والمحرم قدم المحرم ؛ لأن التحريم يعتمد المفاسد .
والوجوب يعتمد المصالح وعناية صاحب الشرع والعقلاء بدرء المفاسد أشد من عنايتهم بتحصيل المصالح ، وكذلك إذا
nindex.php?page=treesubj&link=26890شك في وضوئه هل هي ثانية أو ثالثة فإنه يتوضأ ثالثة مع دورانها بين الثالثة المندوبة والرابعة المحرمة وهاهنا الترك أظهر من الشك في الصلاة ؛ لأن المندوب أخفض رتبة من الواجب .
والجواب عن الأول أنه موضع اتفاق فيما علمت بخلاف الوضوء لأن التحريم في الخامسة مشروط بتيقن الرابعة أو ظنها ، ولم يحصل ذلك فلم يحصل التحريم بل استصحب الوجوب من الدليل الدال على وجوب الأربع
[ ص: 189 ] وهو الإجماع والنصوص .
وأما التحريم في الوضوء في الرابعة فمشروط أيضا بتيقن الثالثة أو ظنها ولم يحصل فاستصحب الندب الناشئ عن الدليل الدال على الثلاث وهو فعله صلى الله عليه وسلم ، وقوله في ذلك فهذه قواعد في العبادات ينبغي الإحاطة بها لئلا تضطرب القواعد وتظلم على طالب العلم .
( الْفَرْقُ الرَّابِعُ وَالْمِائَةُ بَيْنَ قَاعِدَةِ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=20530_20560الْفِعْلَ مَتَى دَارَ بَيْنَ الْوُجُوبِ وَالنَّدْبِ فُعِلَ وَمَتَى دَارَ بَيْنَ النَّدْبِ وَالتَّحْرِيمِ تُرِكَ تَقْدِيمًا لِلرَّاجِحِ عَلَى الْمَرْجُوحِ ، وَبَيْنَ قَاعِدَةِ
nindex.php?page=treesubj&link=2536يَوْمُ الشَّكِّ هَلْ هُوَ مِنْ رَمَضَانَ أَمْ لَا )
فَإِنَّهُ يَحْرُمُ صَوْمُهُ مَعَ أَنَّهُ إنْ كَانَ مِنْ شَعْبَانَ فَهُوَ مَنْدُوبٌ وَإِنْ كَانَ مِنْ رَمَضَانَ فَهُوَ وَاجِبٌ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَتَعَيَّنَ صَوْمُهُ ، وَبِهَذِهِ الْقَاعِدَةِ تَمَسَّكَ الْحَنَابِلَةُ فِي صَوْمِهِ عَلَى وَجْهِ الِاحْتِيَاطِ وَهُوَ ظَاهِرٌ مِنْ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ ، وَوَافَقَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ nindex.php?page=showalam&ids=11990وَأَبُو حَنِيفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا .
وَكَانَ
nindex.php?page=showalam&ids=12ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يَصُومُهُ احْتِيَاطًا لِهَذِهِ الْقَاعِدَةِ ثُمَّ إنَّا نَاقَضْنَا قَاعِدَتَنَا فَقُلْنَا مَنْ شَكَّ فِي الْفَجْرِ لَا يَأْكُلُ وَيَصُومُ مَعَ أَنَّهُ شَاكٌّ فِي طَرَيَان الصَّوْمِ كَمَا شَكَّ أَوَّلَ الشَّهْرِ فِي طَرَيَان الصَّوْمِ فِيهِمَا سَوَاءٌ فَإِنْ قُلْنَا بِالصَّوْمِ فِي الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ فَهُوَ إشْكَالٌ آخَرُ ، وَيَحْتَاجُ إلَى الْفُرُوقِ الْقَادِحَةِ الْمُعْتَبَرَةِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ
[ ص: 187 ] أَمَّا الْأَوَّلُ فَالْجَوَابُ عَنْهُ وَهُوَ الْفَرْقُ الْمَقْصُودُ هَاهُنَا أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=2536_2448صَوْمَ يَوْمِ الشَّكِّ عِنْدَنَا دَائِرٌ بَيْنَ التَّحْرِيمِ وَالنَّدْبِ فَتَعَيَّنَ التَّرْكُ إجْمَاعًا عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ ، وَإِنَّمَا قُلْنَا إنَّهُ دَائِرٌ بَيْنَ التَّحْرِيمِ وَالنَّدْبِ ؛ لِأَنَّ النِّيَّةَ الْجَازِمَةَ شَرْطٌ وَهِيَ هَاهُنَا مُتَعَذِّرَةٌ ، وَكُلُّ قُرْبَةٍ بِدُونِ شَرْطِهَا حَرَامٌ فَصَوْمُ هَذَا الْيَوْمِ حَرَامٌ فَإِنْ كَانَ مِنْ رَمَضَانَ فَهُوَ حَرَامٌ لِعَدَمِ شَرْطِهِ ، وَإِنْ كَانَ مِنْ شَعْبَانَ فَهُوَ مَنْدُوبٌ فَقَدْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ دَائِرٌ بَيْنَ التَّحْرِيمِ وَالنَّدْبِ لَا بَيْنَ الْوُجُوبِ وَالنَّدْبِ ، وَهَذَا هُوَ الْفَرْقُ وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى تَحْرِيمِهِ مَا وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=36647مَنْ صَامَ يَوْمَ الشَّكِّ فَقَدْ عَصَى أَبَا الْقَاسِمِ } .
وَأَمَّا الثَّانِي فَالْجَوَابُ عَنْهُ أَنَّ رَمَضَانَ عِبَادَةٌ وَاحِدَةٌ وَإِنَّمَا الْأَكْلُ بِاللَّيْلِ رُخْصَةٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=185فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمْ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ } وَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ فِي صَوْمِ جَمِيعِ الشَّهْرِ فَالْأَصْلُ فِي اللَّيْلِ الصَّوْمُ ، وَكَذَلِكَ كَانَ فِي صَدْرِ الْإِسْلَامِ ثُمَّ رُخِّصَ فِيهِ فَكَانَ مَنْ نَامَ لَا يَحِلُّ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَطْءُ امْرَأَتِهِ حَتَّى نَزَلَ قَوْله تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=187عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمْ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنْ [ ص: 188 ] الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنْ الْفَجْرِ } ، فَأَبَاحَ اللَّهُ تَعَالَى الْمُفْطِرَاتِ إلَى هَذِهِ الْغَايَةِ رُخْصَةً ، وَإِذَا كَانَ الْأَصْلُ فِي اللَّيْلِ الصَّوْمَ ثُمَّ اُسْتُثْنِيَ مِنْهُ اللَّيْلُ الْمُتَيَقَّنُ بَقِيَ الْمَشْكُوكُ فِيهِ عَلَى وَفْقِ الْأَصْلِ فَلِذَلِكَ قُلْنَا بِوُجُوبِ صَوْمِهِ ، وَشَعْبَانُ الْأَصْلُ فِيهِ الْفِطْرُ عَلَى عَكْسِ لَيْلِ رَمَضَانَ فَنُفْطِرُهُ حَتَّى نَتَيَقَّنَ مُوجِبَ الصَّوْمِ فَهُوَ عَكْسُ لَيْلِ الصَّوْمِ فَظَهَرَ الْجَوَابُ وَالْفَرْقُ وَمِنْ هَذَا الْمَنْزَعِ إذَا
nindex.php?page=treesubj&link=2422_25894شَكَّ هَلْ صَلَّى ثَلَاثًا أَوْ أَرْبَعًا فَإِنَّهُ يُصَلِّيهَا مَعَ أَنَّهَا دَائِرَةٌ بَيْنَ الرَّابِعَةِ الْوَاجِبَةِ وَالْخَامِسَةِ الْمُحَرَّمَةِ ، وَإِذَا
nindex.php?page=treesubj&link=22398تَعَارَضَ الْوَاجِبُ وَالْمُحَرَّمُ قُدِّمَ الْمُحَرَّمُ ؛ لِأَنَّ التَّحْرِيمَ يَعْتَمِدُ الْمَفَاسِدَ .
وَالْوُجُوبَ يَعْتَمِدَ الْمَصَالِحَ وَعِنَايَةُ صَاحِبِ الشَّرْعِ وَالْعُقَلَاءِ بِدَرْءِ الْمَفَاسِدِ أَشَدُّ مِنْ عِنَايَتِهِمْ بِتَحْصِيلِ الْمَصَالِحِ ، وَكَذَلِكَ إذَا
nindex.php?page=treesubj&link=26890شَكَّ فِي وُضُوئِهِ هَلْ هِيَ ثَانِيَةٌ أَوْ ثَالِثَةٌ فَإِنَّهُ يَتَوَضَّأُ ثَالِثَةً مَعَ دَوَرَانِهَا بَيْنَ الثَّالِثَةِ الْمَنْدُوبَةِ وَالرَّابِعَةِ الْمُحَرَّمَةِ وَهَاهُنَا التَّرْكُ أَظْهَرُ مِنْ الشَّكّ فِي الصَّلَاةِ ؛ لِأَنَّ الْمَنْدُوبَ أَخْفَضُ رُتْبَةً مِنْ الْوَاجِبِ .
وَالْجَوَابُ عَنْ الْأَوَّلِ أَنَّهُ مَوْضِعُ اتِّفَاقٍ فِيمَا عَلِمْت بِخِلَافِ الْوُضُوءِ لِأَنَّ التَّحْرِيمَ فِي الْخَامِسَةِ مَشْرُوطٌ بِتَيَقُّنِ الرَّابِعَةِ أَوْ ظَنِّهَا ، وَلَمْ يَحْصُلْ ذَلِكَ فَلَمْ يَحْصُلْ التَّحْرِيمُ بَلْ اُسْتُصْحِبَ الْوُجُوبُ مِنْ الدَّلِيلِ الدَّالِّ عَلَى وُجُوبِ الْأَرْبَعِ
[ ص: 189 ] وَهُوَ الْإِجْمَاعُ وَالنُّصُوصُ .
وَأَمَّا التَّحْرِيمُ فِي الْوُضُوءِ فِي الرَّابِعَةِ فَمَشْرُوطٌ أَيْضًا بِتَيَقُّنِ الثَّالِثَةِ أَوْ ظَنِّهَا وَلَمْ يَحْصُلْ فَاسْتُصْحِبَ النَّدْبُ النَّاشِئُ عَنْ الدَّلِيلِ الدَّالِّ عَلَى الثَّلَاثِ وَهُوَ فِعْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَقَوْلُهُ فِي ذَلِكَ فَهَذِهِ قَوَاعِدُ فِي الْعِبَادَاتِ يَنْبَغِي الْإِحَاطَةُ بِهَا لِئَلَّا تَضْطَرِبَ الْقَوَاعِدُ وَتُظْلِمَ عَلَى طَالِبِ الْعِلْم .