( الفرق الخامس والخمسون والمائة بين قاعدة الأثمان في البياعات تتقرر بالعقود وبين قاعدة الصدقات في الأنكحة لا يتقرر شيء منهما بالعقود على المشهور من مذهب
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك )
وفيها ثلاثة أقوال
( أحدها ) عدم التقرر مطلقا وهو المشهور
( وثانيها ) التقرر مطلقا والطلاق مشطر
( وثالثها ) النصف يتقرر بالعقد والنصف الآخر غير متقرر حتى يسقط بالطلاق أو يثبت بالدخول أو الموت وأما أثمان البيعان فلم أعلم فيها خلافا وسر الفرق أن
nindex.php?page=treesubj&link=11156الصداق في النكاح شرط في الإباحة وشأن الشرط أن يتعين ثبوته عند ثبوت المشروط وليس الناس يقصدون بالصداق المعاوضة بل التجمل وصاحب الشرع أيضا لم يرد المعاوضة بدليل أنه لم يشترط فيه شروط الإعراض من نفي الجهالة للمرأة بل يجوز العقد على المجهولة مطلقا ولا يتعرض لتحديد مدة الانتفاع أيضا وذلك وشبهه دليل على عدم القصد إلى المعاوضة بل شرط الإباحة فلا يتقرر شيء إلا عند الدخول أو الموت لأن الصداق إنما التزم إلى أقصر الزوجين عمرا وليس الوطأة الأولى هي مقابلة الصداق بالعوضية لأنها ليست مقصود العقلاء بالصداق بشهادة العادة وإنما الشرع جعله شرطا لأصل الإباحة فمن لاحظ هذه القاعدة قال
[ ص: 142 ] بعدم التقرر مطلقا إلا بموت أو فراق أو دخول ومن لاحظ قاعدة أخرى وهي أن الأصل في الأعواض وجوبها بالعقود فإنها أسبابها والأصل ترتب المسببات على أسبابها فيجب الجميع بالعقد كثمن المبيع ومن لاحظ قاعدة أخرى وهي أن ترتيب الحكم على الوصف يدل على سببيته له وقد قال الله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=237وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم } فرتب النصف على الطلاق فيكون سببه فيجب النصف بالطلاق خاصة ويبقى التكميل موقوفا على سبب آخر وهو الموت أو الدخول فهذا تحرير الفرق بين البابين .
( الْفَرْقُ الْخَامِسُ وَالْخَمْسُونَ وَالْمِائَةُ بَيْنَ قَاعِدَةِ الْأَثْمَانِ فِي الْبِيَاعَاتِ تَتَقَرَّرُ بِالْعُقُودِ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ الصَّدَقَاتِ فِي الْأَنْكِحَةِ لَا يَتَقَرَّرُ شَيْءٌ مِنْهُمَا بِالْعُقُودِ عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ مَذْهَبِ
nindex.php?page=showalam&ids=16867مَالِكٍ )
وَفِيهَا ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ
( أَحَدُهَا ) عَدَمُ التَّقَرُّرِ مُطْلَقًا وَهُوَ الْمَشْهُورُ
( وَثَانِيهَا ) التَّقَرُّرُ مُطْلَقًا وَالطَّلَاقُ مُشَطَّرٌ
( وَثَالِثُهَا ) النِّصْفُ يَتَقَرَّرُ بِالْعَقْدِ وَالنِّصْفُ الْآخَرُ غَيْرُ مُتَقَرِّرٍ حَتَّى يَسْقُطَ بِالطَّلَاقِ أَوْ يَثْبُتَ بِالدُّخُولِ أَوْ الْمَوْتِ وَأَمَّا أَثْمَانُ الْبَيْعَانِ فَلَمْ أَعْلَمْ فِيهَا خِلَافًا وَسِرُّ الْفَرْقِ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=11156الصَّدَاقَ فِي النِّكَاحِ شَرْطٌ فِي الْإِبَاحَةِ وَشَأْنُ الشَّرْطِ أَنْ يَتَعَيَّنَ ثُبُوتُهُ عِنْدَ ثُبُوتِ الْمَشْرُوطِ وَلَيْسَ النَّاسُ يَقْصِدُونَ بِالصَّدَاقِ الْمُعَاوَضَةَ بَلْ التَّجَمُّلُ وَصَاحِبُ الشَّرْعِ أَيْضًا لَمْ يُرِدْ الْمُعَاوَضَةَ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَمْ يَشْتَرِطْ فِيهِ شُرُوطَ الْإِعْرَاضِ مِنْ نَفْيِ الْجَهَالَةِ لِلْمَرْأَةِ بَلْ يَجُوزُ الْعَقْدُ عَلَى الْمَجْهُولَةِ مُطْلَقًا وَلَا يَتَعَرَّضُ لِتَحْدِيدِ مُدَّةِ الِانْتِفَاعِ أَيْضًا وَذَلِكَ وَشَبَهُهُ دَلِيلٌ عَلَى عَدَمِ الْقَصْدِ إلَى الْمُعَاوَضَةِ بَلْ شَرْطُ الْإِبَاحَةِ فَلَا يَتَقَرَّرُ شَيْءٌ إلَّا عِنْدَ الدُّخُولِ أَوْ الْمَوْتِ لِأَنَّ الصَّدَاقَ إنَّمَا اُلْتُزِمَ إلَى أَقْصَرِ الزَّوْجَيْنِ عُمُرًا وَلَيْسَ الْوَطْأَةُ الْأُولَى هِيَ مُقَابَلَةُ الصَّدَاقِ بِالْعِوَضِيَّةِ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مَقْصُودَ الْعُقَلَاءِ بِالصَّدَاقِ بِشَهَادَةِ الْعَادَةِ وَإِنَّمَا الشَّرْعُ جَعَلَهُ شَرْطًا لِأَصْلِ الْإِبَاحَةِ فَمَنْ لَاحَظَ هَذِهِ الْقَاعِدَةَ قَالَ
[ ص: 142 ] بِعَدَمِ التَّقَرُّرِ مُطْلَقًا إلَّا بِمَوْتٍ أَوْ فِرَاقٍ أَوْ دُخُولٍ وَمَنْ لَاحَظَ قَاعِدَةً أُخْرَى وَهِيَ أَنَّ الْأَصْلَ فِي الْأَعْوَاضِ وُجُوبُهَا بِالْعُقُودِ فَإِنَّهَا أَسْبَابُهَا وَالْأَصْلُ تَرَتُّبُ الْمُسَبَّبَاتِ عَلَى أَسْبَابِهَا فَيَجِبُ الْجَمِيعُ بِالْعَقْدِ كَثَمَنِ الْمَبِيعِ وَمَنْ لَاحَظَ قَاعِدَةً أُخْرَى وَهِيَ أَنَّ تَرْتِيبَ الْحُكْمِ عَلَى الْوَصْفِ يَدُلُّ عَلَى سَبَبِيَّتِهِ لَهُ وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=237وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ } فَرَتَّبَ النِّصْفَ عَلَى الطَّلَاقِ فَيَكُونُ سَبَبَهُ فَيَجِبُ النِّصْفُ بِالطَّلَاقِ خَاصَّةً وَيَبْقَى التَّكْمِيلُ مَوْقُوفًا عَلَى سَبَبٍ آخَرَ وَهُوَ الْمَوْتُ أَوْ الدُّخُولُ فَهَذَا تَحْرِيرُ الْفَرْقِ بَيْنَ الْبَابَيْنِ .