الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
( تنبيه )

القياس في الربويات اختلف فيه هل هو قياس شبه أو قياس علة فقياس العلة يكون الجامع فيه وصفا مناسبا كالإسكار بين الخمر والنبيذ فإن فساد العقل مناسب للتحريم لعظم المفسدة فيه وقياس الشبه أما في شبه الحكم كقياس الوضوء على التيمم في وجوب النية ؛ لأنهما طهارتان ، والطهارة حكم شرعي أو الشبه في الصورة كقياس الخل على الدهن في منع إزالة النجاسة به أو في المقاصد كقياس الأرز على البر بجامع اتحادهما في المقصود منهما عادة وإن لم نطلع على أن ذلك المقصد يناسب منع الربا فإن ضابط المناسب ما يتوقع من ترتيب الحكم عليه حصول مصلحة أو درء مفسدة كترتيب تحريم الخمر على الإسكار لدرء مفسدة ذهاب العقل وإيجاب القصاص لتحصيل مصلحة حفظ النفس فهل المناسبة حاصلة من كون هذه الأعيان شريفة بالقوت أو رءوس الأموال وقيم المتلفات فناسب أن لا يبدل واحد منها باثنين .

ويناسب أيضا تكثير الشروط كما تقدم بيانه أو يقال هذا شبه والأظهر أنه من باب قياس العلة لا من باب قياس الشبه ( تنبيه ) قال ابن رشد في كتاب القواعد الذين قصروا الربا على الستة إما منكرو القياس وهم الظاهرية أو منكرو قياس الشبه خاصة وأن القياس في هذا الباب شبه فلم يقولوا به وهو القاضي أبو بكر الباقلاني فلا جرم لم يلحق بما ذكر في الحديث إلا الزبيب فقط ؛ لأنه من باب لا فارق وهو قياس المعنى وهو غير قياس الشبه وقياس العلة ؛ لأنه مثل إلحاق الذكور بالإناث من الرقيق في تشطير الحدود ؛ لأن قوله تعالى { فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب } لم يتناول الذكور فألحقوا بهن لعدم الفارق خاصة لا لحصول الجامع ، وكذلك ألحق بالعبد الأمة في التقويم في العتق لقوله صلى الله عليه وسلم { من أعتق شركا له في عبد } فلحق به الأمة ؛ لأنه لا فارق بينهما فهذا نوع آخر غير قياس الشبه وقياس المعنى لم يجزه القاضي أبو بكر إلا بين التمر والزبيب دون بقية الستة فهذا تلخيص الفرق بين قاعدة ما فيه الربا وقاعدة ما لا ربا فيه وحكاية المذاهب في ذلك ومداركها ليحصل الاطلاع على جميع ذلك [ ص: 264 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية