( تفريع ) أذكر فيه المعطوفات من الشروط فإن فلا ترتيب بين هذين الشرطين باتفاق الفرق بل أيهما وقع قبل صاحبه اعتبر ولا بد من وقوع الآخر بعده فإنهما معا جعلا شرطين في الطلاق ولم يجعل أحدهما شرطا في الآخر . قال : إن أكلت وإن لبست فأنت طالق
والجواب لهما معا بخلاف القسم الأول الجواب للأول فقط [ ص: 84 ] فإن تعين أن يكون المتأخر متأخرا والمتقدم متقدما عكس المنسوق بغير حرف العطف وهو كقوله تعالى { قال : إن أكلت فلبست فأنت طالق فإذا أحصن فإن أتين بفاحشة فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب } فالزنى منهن متأخر كما هو في اللفظ وكذلك إن أكلت ثم لبست وإن أكلت حتى إن لبست يقتضي اللفظ تأخير اللبس مع تكرر الأكل قبله لأن القاعدة أن المغيا لا بد أن يثبت قبل الغاية ويتكرر إليها وإن أكلت بل إن لبست فأنت طالق لا يلزمه الطلاق إلا باللبس وقد ألغي الأكل بالإضراب عنه ببل والشرط الثاني وحده وإن لم تأكلي لكن إن لبست فأنت طالق فالشرط الثاني وحده وقد ألغي الأول بلكن لأنها للاستدراك وإن أكلت لا إن لبست فأنت طالق فالشرط الأول وحده ولا تطلق إلا به لأن لا لإبطال الثاني وإن أكلت أو لبست فأنت طالق فالشرط أحدهما لا بعينه فأيهما وقع لزم به الطلاق وكذلك أي تعليق طلاقه متنوع بهذين النوعين فيلزم الطلاق بأحدهما ولم يبق من حروف العطف إلا أم وهي متعذرة في هذا الباب لأنها للاستفهام والمستفهم غير جازم بشيء والمعلق لا بد أن يكون جازما فالجمع بينهما محال وقد ذكر أنت طالق أما إن أكلت وأما إن شربت في المهذب هذه الفروع بالواو والفاء وثم وصرح في الواو بأنها تطلق بكل واحد منهما طلقة قال : لأن حروف الشرط قد تكرر فوجب لكل واحد منهما جزاء فتطلق بكل واحد منهما طلقة وما قاله غير لازم بل يكون حرف العطف يقتضي مشاركة الثاني للأول في أنه شرط في هذا الجزاء والتشريك بالعاطف إنما يقتضي أصل المعنى دون متعلقاته وظروفه وأحواله فإذا قلت : مررت بزيد قائما وعمرو لم يلزم أنك مررت بعمرو قائما أيضا كذلك نص عليه النحاة وكذلك مررت بزيد يوم الجمعة أو أمامك وعمرو . الشيخ أبو إسحاق
[ ص: 85 ] لا يلزم التشريك إلا في أصل المرور فقط وكذلك اشتريت هذا الثوب بدرهم والفرس لا يلزم الاشتراك في الدرهم لأنه متعلق بل في أصل الفعل خاصة ومقتضى هذه القاعدة أن التشريك إنما يلزم في هذه المسألة في أصل الشرطية دون ما بعده من الجزاء فالتزام التشريك في الجميع التزام ما لم يلزم وبقي في الفاء وثم مراعاة التعقيب في الفاء والتراخي في ثم لم أرهم تعرضوا له وقالوا : إن لم يقع الثاني عقيب الأول في صورة الفاء لم يقع طلاق ولا إن لم يتراخ الثاني عن الأول في صورة ثم لم يقع طلاق وذلك هو مقتضى اللغة غير أنهم قد يكونون لم يعتبروا ذلك لأن العادة ألغته وأمر الأيمان مبني على العوائد .