الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
        معلومات الكتاب

        الجامع لأحكام الوقف والهبات والوصايا

        خالد المشيقح - أ.د/ خالد بن علي بن محمد المشيقح

        صفحة جزء
        المسألة الثانية: إذا لم يقارن الأخذ نية:

        إذا أخذ الوالد ما وهب لولده دون نية منه في الرجوع، فإن هذا لا يعد رجوعا عند جميع القائلين بصحة رجوع الوالد فيما وهب لولده.

        الرجوع بالفعل:

        اختلف الفقهاء في جواز الرجوع في الهبة بالفعل، كأن يبيع العين الموهوبة، أو يهبها لآخر، أو يعتقها، ونحو ذلك من التصرفات على أقوال:

        القول الأول: عدم جواز الرجوع بالفعل في الهبة.

        وبه قال الحنفية، وهو الأصح عند الشافعية، وهو المذهب عند الحنابلة.

        القول الثاني: أن الرجوع بالفعل لا يصح، إلا إذا علم أن الواهب أراد به الرجوع كما إذا أشهد الوالد شهودا أنه قصد بفعله الرجوع في الهبة. [ ص: 119 ]

        وبه قال المالكية.

        القول الثالث: جواز الرجوع في الهبة مطلقا.

        وهو قول عند الشافعية.

        الأدلة:

        دليل القول الأول: أن ملك الموهوب له ثابت يقينا فلا يزول إلا بيقين، وهو صريح القول من الواهب، فإن لم يحصل منه لفظ، فلا يزول ملك الموهوب له.

        دليل القول الثاني: أن تصرف الأب ببيع الموهوب يحتمل أنه رأى أن البيع أولى، وأصلح للولد، فباعه لحصول ثمن أفضل، أو خاف فسادا يلحق تلك الهبة، ونحو ذلك من الاحتمالات، ولكنه إذا أشهد على نية الرجوع اندفعت هذه الاحتمالات.

        دليل القول الثالث: أن الرجوع بالفعل يشبه فسخ البيع زمن الخيار بالفعل، فكما أن البيع زمن الخيار فسخ، فكذا الهبة يزول حكمها بالتصرف الدال على الرجوع.

        ونوقش هذا الاستدلال: بأنه قياس مع الفارق; وذلك أن الملك زمن الخيار في البيع ضعيف، فأمكن نسخه بالفعل، بخلاف ملك الموهوب له فملكه كامل، بدليل نفوذ تصرفاته فيه. [ ص: 120 ]

        الترجيح:

        الراجح -والله أعلم- هو القول الأول; وذلك أن التصرفات الفعلية تحتمل عدة احتمالات، فلا بد من القرينة، أو النية، أو اللفظ الذي يخصص ويبين هذه الاحتمالات. [ ص: 121 ]

        التالي السابق


        الخدمات العلمية