الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                                      التحصيل لفوائد كتاب التفصيل الجامع لعلوم التنزيل

                                                                                                                                                                                                                                      المهدوي - أبو العباس أحمد بن عمار المهدوي

                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      وقوله تعالى: وما نقموا إلا أن أغناهم الله ورسوله من فضله أي: لم ينقموا شيئا، ومعنى: {أغناهم} : كثر أموالهم.

                                                                                                                                                                                                                                      الطبري: كان المنافق الذي قال كلمة الكفر -وهو الجلاس- قد قتل له مولى؛ فأعطاه الله تعالى ديته، فأغناه.

                                                                                                                                                                                                                                      قتادة: كانت لعبد الله بن أبي دية؛ فأخرجها رسول الله صلى الله عليه وسلم.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله تعالى: فإن يتوبوا يك خيرا لهم : روي: أن الجلاس قام حين نزلت هذه الآية، فاعترف، وتاب.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله تعالى: ومنهم من عاهد الله الآية:

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 280 ] نزلت هذه الآية في ثعلبة بن حاطب الأنصاري، سأل النبي صلى الله عليه وسلم أن يدعو الله تعالى له أن يرزقه مالا؛ فخوفه فتنة المال؛ فألح في السؤال؛ فدعا له، فاتخذ غنما، فنمت حتى ضاقت بها أزقة المدينة؛ فتنحى بها، وعطل الصلوات، وانقطع عن الجماعات، ومنع ما يجب في المال من الواجبات، ورد السعاة لما بعثوا إليه؛ فنزلت الآية فيه، وجاء النبي صلى الله عليه وسلم؛ فلم يقبل منه، ثم جاء أبا بكر، ثم عمر، ثم عثمان؛ فلم يقبل واحد منهم منه، ومات في خلافة عثمان.


                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: فأعقبهم نفاقا في قلوبهم : قيل: المعنى: أعقبهم الله، وقيل:

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 281 ] [المعنى: أعقبهم ذلك بحرمان التوبة كفعله بإبليس]، وقيل: المعنى: أعقبهم البخل...

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله تعالى: الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين في الصدقات والذين لا يجدون إلا جهدهم : قيل: يعني به: أبا عقيل جثجاثا، جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم بصاع من تمر، وقال: يا رسول الله؛ أصبت صاعين من تمر؛ فأقرضت أحدهما ربي، وأمسكت الآخر لنفسي، فأمره أن ينثره في الصدقة؛ فسخر منه المنافقون، وقالوا: والله إن الله لغني عن هذا الصاع، ولكن أبا عقيل أراد أن يذكر بنفسه.

                                                                                                                                                                                                                                      ومعنى: {جهدهم} : طاقتهم، وحقيقة (الجهد) : الحمل على النفس بالمشقة.

                                                                                                                                                                                                                                      سخر الله منهم أي: جازاهم على سخريتهم.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله تعالى: فرح المخلفون بمقعدهم خلاف رسول الله : هذا في غزوة تبوك، تخلف عن النبي صلى الله عليه وسلم فيها نيف وثمانون رجلا.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 282 ] ومعنى خلاف رسول الله : بعده، عن أبي عبيدة، وقيل: هو مصدر (خالف) ، وقيل: معناه: من أجل خلاف رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فانتصابه على أنه مفعول له.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله تعالى: لا تنفروا في الحر : كانت غزوة تبوك في حين شدة الحر.

                                                                                                                                                                                                                                      فليضحكوا قليلا وليبكوا كثيرا : قال الحسن: فليضحكوا قليلا : في الدنيا، وليبكوا كثيرا : في جهنم، وهو تهدد ووعيد.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله تعالى: فإن رجعك الله إلى طائفة منهم إلى قوله: فاقعدوا مع الخالفين : قال ابن عباس: (الخالفون) : من تخلف من المنافقين.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: الرجال الضعفاء، والنساء؛ فغلب المذكر.

                                                                                                                                                                                                                                      الحسن، وقتادة: النساء والصبيان.

                                                                                                                                                                                                                                      الطبري: (الخالفون) : أهل الفساد، من قولهم: (خلف الرجل على أهله يخلف خلوفا) ؛ إذا فسد عليهم، ومنه: "خلوف فم الصائم..."، وقد تقدم.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله تعالى: ولا تصل على أحد منهم مات أبدا : روي: (أن النبي عليه الصلاة والسلام صلى على ابن أبي قبل نزول هذه الآية، وألبسه قميصه) ، قاله ابن عباس، وابن عمر، وغيرهما، وقال أنس بن مالك: (أراد أن يصلي عليه، فأخذ [ ص: 283 ] جبريل عليه السلام بثوبه، وقال: ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ولا تقم على قبره ) .

                                                                                                                                                                                                                                      رضوا بأن يكونوا مع الخوالف : قال مجاهد، وقتادة: يعني: النساء، غيرهما: {الخوالف} : أخساء الناس، وأدنياؤهم.

                                                                                                                                                                                                                                      والخوالف: جمع (خالفة) ، ويقال: (فلان خالفة أهله) ؛ إذا كان دونهم.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله تعالى في وصف المجاهدين: وأولئك لهم الخيرات : قال الحسن: يعني: النساء الحسان، وقيل: معناه: الفواضل من كل شيء.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية