مذهب الإمام كراهة لأهل المدينة ارتياد القبر الشريف
وكره مالك لأهل المدينة، كلما دخل الإنسان المسجد أن يأتي قبر النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ لأن السلف لم يكونوا يفعلون ذلك، ولن يصلح آخر هذه الأمة إلا ما أصلح أولها. وكان الصحابة والتابعون يأتون إلى مسجد النبي -صلى الله عليه وسلم- فيصلون، فإذا قضوا الصلاة، قعدوا وخرجوا، ولم يكونوا يأتون القبر للسلام، لعلمهم أن الصلاة والسلام [عليه] -عليه السلام والصلاة- في الصلاة أكمل وأفضل. وأما دخولهم عند قبره للصلاة والسلام عليه هناك، أو للصلاة والدعاء، فلم يشرع لهم، بل نهاهم عنه في قوله: فبين أن الصلاة تصل إليه من بعد، وكذا السلام، ولعن من لا تتخذوا قبري عيدا، وصلوا علي، فإن صلاتكم تبلغني»، وكانت الحجرة في زمانهم يدخل إليها من الباب، إذا كانت اتخذ قبور الأنبياء مساجد. -رضي الله عنها- فيها، وبعد ذلك إلى أن بني الحائط الآخر، وهم مع ذلك التمكن من الوصول إلى قبره -صلى الله عليه وسلم- لا يدخلون إليه، لا لسلام، ولا لصلاة، [ ص: 559 ] ولا لدعاء لأنفسهم ولا لغيرهم، ولا لسؤال عن حديث أو علم، ولا كان الشيطان يطمع فيهم حتى يسمع كلاما، أو سلاما، فيظنون أنه كلمهم وأفتاهم وبين لهم الأحاديث، أو أنه قد رد عليهم السلام بصوت يسمع من خارج، كما طمع الشيطان في غيرهم، فأضلهم عند قبره الشريف وقبر غيره، حتى ظنوا أن صاحب القبر يأمرهم وينهاهم، ويفتيهم ويحدثهم في الظاهر، وأنه يخرج من القبر، ويرونه خارجا من القبر، ويظنون أن نفس أبدان الموتى خرجت تكلمهم. فإن روح الميت تجسدت لهم فرأوها كما رآهم النبي -صلى الله عليه وسلم- ليلة المعراج. والمقصود: أن عائشة كما يفعله من بعدهم من الخلوف. وإنما كان يأتي أحدهم من خارج، فيسلم عليه إذا قدم من سفر، كما كان الصحابة لم يكونوا يعتادون الصلاة والسلام عليه -صلى الله عليه وسلم- عند قبره الشريف -رضي الله عنه- يفعله. ابن عمر
عن قال: كان نافع إذا قدم من سفر، أتى قبر النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: السلام عليك يا رسول الله، السلام عليك يا ابن عمر السلام عليك يا أبتاه، ثم ينصرف. قال أبا بكر، عبيد الله بن عمر: ما نعلم أحدا من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- فعل ذلك إلا . وهذا يدل على أنه لا يقف عند القبر للدعاء إذا سلم كما يفعله كثير من الناس. قال: لأن ذلك لم ينقل عن أحد من الصحابة، فكان بدعة محضة. ابن عمر