لم يكن أحد من السلف يقصد قبور الأنبياء للدعاء والصلاة عندها
ولم يكن أحد من سلف الأمة في عصر الصحابة، ولا التابعين، ولا تابعي التابعين يتخيرون ويسألونهم، ولا يستغيثون بهم، لا في مغيبتهم ولا عند قبورهم، وكذلك العكوف. الصلاة والدعاء عند قبور الأنبياء
كما ذكره السائل، ويستغيث به عند المصائب: يا سيدي فلان! كأنه يطلب منه إزالة ضره أو جلب نفعه، وهذا حال النصارى في ومن أعظم الشرك أن يستغيث الرجل بميت أو غائب المسيح وأمه، وأحبارهم ورهبانهم.
ومعلوم أن خير الخلق وأكرمهم على الله نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.
وأعلم الناس بقدره وحقه أصحابه، ولم يكونوا يفعلون شيئا من ذلك، لا في مغيبه، ولا بعد مماته. وهؤلاء المشركون يضمون إلى الشرك الكذب; فإن الكذب مقرون بالشرك.
وقد قال تعالى: فاجتنبوا الرجس من الأوثان واجتنبوا قول الزور حنفاء لله غير مشركين به [الحج: 30].
وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "عدلت شهادة الزور بالإشراك بالله، مرتين، أو ثلاثة".
وقال تعالى: إن الذين اتخذوا العجل سينالهم غضب من ربهم وذلة في الحياة الدنيا وكذلك نجزي المفترين [الأعراف: 152]. وقال الخليل - عليه السلام -: أإفكا آلهة دون الله تريدون فما ظنكم برب العالمين [الصافات: 89-87].
[ ص: 20 ] فمن كذبهم أن أحدهم يقول عند شيخه: إن المريد إذا كان بالمغرب، وشيخه بالمشرق، وانكشف غطاؤه، رد عليه، وإن الشيخ إن لم يكن كذلك لم يكن شيخا.
وقد تغويهم الشياطين كما تغوي عباد الأصنام، كما كان يجري في العرب في أصنامهم، ولعباد الكواكب وطلاسمها، من الشرك والسحر، كما يجري للترك، والهند، والسودان وغيرهم من أصناف المشركين، من إغواء الشياطين ومخاطبتهم، ونحو ذلك.
فكثير من هؤلاء قد يجري له نوع من ذلك، لا سيما عند سماع المكاء والتصدية، فإن الشياطين قد تنزل عليهم، وقد يصيب أحدهم كما يصيب المصروع من الإرغاء، والإزباد، والصياح المنكر، ويكلمه بما لا يعقل هو والحاضرون، وأمثال ذلك مما يمكن وقوعه في هؤلاء الضالين.