فصل [في السلم في الخيل والبغال والحمير]
ويجوز لجماله والآخر لسرعته، فتكون حينئذ مبايعة. سلم الفرس الواحد في الفرس إذا كان يرغب في أحدهما
فإن تساويا في السبق وأحدهما أجمل أو أردأ، أو تساويا في الجمال أو السمانة أو الرداءة وأحدهما أسبق لم يجز؛ لأنه إذا كان الفضل من أحدهما لم تكن مبايعة إلا أن يختلف العدد وتكون كثرة العدد في جنبة أدناهم في السبق أو الجمال أو غيره فيكون مبايعة، فيكون قد ترك هذا الجودة لمكان فضل العدد في الآخر.
واختلف في البغال والحمير: فقال كره ذلك ابن القاسم: [ ص: 2883 ] مالك.
وكأنه رآهما صنفا واحدا، وجعلهما صنفين، يجوز سلم أحدهما في الآخر. ابن حبيب
والقول الأول أحسن؛ لأن منافعهما متقاربة إما أن تراد للحمل أو للركوب، وليس يفترقان إلا من باب جودة ودناءة، والبغال في معنى الجيد، والحمير في معنى الدنيء، فلا يسلم حمار في بغل؛ لأنه من باب سلف بزيادة، ولا بغل في حمار؛ لأنه ضمان بجعل، ويجوز أن يسلم بغلا في حمارين أو أكثر، فتكون الجودة في مقابلة كثرة العدد.
ويجوز أن فلم ير ذلك يسلم بغلا للركوب في أقوى منه يراد للحمل، وحمارا قويا يراد للحمل في أقل حمل منه إذا كان يراد للركوب وللسرج، واختلف في سرعة السير، محمد شيئا.
وقال إذا اختلفا في سيرهما كاختلاف سير الخيل جاز سلم أحدهما في الآخر، قال: لأن فضل السير هو الذي يراد من البغال والحمير وهو أحسن، ولا شك أنه زيادة فضل، ويزاد في الثمن لأجله إذا كان سيرا بينا والآخر معه في معنى الدنيء، فيسلم المسيار في اثنين دونه. عبد الملك:
وإسلام الصغار في الصغار على نحو ما تقدم في الكبار، فإن تساوت في السبق والجودة والمنفعة، لم يجز أن يسلم أحدهما في الآخر، ولا واحد في اثنين. [ ص: 2884 ]
وإن اختلف السن والجودة والمنفعة، جاز أن يسلم واحدا في واحد إذا كان أحدهما أسن والآخر أجود وأحسن منفعة، وإن رجح أحدهما بشيء واحد وتساويا فيما سوى ذلك لم يجز السلم إلا أن يختلف العدد، ويكون كثرة العدد في جنبة أصغرهما أو أدناهما.
وأما الكبار بالصغار فإن الإبل والبقر والبغال والحمير في ذلك سواء، يجوز أن يسلم كبير في صغيرين أو أكثر، وصغيران في كبير، فيكون كبير السن في مقابلة كثرة العدد.
ولا يجوز أن يسلم صغير واحد في كبير، ولا كبير في صغير، وهو من باب سلف بزيادة أو ضمان بجعل إلا أن يكون الصغير أحسن نجارا، أو أعتق أصلا فيجوز؛ لأنه ترك جودة الصغير لسن الكبير.
وقد قال في كتاب ابن القاسم محمد: لا بأس أن وأما إذا كان على وجه البيع فلا بأس به، قال: مثل أن يسلم الصغيران في الكبير، والكبير في الصغيرين، وإذا كان صغيرا واحدا فلا خير أن يسلم في كبير ولا في كبيرين؛ لأنه من وجه الزيادة في السلف. [ ص: 2885 ] تسلم الخيل كبارها في صغارها ما لم يكن على وجه سلف جر منفعة،
وهذا من قوله يبين ما تقدم من هذا الأصل أن المبايعة ما كان فيه معاوضة من الجنسين، وأجاز في موضع آخر أن يسلم حوليا في قارحين. وعند نحوه. ابن حبيب
ومحمل ذلك على أن الصغير أفضل في الأصل، والآخر من حاشي ذلك الجنس.