فصل [في التأخير اليسير في عقد السلم]
واختلف في التأخير في بيع الدين: فمنع ذلك في المدونة إلا على المناجزة .
وقال محمد: يجوز تأخيره اليوم واليومين والإقالة غير هذا . وهو أصوب، ولا فرق بين بيع الدين وعقد الدين، وهو السلم.
وقد اختلف في السؤالين جميعا وهو عقد السلم وبيعه، فقيل: يجوز تأخير ذلك اليوم واليومين. وقيل: لا يجوز أن يفترقا قبل أن يدفع فيهما جميعا، وهو أقيس، فإما أن يؤخذ بمجرد النهي عن بيع الكالئ بالكالئ، فلا يجوز أن يفترقا في السؤالين جميعا على أن الذمتين مشغولتان، ولا يجوز إلا أن يدفع هذا رأس المال، وهذا ثمن الدين، ويكون الدين في ذمة واحدة، أو يقال: إن تأخر هذا القدر معفو عنه في جنب أجل السلم وأجل الدين، فيجوز في الجميع. [ ص: 3057 ]
ولو وكذلك بيع الدين إذا كان الدين حالا، أو بقي من أجله هذا القدر، لم يجز تأخير رأس المال بحال، وكان دينا بدين، وإن ولى طعاما وكان دفع رأس المال فيه بفور العقد، كانت التولية فيه على مثل ذلك، ولا يجوز تأخير القبض. كان أجل السلم قريبا إلى يومين أو ثلاثة لم يجز أن يشترط تأخير رأس المال إلى يومين،
وإن كانا شرطا تأخير رأس مال السلم إلى ثلاثة أيام، وكانت التولية بفور العقد- لم يقبض رأس المال من المولى إلا بعد مضي ثلاثة أيام، فإن كانت التولية بعد مضي ثلاثة أيام جرت التولية على قولين:
أحدهما: أن إطلاق التولية يقتضي التأخير إلى مثل ذلك، وإن شرطا التعجيل فسدت.
والآخر: أنها تقتضي التعجيل والقبض بالحضرة، فإن شرط التأخير إلى مثل الأول فسدت. وهذا قياس على الشفعة إذا كان الشراء بثمن مؤجل، فقام الشفيع بعد انقضاء ذلك الأجل; لأن الشفيع إنما يستشفع بمثل ذلك الثمن، وكذلك التولية تجب بمثل ذلك الثمن أمرهما واحد. [ ص: 3058 ]