فصل [في وتأخيره حتى يحل الأجل عمدا أو مطلا] تأخير رأس مال السلم بعد الإقالة من غير شرط،
واختلف إذا كان الثمن عينا في الذمة، فأقاله فتراخى قبض رأس المال من غير شرط على ثلاثة أقوال: فمنعه في المدونة، ورءاه دينا بدين. وقال في كتاب مالك محمد: بل يتبعه بالدنانير، ولا يرجع في الطعام، قيل له: إن المشتري يقول: إن الإقالة لا تصلح مستأخرة فأنا أرجع في طعامي، قال: ليس ذلك له.
وقال إن كانا عملا على ذلك، أو كانا من أهل العينة، فسخت الإقالة، وإلا رأيت أن يلح عليه حتى يأخذ . أشهب:
وهذا أصوب فإن كانت تهمة فسخت الإقالة، وإن كان ذلك لسفر حدث أو غيره من العذر، أو كانا من أهل الدين والثقة، مضت الإقالة، وإن لم يكن دليل تهمة ولا براءة، كان هو موضع الخلاف المتقدم.
واختلف إذا تأخر رأس المال من غير شرط حتى حل الأجل، فقال أراه من الدين بالدين ولا يجوز، وأجازه في كتاب ابن القاسم: محمد.
وأرى أن يعتبر رأس مال السلم، فإن كان مثل ما كان سلم الناس جاز، وإن كان أكثر مثل ما يكون ثمنا لما يقبض يدا بيد، كان فاسدا، وذلك تهمة، وإن كان التأخير بهرب من أحدهما لم يفسد السلم. [ ص: 3059 ]
وقال إن كان التأخير من المسلم بمطل أو التراخي حتى حل الأجل، كان المسلم إليه بالخيار بين أن يقبض الثمن ويعطي ما عليه، أو يفسخ السلم; لأن السلم إنما أرخص لتعجيل الثمن قبل أوان حلوله وانتفاع المسلم إليه بثمنه، فإذا حرم ذلك لم يلزم دفع السلم . ابن حبيب:
وإن كان التأخير من سبب المسلم إليه حتى حل الأجل كان السلم لازما، وكذلك من باع طعاما بثمن إلى أجل فلم يقبض الطعام حتى حل الأجل، قاله وغيره. ابن القاسم
وقال في مختصر ما ليس في المختصر فيمن أسلم في حنطة ثم وجد درهما ناقصا انتقض من السلم بقدره، فعلى هذا ينتقض السلم إذا تأخر رأس المال وإن كان بهرب من أحدهما; لأن محمل الزائف والنقص على غير التهمة. [ ص: 3060 ] مالك