الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        فصل [في الرجل يقول لعبده : قد وهبت لك عتقك]

                                                                                                                                                                                        وإذا قال : أنت حر اليوم من هذا العمل كان كما قال ، ولم يكن له أن يستعمله في ذلك اليوم ، وذكر عن ابن يونس عن أشهب في الموازية أن له أن يستعمله في ذلك العمل أو غيره في ذلك اليوم وبعده ولو قال ، أنت حر من هذا العمل هذا الشهر أو هذه السنة لم يستخدمه فيها ، وكذلك لو قال : وهبتك خدمة هذا الشهر أو هذه السنة . قال سحنون : ولو قال : تصدقت عليك بعملك أو بخراجك أو بخدمتك حياتك كان حرا . [ ص: 3754 ]

                                                                                                                                                                                        قال الشيخ - رضي الله عنه - : ولو قال : لم أرد تبتيل العتق ، وإنما أردت أن يبقى رقيقا لما يكون من جناية أو ميراث فيرث بالرق دون ولده الحر ، لكان كما قال قياسا على أحد القولين في أم الولد إذا بطل منها الوطء : إنها لا تعتق .

                                                                                                                                                                                        قال سحنون : ولو قال : تصدقت عليك بخراجك وأنت حر بعد موتي كان كأم الولد . يريد : أنه يكون حرا من رأس المال . وقد اختلف في هذا الأصل في كتاب محمد هل يكون من الثلث أو من رأس المال؟

                                                                                                                                                                                        وقال ابن القاسم : فيمن قيل له في عبده : من رب هذا العبد؟ فقال : ما له رب إلا الله -عز وجل- ، أو قيل له : أمملوك هو؟ فقال : لا ، أو قيل له : هو لك؟ فقال : ما هو لي ، فقال : فلا شيء عليه في ذلك كله ، كمن قيل له : ألك امرأة؟ أو هذه امرأتك؟ فقال : لا ، فلا شيء عليه في ذلك كله إن لم يرد طلاقا ولا يمين عليه . وقال عيسى : يحلف فيه وفي العتق . وقال فيمن مر بأمته على عاشر فقال : هي حرة وهو لا يريد بذلك القول حرية ، لم يكن عليه شيء . يريد : إذا أراد بها حرة من الأصل . [ ص: 3755 ]

                                                                                                                                                                                        ولو قال له : لا أدعك إلا أن تقول : إن كانت أمة فهي حرة ، ففعل ، فإن قال ذلك بغير نية للعتق لم يلزمه شيء ، وإن نوى العتق وهو ذاكر أن له ألا ينويه كانت حرة; لأنه لم يكره على النية ، وإن لم تكن مهلة فيذكر الواجب في ذلك أو يعزل النية كانت حرة على أحد الأقوال في الإكراه على المال .

                                                                                                                                                                                        وقال ابن القاسم فيمن قال لأمته : أنت حرة ، ونوى الكذب فيما بينه وبين الله تعالى ، أو قال لامرأته : أنت طالق ، لزمه العتق والطلاق ولا تنفعه نيته في ذلك .

                                                                                                                                                                                        وقال أشهب في كتاب محمد : إذا قال : أنت حرة وقال : أردت أن أعتقها كذبا مني ولا بينة عليه ، فلا شيء عليه ، وكذلك إن قال لزوجته : إن تسررت عليك فأنت طالق ونوى الحمل ، فلا شيء عليه . يريد : طلق [ ص: 3756 ] الولادة . وقول أشهب في هذا أحسن; لأنه لفظ بغير نية إذا صدقته الأمة أو الزوجة في ذلك ، فإن كذبتاه فيما ادعى من النية لزمه العتق والطلاق .

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية