الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        باب إذا زوج الرجل أمته فاتت بولد لأقل من ستة أشهر، وكيف إذا أصابها السيد بعد إصابة الزوج، فاتت بولد لأكثر من ستة أشهر؟

                                                                                                                                                                                        وقال ابن القاسم فيمن زوج أمته، ودخل بها الزوج، ثم أتت بولد لأقل من ستة أشهر: إن الولد لا يلحق بالزوج، والنكاح فاسد، فإن كان السيد مقرا بالوطء لحق به إلا أن يدعي استبراء.

                                                                                                                                                                                        قال الشيخ: وإن أتت به لستة أشهر فأكثر، وقد وطئها السيد وزوجها قبل الاستبراء كان فيها ثلاثة أقوال: فقيل: تدعى له القافة؛ لأن الولد ملك، وهو قول مالك وروي عن ابن القاسم، وقال أيضا: هو للثاني وإن كان بين الوطئين يوم.

                                                                                                                                                                                        وقال محمد بن مسلمة: هو للأول؛ لأنه صحيح، والثاني فاسد، وإن صح النكاح؛ لأنه كان بعد الاستبراء وأصاب الزوج، ثم أصاب السيد بعده في طهر واحد، فقال مالك: الولد للزوج، وفرق بين أن يتقدم الملك أو النكاح، فإن تقدم الملك دعي له القافة، وإن تقدم النكاح كان للأول. وبيان ذلك يأتي فيما بعد إن شاء الله -عز وجل. [ ص: 4044 ]

                                                                                                                                                                                        واختلف بعد القول إنه للأول فيما يفرق بين الوطئين فيصيره للسيد على ثلاثة أقوال:

                                                                                                                                                                                        قول أصبغ في كتاب محمد: إذا كان بين الوطئين شهر وهو قدر حيضة كان للثاني. وقال المغيرة: إذا كان بينهما ما لا يحمل له النساء؛ لأنه قال فيمن اشترى أمة فوطئها فحملت، ثم علم أن لها زوجا قال: إن طالت غيبته لمثل ما لا يحمل له النساء لم يكن الولد للزوج، فإن كانت الغيبة على غير ذلك مما لا يدرى هل هو من الزوج أو من المشتري؟ كان للزوج إلا أن ينفيه بلعان، ثم يقال للأمة: ما تقولين؟ فإن قالت: هو من السيد كان ذلك لها، ولا لعان عليها ولا حد. وقول ابن الماجشون في ثمانية أبي زيد: إذا كان الزوج قد أبق، وطالت غيبته، فأصابها المشتري فحملت، وولدت أولادا، فإن كان السيد عالما، كانوا للزوج إلا أن يلاعن فيلحقون بالسيد، وإن كان غير عالم كانوا للسيد.

                                                                                                                                                                                        وقول أصبغ في الشهر ضعيف؛ لأن مضي ذلك القدر لا يرفع الشك في حملها من الأول، والشك قائم هل حاضت أم لا؟ والولادة لستة أشهر نادر، ومضي تسعة أشهر من وطء الأول لا يدل على براءتها منه، ولا يسقط به حكم الفراش الصحيح، وذلك قول المغيرة: إنه للأول إلا أن يكون بينهما ما لا تحمل لمثله، إلا أن يحمل قوله: لا تحمل لمثله في غالب العادة، وهو التسعة أشهر والعشرة، والغالب إذا جاوزت الوضع المعتاد أن الأول يسقط، وأنه من الثاني. [ ص: 4045 ]

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية