باب في بيع النجاسات واستعمالها وأكل ما استعملت فيه
والأصل في منع حديث جابر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: بيع النجاسات أخرجه "إن الله ورسوله حرم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام. فقيل: يا رسول الله، أرأيت شحوم الميتة، فإنه تطلى بها السفن ويستصبح بها؟ فقال: لعن الله اليهود، حرمت عليهم الشحوم، فباعوها وأكلوا أثمانها". البخاري ومسلم.
وبيع النجاسات على وجهين: محرم ومختلف فيه، هل يجوز أو يكره أو يحرم؟ واستعمالها على وجهين: جائز ومختلف فيه، وكذلك أكل ما استعملت فيه جائز ومختلف فيه، هل يجوز أو يمنع؟ كالخمر والميتة ولحومها وشحومها ولحم الخنزير، والأصل في ذلك الحديث المتقدم. فبيع كل نجاسة لا تدعو الضرورة إلى استعمالها، ولا تعم بها البلوى حرام،
على ثلاثة أقوال: فقال واختلف فيما تدعو الضرورة إلى استعماله، كالرجيع وزبل الدواب يتخذ للبساتين كره ابن القاسم: مالك لأنها نجس ولا أحفظ عنه في الزبل شيئا، إلا أنه كره العذرة لأنها نجسة؛ فكذلك [ ص: 4251 ] الزبل، وأنا لا أرى ببيعه بأسا. بيع العذرة؛
فساوى بينهما، وأجاز ابن القاسم وإن كان عنده نجسا، لما كانت الضرورة تدعو إلى استعماله، فكذلك العذرة يجوز على أصله بيعها. بيع الزبل
وقال في الزبل: المشتري فيه أعذر من البائع، وأما العذرة فلا خير فيها. أشهب
وقال في كتاب محمد في العذرة بيعها للاضطرار والعذر جائز، والمشتري أعذرهما.
وقال محمد بن عبد الحكم: ما عذر الله أحدا منهما، وأمرهما في الإثم واحد.
فأجيز في القول الأول؛ لأنه مما تدعو الضرورة إليه، لإصلاح البساتين، فلو أسقط العوض عنها لم يتكلف أحد صيانتها وسرحت، وأدى ذلك إلى المضرة لمن احتاج إليها، وفسدت أموالهم، وكرهه في القول الآخر؛ لأنه ليس من مكارم الأخلاق، أخذ الأعواض عن مثل هذا، ومنع في القول الثالث قياسا على الأصل في سائر النجاسات وما ورد في الحديث.