باب في قضاء من فاتته بعض صلاة الإمام
اختلف عن -رحمه الله- فيمن مالك فقال: ما أدرك فهو آخر صلاته ويقضي أولها . أدرك بعض صلاة الإمام،
وقال أيضا: ما أدرك فهو أولها ويأتي بآخرها ويكون بانيا .
وتختلف على قوله هذا نية الإمام والمأموم; فالإمام في آخر صلاته والمأموم ينوي أولها، وعلى قوله الآخر يكون في صلاته على حكم إمامه، وهي آخرة لهما جميعا.
وقال فيمن مالك فإنه يقوم بتكبير; لأنه وسط صلاته . فجعل الذي أدرك أولها، وعلى القول الآخر أن ما أدركه هو آخرها، فيكون وسط صلاته الركعة الثانية من اللتين يأتي بهما. أدرك مع الإمام ركعتين فسلم الإمام:
وقال فيمن أدرك ركعة من المغرب: تصير صلاته كلها جلوسا .
وهذا أيضا على القول أن الذي أدرك أولها وأنه الذي يأتي بآخرها.
وقال : لو كان ما يقضيه أول صلاته لوجب ألا يجلس للركعتين اللتين يقضيهما مرتين . أبو محمد عبد الوهاب
وهذا الذي قاله صحيح، وقياس قوله أنه آخرها يأتي بركعتين ولا يجلس [ ص: 375 ] إلا في الآخرة، وقد سلم أنه يقرأ في الركعتين جهرا وإنما يجهر في الأولين.
وقد قال في التلقين: من فاته بعض صلاة الإمام فإنه يقضي الأولى كما فعل الإمام . ومفهوم قوله أنه يفعل مثل فعله في الحركات; القيام والقعود. أبو محمد عبد الوهاب
وقال أيضا في الإشراف: ما أدرك آخر صلاته وما فاته أولها. وهذا هو الأولى والمشهور من قول مالك، وروي عنه أن ما أدرك فهو أول صلاته وما فاته فهو آخرها وهو قول الشافعي . انتهى قوله.
وهذا يرد على قول من قال: إن القولين يرجعان لشيء واحد وأنه يكون في القراءة قاضيا، وفي القيام والجلوس بانيا; لأن المسألة مسألة اختلاف بين الشافعية والحنفية وكل واحد منهم يناظر على صحة قوله. وقد قيل: إن قال بالقولين جميعا، ولا وجه له أيضا ، إلا أن تكون الركعة الواحدة أولى في القراءة ثانية في الجلوس وثانية في القراءة وثالثة في القيام، فأما أن يقال: إن الذي يأتي به أولها، فيكون ذلك في القراءة والقيام، أو آخرها فيكون [ ص: 376 ] أيضا في الوجهين جميعا. مالكا
وأما قول فيمن أدرك ركعة من الظهر فسلم الإمام وقام للقضاء ، فإنه يقرأ بأم القرآن وسورة فإذا ركع وسجد جلس; لأن ذلك وسط صلاته، ثم إذا قام أتى بركعة فقرأ فيها بأم القرآن وسورة - فإنما أجاب على القول أن الذي أدرك أولها. مالك
وأرى أن يحتاط في الركعة الثالثة بزيادة سورة مع أم القرآن; مراعاة للخلاف. وأرى أن يكون قاضيا في جميع هذه المسائل; لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: . وفي حديث آخر: " فاقضوا" . فمفهوم قوله: " وما فاتكم" أي: ما سبقكم به الإمام فصلوه، وذلك يوجب أن يأتي به حسب ما كان الإمام يفعله، ولقوله: " فاقضوا" . وهذا نص منه - عليه السلام - على أن الذي يأتي به هو الذي سبق به الإمام، وإليه يرجع قوله: " فأتموا" ; لأن من قضى فقد أتم، ومن لم يقض لم يتم. " فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا"
واختلف في الفذ يسقط سجدة من أول ركعة أو من الثانية، فقال وغيره: يكون بانيا. ففرق بين الفذ وبين المأموم. [ ص: 377 ] ابن القاسم
وقال ابن وهب في مدونته: يكون قاضيا ويأتي بركعة يقرأ فيها بأم القرآن وسورة، وسجوده بعد السلام. وأشهب
وأرى أن كل ركعة تبقى على ما كان نوى، ويأتي بالتي أسقط منها السجدة، وقاله فيمن ابن القاسم قال: لا يجزئه هذا السجود من سجود الأولى; لأنه نيته في هذا السجود إنما كان لركعة ثانية . صلى وركع ونسي السجود ثم صلى الثانية وسجد ونسي منها الركوع،
ومن أدرك من صلاة الإمام ركعتين كبر إذا استوى قائما، وإن أدرك ركعة أو ثلاثا قام بغير تكبير، وقال ابن الماجشون : بتكبير. والأول أحسن; لأن التكبير للرفع من السجود; أي: وإن كنت عفرت وجهي في الأرض لله تعالى فإنه أكبر وحقه أعظم. [ ص: 378 ]