باب إذا شهدت البينة بحق لله تعالى أو لآدمي، وحدث ما يسقطها قبل أداء الشهادة أو قبل الحكم أو بعده
وإذا أو أخذوا يشربون الخمر، أو على فاحشة، أو قذفوا رجلا، أو قتلوا قتيلا، كان في المسألة أربعة أقوال: شهد شاهدان على رجل بالسرقة، فحبس المشهود عليه ثم فسدت حالتهم، فارتدوا بعد أداء الشهادة،
فقال إن أحدثوا ذلك قبل الحكم لم يحكم بها، وإن أحدثوا ذلك بعد الحكم وقبل أن يقام، مضى، ويقطع إن كانت الشهادة في سرقة، وإن كانت بقتل اقتص منه أو بمال أخذ منه. ابن القاسم:
وقال مطرف في كتاب وأصبغ مثل ذلك ابن حبيب: . إذا كانت الشهادة بحق لآدمي بمال أو قتل أو قذف، فإنه يمضى عليه ولا ترد وإن كانت بحق لله تعالى. يريد، سرقة أو زنا أو حرابة لم يمض عليه وردت
وقال محمد: إذا شهدت البينة وكتبها لتعدل أو تجرح فأحدثوا شيئا مما يخفيه بعض الناس مثل الزنا والشرب والسرقة، لم يحكم بها، وإن قذف إنسانا فضرب قبل أن يقع الحكم بها أو قتل قتيلا على نائرة أو اقتتل هو [ ص: 6064 ] ومن شهد عليه، لم تسقط وقضي بها; لأن ذلك مما لا يخفيه.
وقال في كتاب ابن الماجشون لو كان قد أشهد قوما على شهادته أو سمعوها منه قبل ثم عاداه فشهد عليه بها بعد العداوة، كانت جائزة، وكذلك كل ما أحدثه مما لا يستتر به مما يجرحه مثل القذف وشبهه، فإن شهادته جائزة إذا كانت قد قيدت قبل ذلك. فأجاز الشهادة وإن كان في حين الأداء لها مستجرحا لما علمت منه قبل ذلك وهو في حال العداوة، وهذا خلاف المعروف من المذهب. ابن حبيب:
وأرى أن لا تمضي الشهادة إذا شهد عليهم بالزنا أو بشرب الخمر وإن كان قد حكم بها، وسواء كانت الشهادة بحق لله -عز وجل- أو بحق لآدمي; لأن ذلك مما يدل على تقدم مثل ذلك، ولو قيل: إنه ينقض الحكم، وإن كان قد أخذ الحق أو غيره بشهادتهم، لكان له وجه، بمنزلة ما لو علم ذلك منهم قبل الحكم، وأما الارتداد وما لا يخفيه في الغالب، فلا ترد الشهادة إذا كانت لآدمي، ولا تمضي إذا كانت حق الله -عز وجل-; لأن هناك شبهة هل ذلك لسوء اعتقاده أو لشك؟ فيدرأ الحد للشبهة. [ ص: 6065 ]