باب فيمن قتل عمدا ثم قتله رجل أو قطع بعض أعضائه خطأ أو عمدا أو قطع هو بعض أعضاء غيره خطأ أو عمدا ومن قطع عضوا من إنسان عمدا ثم قتله رجل خطأ أو عمدا
وإذا كان الأمر فيه إلى أولياء الأول، يأخذون الدية في الخطأ، ويقتلون قاتله إذا كان قتله عمدا . قتل رجل رجلا عمدا، ثم قتل القاتل خطأ أو عمدا
وقال عند مالك محمد: إذا قتل خطأ لا شيء لأولياء الأول والدية لأوليائه . والقول الأول أبين; لأن أولياء الأول استحقوا نفسه فكانوا أحق بما يكون عنها من دية أو قصاص، ولم يختلف أن لأولياء الأول أن يقتلوه دون أولياء الثاني، وأن لهم أن يعفوا عن دمه على مال يكون لهم، قال إلا أن يرضي أولياء الثاني أولياء الأول فيكون لهم أن يقتصوا . [ ص: 6486 ] مالك:
واختلف في ذلك الرضا ، فقال إذا بذلوا الدية لم يلزمهم قبولها، فإن أبوا سلم القاتل إليهم . وقال ابن القاسم: في المبسوط: لولي الثاني أن يدفع الدية إلى أولياء الأول ويقتص هو لنفسه. وقول ابن الماجشون أحسن; لأن أولياء الأول استحقوا دمه، وأخذ العوض عن ذلك مبايعة موقوفة على ما تراضوا عليه، وإن قطعت يد القاتل خطأ أو عمدا كان عقلها للقاتل إذا قطعت خطأ، ويقتص في العمد ، وإن قطع هو يد آخر خطأ تحمل عاقلته ديتها، وإن قطعها عمدا لم يقتص منه. ابن القاسم
وقال والقتل يأتي على ذلك كله، والقياس أن يقتص صاحب اليد من يده، وتبقى النفس لأولياء المقتول . مالك:
واختلف إذا قطع يد رجل عمدا، ثم قتل القاطع خطأ أو عمدا فصالح أولياؤه في العمد على مال فقيل: لا شيء لمن قطعت يده; لأن الدية إنما أخذت عن النفس.
وقال محمد: إن أخذوا الدية في الخطأ أو العمد فللمقطوعة يده حقه من ذلك. والقول الأول أبين; لأن الدية عن النفس كما قال ولم تؤخذ عن اليد، قال في كتاب ابن القاسم محمد فيمن قطع يد رجل من المنكب فعدى رجل على القاطع فقطع كفه: أنه يقال لمن قطع من المنكب إن شئت اقتصصت من قاطع [ ص: 6487 ]
قاطعك ولم تقتص منه إلا من المنكب فقط ولا شيء على قاطعك، وإن شئت فاقطع قاطعك من منكبه فقط لا يكون لك غيره وتخلي بينه وبين من قطع كفه فيقتص لنفسه .
قال محمد: بل يكون المقطوع الأول من المنكب أحق بقطع كف القاطع الآخر، ثم يقطع ما بقي من حقه من منكب قاطعه.
قال الشيخ -رحمه الله-: وقول محمد في هذا أحسن; لأن الأول استحق جميع ذلك العضو. [ ص: 6488 ]