باب في تقاسم الأولياء ومنازلهم ومن المقدم منهم قبل
والولاية تنصرف إلى ثمانية أقسام: ولاية نسب، وولاية إسلام، ومولى أعلى، ومولى أسفل، ووصي، وحاكم، ومن له بالمتزوجة تربية وقيام، والمالك بالرق.
ثم هم على منازل: فولاية النسب مقدمة على جميع من ذكرنا إلا الوصي والمالك.
ثم ولاية النسب هم على منازل : فأولاهم الأب، ثم الأخ، وابن الأخ وإن سفل، ثم الجد، ثم العم، ثم ابن العم وإن سفل. والبكر والثيب في هذا سواء إلا أن يكون للثيب ولد أو ولد ولد، فيقدم على الأب ولا حق للأخ للأم ولا للعم للأم في ذلك إلا من باب ولاية الإسلام.
واختلف في الأخوين أحدهما شقيق والآخر لأب فقال في "الكتاب": هما سواء . وقال مالك وغيرهما في "كتاب وابن القاسم ": الشقيق أولى . ويجري الجواب في أبنائهما، وفي العمين أحدهما شقيق والآخر للأب، وفي أبنائهما على نحو ذلك، ويختلف فيه كالاختلاف في الأخوين. ابن حبيب
وقوله في "كتاب " أحسن. ابن حبيب
والشقيق أحق بأخته; لأنه يدلي بزيادة رحم يستحق بها الميراث، والصلاة، [ ص: 1783 ] والولاء دون من يشاركه بالأبوة بانفرادها. وذكر القاضي عن أبو الحسن علي بن القصار ، أنه قال: "يجوز للأخ أن يزوج أخته الثيب مع وجود الأب" ، وهو قول مرغوب عنه. والمعروف من قول مالك في ذلك أن عقد الأخ يمضي إذا نزل، ليس أنه يجعل له ذلك ابتداء . مالك
وإذا لم يكن عم ولا ابن عم، فالرجل من العصبة، ثم من البطن، ثم من العشيرة، ثم ولاية الإسلام.
والمولى الأعلى مقدم على المولى الأسفل، والمولى الأعلى والأسفل مقدمان على ولاية الإسلام، وتقدم عليهما ولاية النسب.
ويستحب للمرأة إذا لم يكن لها ولي نسب أن توكل من المسلمين رجلا دينا فاضلا ولا توكل غير عدل، ويختلف إذا وكلت سفيها على ما تقدم في ولاية النسب، وروي عن - رضي الله عنه - أنه قال: "يزوج المرأة وليها أو ذو الرأي من أهلها أو السلطان" . [ ص: 1784 ] عمر بن الخطاب
واختلف في معنى قوله: (ذو الرأي من أهلها) . فقيل: هو الرجل له الصلاح والفضل. وقيل: هو الوجيه الذي له رأي ومن يرجع إليه في الأمور . وكلا القولين يحتمل أن يكون هو المراد.
واختلف أيضا في معنى قوله: (من أهلها) . فقال ابن نافع عن : هو الرجل من العصبة . وقال مالك عنه: هو الرجل من العشيرة . ابن القاسم
وقال في "كتاب ابن الماجشون ": هو الرجل من البطن . وعصبة الرجل أقاربه من قبل الرجال، ثم البطن، وهو أوسع من العصبة، ثم الفخذ، بإسكان الخاء، ثم القبيل. ابن حبيب
واختلف في الولي ووصي الأب، أيهما أحق بالعقد؟ فقال مالك : الوصي أحق ويشاور الولي . وابن القاسم
وقال في "مختصر ما ليس في المختصر"، عبد الملك بن الماجشون ومحمد بن عبد الحكم : لا يزوج الوصي إلا أن يكون وليا، وقال في "السليمانية": قال غير سحنون من أصحابنا: الأولياء أولى بالعقد من الوصي . ابن القاسم
وهذا القول أحسن; لأن الوصي أجنبي من الناس، وإنما هو وكيل على النظر في المال. فإن قيل: إن الأب استخلفه وأقامه مقامه، قيل: ولاية الأب في [ ص: 1785 ] البضع قد انقطعت بموته. وإنما ولايته في ذلك ما كان حيا، ولو كان حقه في الولاية باقيا بعد موته لكان له أن يستخلف من يزوج الثيب من بناته متى أحبت التزويج وإن بعد عشرين سنة، ويستخلف من يزوج المزوجة منهن متى طلقت وأحبت التزويج.
والوصي أولى بالعقد من السلطان; لأنهما متساويان في أن لا نسب لهما. وللوصي مزية لما جعل له من النظر والقيام، إلا أن يكون مقاما من قبل السلطان فيكون السلطان أولى بذلك منه، إلا أن يكون جعل له الإنكاح فيعقد من غير مطالعة له.
وإن كان ولي نسب وسلطان كان ولي النسب أولى إذا كان قريب النسب، كابن العم والرجل من العصبة، إذا كان ممن يستحق الميراث عند عدم من يحجبه كالقيام بالدم.
واختلف إذا كان بعيد النسب; فالظاهر من المذهب: أن ولي النسب أحق. وقال : السلطان أولى من الرجل من البطن . عبد الملك بن الماجشون