فصل [في أولياء المرأة يختلفون في تولي العقد]
وإذا كان للمرأة أولياء، وهم في المنزلة سواء: إخوة أو بنو إخوة أو أعمام أو بنو أعمام، فاختلفوا أيهم يتولى العقد؟ فقال في "الكتاب": ينظر السلطان في ذلك . وقال : ذلك إلى أفضلهم، فإن استووا في الفضل [ ص: 1786 ] فأسنهم، فإن استووا في الفضل والسن فذلك إلى جميعهم يجتمعون على العقد عليها . عبد الملك بن حبيب
قال الشيخ -رحمه الله-: ولو قيل: إن ذلك إلى جميعهم من غير مراعاة الفضل ولا السن لكان حسنا; لأن إدخاله في الجماعة لا يؤدي إلى وصم في النكاح، ولا على من معه ممن ليس مثله في المنزلة معرة. وفي إخراجه وصم عليه وفساد لنفسه من غير ضرورة تدعو إلى ذلك.
واختلف إذا اختلفت منزلتهم فعقده الأبعد، على أربعة أقوال: فقال في "المدونة" : النكاح باطل ، ولا مقال للأقرب فيه . قاله إذا زوج الأخ مع وجود الأب وكانت ثيبا كان جائزا . مالك
وقال : يجوز تزويج ذي الرأي من أهلها مع وجود الأخ، وابن الأخ والجد وقال ابن القاسم قال بعض الرواة ينظر السلطان في ذلك، وقال آخرون: للأقرب أن يجيز أو يرد إلا أن يتطاول الأمر أو تلد الأولاد . وقال سحنون: : للأقرب أن يفسخه أو يمضيه ما لم يبن بها، فإن بنى بها واطلع على عورتها لم يفسخ. عبد الملك بن حبيب
وجملة هذا الاختلاف راجع إلى قولين: هل تقدمة الأقرب من باب أولى، [ ص: 1787 ] أو ذلك حق له كالقيام بالدم؟
ولم يختلفوا: أن النكاح جائز لا يتعلق به فساد، وإنما الاختلاف: هل يتعلق به حق لآدمي أم لا؟ فجعله ، مالك من باب أولى . وكذلك من قال: ينظر السلطان في ذلك، فيحمل الجواب على أن الأقرب ادعى أنها وضعت نفسها في دناءة أو فيما يدركها منه معرة أو مضرة، فينظر السلطان فيما يقوله، ولو اعترف أنها لم تضع نفسها في دناءة ولا حيث تدركها منه معرة يمضي النكاح ولم يفتقر فيه إلى نظر السلطان. وابن القاسم
ومن قال: له فسخه، جعل التقدمة حقا له يفسخه وإن كان النكاح سدادا، ما لم يتعلق بذلك وجه يدركها في الفسخ مضرة، وهو اطلاعه عليها أو كشفه إياها، وقد يجعل له فسخه وإن طال الأمد إذا كان ذلك الزوج ممن تدرك الأولياء منه معرة أو مضرة. وإن كانت المرأة ممن لا قدر لها مضى النكاح ولم يفسخ العقد قولا واحدا.