الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين

مرتضى الزبيدي - محمد بن محمد الحسيني الزبيدي

صفحة جزء
بيان الآداب ، والسنن الخارجة ، عن الترتيب السابق .

الذي يعم جميع النهار ، وهي سبعة أمور .

الأول أن ؛ : يحضر مجالس العلم بكرة أو بعد العصر ولا يحضر مجالس القصاص فلا خير في كلامهم .

ولا ينبغي أن يخلو المريد في جميع يوم الجمعة عن الخيرات والدعوات حتى توافيه الساعة الشريفة وهو في خير .

التالي السابق


(بيان الآداب، والسنن الخارجة، عن الترتيب السابق الذي يعم) ؛ أي: يشمل (جميع النهار، وهي سبعة أمور؛ الأولى: أن يحضر مجالس العلم) ؛ أي: الشرعي كالفقه في دين الله بتعلم الأحكام الشرعية، وآكدها ما يتعلق بالعبادات البدنية ثم المالية، وأرفعها تعلم علم اليقين، والمعرفة بالله تعالى. وأوقات الحضور ثلاثة؛ إما أن يكون (بكرة) ؛ أي: في أول النهار، فقد استحبه بعض العلماء تيمنا بالبكور، ويتم له التبكير إلى الجمعة، وحضور مجلس العلم، ولا بد من النيتين، وإلا فلا يتم له إلا واحد منهما (أو) يكون حضوره (بعد العصر) ؛ أي: بعد الفراغ من صلاته، وهو وقت التفرغ من الأشغال الدنيوية، فيكون قد أخذ لنفسه راحة، خصوصا إذا كان مشغولا بخدمة، أو كسب على عيال، فلا يمكنه في أول النهار، والغالب على الوقت الذي بعد العصر التفرغ (أو) يكون (بعد الصلاة) ؛ أي: صلاة الجمعة، وحينئذ فليتفرغ من أكل طعام إن لم يكن صائما قبل الغدو إلى المسجد ليكون أدعى لنشاطه في سماع

[ ص: 277 ] ما يلقى من العلم، وأما من كان من عادته تناول الطعام بعد الصلاة، كما هو عليه الناس الآن، فلا يمكنه الحضور في مجالس العلم بعد الصلاة؛ لأن خاطره متعلق بتناول شيء من الزاد، وهذه الأوقات الثلاثة هي المعتبرة في حضور مجالس العلم، ويختلف حكمها باختلاف أحوال السامعين، وهناك وقتان آخران يلحقان بهؤلاء الثلاثة، وهما وقت الهجير قبل الزوال بساعة أو أكثر في أيام الصيف، أو أقل في أيام الشتاء إن لم يتفرغ في بكرة النهار لاشتغاله بغسل السنة، أو غسل رأسه، أو غسيل ثيابه، خصوصا للأعزب فيتكلف الخروج إلى موضع بعيد يغسل فيه ثيابه، والثاني: بعد صلاة المغرب إلى العشاء إن لم يمكنه التفرغ عن أشغاله، وهذا أوفق لأهل الكسب، والكد، فإنهم يتفرغون في مثل هذا الوقت، ويحصل له ثواب الصلاتين في جماعة، وثواب حضور العلم، فليس هو بأقل أجرا ممن جمع بين البكور، وحضور العلم، ولما كانت العمدة غالبا على الأوقات الثلاثة اقتصر عليها المصنف، ثم إن المراد بالعلماء الذين أمر بحضور مجالسهم هم العلماء بالله الذين يعلمون الناس أحكام الشريعة، وما يتعلق بعباداتهم، فيحضر مجالسهم ليستفيد بهم علما إلى علم (ولا يحضر مجالس القصاص) ، وهم الذين يقصون على الناس بأخبار الأمم السالفة، وحكاياتهم، ويترفعون على الكراسي، ويشغلون الناس عن ذكر الله تعالى (فلا خير في كلامهم) ؛ لأنه لا يخلو من موضوع وباطل ومصنوع وزور وبهتان، (ولا ينبغي أن يخلو المريد) في طريق الآخرة (في جميع يوم الجمعة) ، وإن لم يكن بالمسجد (عن الخيرات) ؛ أي: أمور الخير من التصدق، وإعانة المحتاج، وإغاثة الملهوف، ونصر المظلوم، والسلام على المؤمنين، ورده عليهم وإرشاد الطريق للحائر، وإماطة الأذى عن الطريق، وحضور الجنائز، وتشميت العاطس، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وفصل المتخاصمين، والحلم، وتحسين الخلق، والشفقة، ولين الجانب، وحفظ اللسان، والبصر، وغيرها من أمور الخير (والدعوات) الواردة في الكتاب والسنة، بأن يكون لسانه رطبا بها جاريا عليها من غير تكلف ومشقة، مع الإخلاص، وحسن المراقبة (حتى توافق الساعة الشريفة) الموعود بها في يوم الجمعة (وهو في خير) ، وعلى خير .




الخدمات العلمية