الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين

مرتضى الزبيدي - محمد بن محمد الحسيني الزبيدي

صفحة جزء
الخامس : أن يقيل من يستقيله فإنه لا يستقيل إلا متندم مستضر بالبيع ولا ينبغي أن يرضى لنفسه أن يكون سبب استضرار أخيه قال صلى الله عليه وسلم : من أقال نادما صفقته أقال الله عثرته يوم القيامة ، أو كما قال .

التالي السابق


(الخامس: أن يقيل من يستقيله) أي: يطلب منه الإقالة، قال المطرزي: الإقالة في الأصل فسخ البيع، وألفه واو، أو ياء، فإن كانت واوا فاشتقاقه من القول، فإن الفسخ لا بد فيه من قيل وقال، وإن كانت ياء فيحتمل نحته من القيلولة (فإنه لا يستقيل إلا متندم) وهو الذي فعل شيئا ثم كرهه (مستضر بالبيع) قد وجد نفسه مغبونا فيه .

(ولا ينبغي) للمؤمن (أن يرضى لنفسه أن يكون سبب استضرار أخيه) المؤمن، فقد (قال صلى الله عليه وسلم: من أقال نادما صفقته) أي: وافقه على [ ص: 504 ] نقضها، وأجابه إليه، يقال: أقاله يقيله إقالة، وتقايلا، إذا فسخا البيع، وعاد المبيع إلى مالكه، والثمن إلى المشتري، إذا ندم أحدهما، أو كلاهما، وتكون الإقالة في البيعة، والعبد أيضا، كما في النهاية (أقال الله عثرته) أي: رفعه من سقوطه (يوم القيامة، أو كما قال) هكذا هو في النسخ، وهذا يقال تأدبا في رواية الحديث، عسى أن يكون زل في حكاية متنه، وليس هو من لفظ الحديث .

قال العراقي: رواه أبو داود، والحاكم من حديث أبي هريرة، وقال: صحيح على شرط مسلم، اهـ .

قلت: وكذا رواه ابن ماجه، والبيهقي، كلهم من طريق يحيى بن يحيى، عن حفص بن غياث، عن الأعمش بن أبي صالح، عن أبي هريرة، ووجد في بعض نسخ المستدرك للحاكم: هو على شرطهما، وكذا قال ابن دقيق العيد، وصححه أيضا ابن حزم في المحلى، لكن الحافظ في اللسان نقل تضعيفه عن الدارقطني، ثم إن لفظ المذكورين: من أقال مسلما أقال الله تعالى عثرته. وعند ابن حبان: أقاله الله عثرته يوم القيامة. وفي زوائد المسند، لعبد الله بن أحمد، عن ابن معين، بلفظ: من أقال عثرته أقاله الله يوم القيامة. وروى ابن حبان في النوع الثاني من القسم الأول من صحيحه، من طريق ابن معين أيضا، بلفظ: من أقال نادما بيعة أقال الله عثرته يوم القيامة. ورواه البيهقي من طريق داهر بن نوح، عن عبد الله بن جعفر المدني عن العلاء، عن أبيه، عن أبي هريرة، رفعه: من أقال نادما أقاله الله يوم القيامة. وعبد الله مجمع على ضعفه، فلعل تضعيف الدارقطني المشار إليه، إنما هو لهذا السند، وعند ابن النجار من حديث أبي هريرة: من أقال أخاه المؤمن من عثرته في الدنيا أقال الله عثرته يوم القيامة. ورواه عبد الرزاق، عن معمر بن يحيى بن أبي كثير، مرسلا: من أقال مسلما بيعا أقاله الله نفسه يوم القيامة. إلخ. ورواه البيهقي من طريق معمر، فقال: عن محمد بن واسع، عن أبي صلاح، عن أبي هريرة، ومن هذا الوجه رواه الحاكم في علوم الحديث، وقال: لم يسمعه معمر: عن محمد: ولا محمد: عن أبي صالح.




الخدمات العلمية