الباب الثاني في . حقوق الأخوة والصحبة
اعلم أن عقد الأخوة رابطة بين الشخصين كعقد النكاح بين الزوجين وكما يقتضي النكاح حقوقا يجب الوفاء بها قياما بحق النكاح كما سبق ذكره في كتاب آداب النكاح ، فكذا فلأخيك عليك حق في المال والنفس وفي اللسان والقلب بالعفو والدعاء وبالإخلاص والوفاء وبالتخفيف وترك التكلف والتكليف ، وذلك يجمعه ثمانية حقوق . عقد الأخوة
: الحق الأول :
في المال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : مثل الأخوين مثل اليدين تغسل إحداهما الأخرى .
وإنما شبههما باليدين لا باليد والرجل لأنهما يتعاونان على غرض واحد فكذا الأخوان إنما تتم أخوتهما إذا ترافقا في مقصد واحد فهما من وجه كالشخص الواحد وهذا يقتضي المساهمة في السراء والضراء والمشاركة في المآل والحال وارتفاع الاختصاص والاستئثار .
والمواساة بالمال مع الأخوة على ثلاث مراتب .
أدناها أن تنزله منزلة عبدك أو خادمك فتقوم بحاجته من فضلة مالك فإذا سنحت له حاجة وكانت عندك فضلة عن حاجتك أعطيته ابتداء ولم تحوجه إلى السؤال فإن أحوجته إلى السؤال فهو غاية التقصير في حق الأخوة .
الثانية أن تنزله منزلة نفسك وترضى بمشاركته إياك في مالك ونزوله منزلتك حتى تسمح بمشاطرته في المال قال الحسن كان أحدهم يشق إزاره بينه وبين أخيه .
الثالثة : وهي العليا أن تؤثره على نفسك وتقدم حاجته على حاجتك وهذه مرتبة الصديقين ومنتهى درجات المتحابين .