الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين

مرتضى الزبيدي - محمد بن محمد الحسيني الزبيدي

صفحة جزء
وقال قتادة إذا ذبحت العقيقة أخذت صوفة منها فاستقبلت بها أوداجها ثم توضع على يافوخ الصبي حتى يسيل عنه مثل الخيط ثم يغسل رأسه ويحلق بعد .

التالي السابق


(وقال) أبو الخطاب (قتادة) بن دعامة السدوسي البصري راوي حديث العقيقة في سياق أبي داود بلفظ: "ويدمي" بدل "ويسمي" لما سأل عن التدمية قال: (إذا ذبحت العقيقة أخذت صوفة منها فاستقبل بها أوداجها) أي: تلك الذبيحة (ثم توضع) تلك الصوفة (على يافوخ الصبي حتى يسيل منها) وفي نسخة منه (مثل الخيط ثم يغسل رأسه ويحلق بعده) وهذا كان في الجاهلية واستمر زمنا في صدر الإسلام ثم نسخ، وأمرهم النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يجعلوا مكان الدم خلوقا ويتصدق بزنة شعره ذهبا أو فضة؛ ولذلك كره الجمهور التدمية، وقد ذكر الحافظ الاختلاف في الحديث السابق فقال منهم من قال: ويدمي ويحلق رأسه بدل ويسمي ثم قال: والأصح يسمي، وقال ابن المنذر: تكلم في حديث سمرة الذي فيه ويدمي، وانتصر ابن حزم لهذه الرواية وأثبتها، وقال: لا بأس أن يمس بشيء من دم العقيقة، وحكاه ابن المنذر عن الحسن وقتادة ثم قال: وأنكر ذلك غيرهم وكرهه، وممن كرهه الزهري ومالك والشافعي وأحمد وإسحاق وكذلك نقول وفي حديث عائشة أن أهل الجاهلية كانوا يخضبون قطنة يوم العقيقة فإذا حلقوا وضع على رأسه فأمرهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يجعلوا مكان الدم خلوقا، وثبت أنه قال: أهريقوا منه دما وأميطوا عنه الأذى. فإذا كان قد أمر بإماطة الأذى عنه والدم أذى فغير جائز أن ينجس رأس الصبي. اهـ .

وروى الديلمي والبيهقي من حديث سلمان بن عامر -رضي الله عنه- ورفعه "الغلام مرتهن بعقيقته فأهريقوا منه الدم وأميطوا عنه الأذى" ونقل المناوي عن جماعة قالوا: وندب إماطة الأذى يعرفك أن ما اعتيد من لطخ رأس المولود بدم العقيقة غير جائز؛ لأنه تنجيس له بلا ضرورة، وذلك من أكبر الأذى، وقد جاء النهي عنه صريحا؛ لأنه من فعل الجاهلية. اهـ .

قلت: يشير إلى ما رواه ابن ماجه من رواية يزيد بن عبد المدني: يعق عن الغلام ولا يمس رأسه بدم. ورواه البزار وغيره بزيادة عن أبيه وهو مرسل أيضا كما قاله البخاري، لكن نقله الولي العراقي عن شيخه الأسنوي أنه نقل عن الماوردي في الإقناع الجزم بأنه لا يكره لطخ رأسه بالدم .

قلت: وكان المصنف ممن يقول بذلك ويميل إلى عدم الكراهة فإن سياقه قد دل على ذلك فتأمل .




الخدمات العلمية