الصنف الرابع والمغترون منهم فرق . أرباب الأموال
ففرقة منهم يحرصون على بناء المساجد ، والمدارس والرباطات والقناطر وما يظهر للناس كافة ويكتبون أساميهم بالآجر عليها ليتخلد ذكرهم ويبقى بعد الموت أثرهم ، وهم يظنون أنهم قد استحقوا المغفرة بذلك .
وقد اغتروا فيه من وجهين :
أحدهما : أنهم يبنونها من أموال اكتسبوها من الظلم والنهب والرشا والجهات المحظورة فهم قد تعرضوا لسخط الله في كسبها وتعرضوا لسخطه في إنفاقها وكان الواجب عليهم الامتناع عن كسبها فإذن ، قد عصوا الله بكسبها فالواجب عليهم التوبة والرجوع إلى الله ، وردها إلى ملاكها إما بأعيانها ، وإما برد بدلها عند العجز فإن عجزوا عن الملاك كان الواجب ردها إلى الورثة فإن لم يبق للمظلوم وارث فالواجب صرفها إلى أهم المصالح ، وربما يكون الأهم التفرقة على المساكين ، وهم لا يفعلون ذلك خيفة من أن لا يظهر ذلك للناس فيبنون الأبنية بالآجر وغرضهم من بنائها الرياء وجلب الثناء وحرصهم على بقائها لبقاء أسمائهم المكتوبة فيها لا لبقاء الخير .
والوجه . الثاني أنهم يظنون بأنفسهم الإخلاص وقصد الخير في الإنفاق على الأبنية ، ولو كلف واحد منهم أن ينفق دينارا ولا يكتب اسمه على الموضع الذي أنفق عليه لشق عليه ذلك ولم تسمح به نفسه ، والله مطلع عليه كتب اسمه أو لم يكتب ولولا ، أنه يريد به وجه الناس ، لا وجه الله لما افتقر إلى ذلك .