الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين

مرتضى الزبيدي - محمد بن محمد الحسيني الزبيدي

صفحة جزء
كون المتمكن جسما مماسا للعرش ، إما مثله أو أكبر منه أو أصغر ، وذلك محال ، وما يؤدي إلى المحال فهو محال .

التالي السابق


ثم ذكر المصنف المحال الذي يلزم من تفسير الاستواء بالاستقرار والتمكن، فقال: هو (كون المتمكن جسما مماسا للعرش، إما مثله أو أكبر منه أو أصغر، وذلك محال، وما يؤدي إلى المحال محال) وتحقيقه أنه تعالى لو استقر على مكان أو حاذى مكانا لم يخل من أن يكون مثل المكان، أو أكبر منه، أو أصغر منه، فإن كان مثل المكان فهو إذا متشكل بأشكال المكان، حتى إذا كان المكان مربعا كان هو مربعا، أو كان مثلثا، وذلك محال، وإن كان أكبر من المكان فبعضه على المكان، ويشعر ذلك بأنه متجزئ، وله كل ينطوي على بعض، وكان بحيث ينتسب إليه المكان بأنه ربعه أو خمسه، وإن كان أصغر من ذلك المكان بقدر لم يتميز عن ذلك المكان إلا بتحديد، وتتطرق إليه المساحة والتقدير، وكل ما يؤدي إلى جواز التقدير على الباري تعالى فتجوزه في حقه كفر من معتقده، وكل من جاز عليه الكون بذاته على محل لم يتميز عن ذلك المحل إلا بكون، وقبيح وصف الباري بالكون، ومتى جاز عليه موازاة مكان أو مماسته جاز عليه مباينته، ومن جاز عليه المباينة والمماسة لم يكن إلا حادثا، وهل علمنا حدوث العالم إلا بجواز المماسة والمباينة على أجزائه، وقصارى الجهلة قولهم: كيف يتصور موجود لا في محل، وهذه الكلمة تصدر عن بدع وغوائل لا يعرف غورها وقعرها إلا كل غواص على بحار الحقائق، وهيهات طلب الكيفية حيث يستحيل محال; والذي يدحض شبههم أن يقال لهم: قبل أن يخلق العالم أو المكان هل كان موجودا أم لا؟ فمن ضرورة العقل أن يقول: بلى، فيلزمه -لو صح قوله: لا يعلم موجودا إلا في مكان- أحد أمرين: إما أن يقول: المكان والعرش والعالم قديم، وإما أن يقول: الرب تعالى محدث، وهذا مآل الجهلة والحشوية ليس القديم بالمحدث، والمحدث بالقديم، ونعوذ بالله من الحيرة في الدين .

قال ابن الهمام في "المسايرة": على نحو ما ذكرنا في الاستواء كل ما ورد في الكتاب والسنة مما ظاهره الجسمية في الشاهد كالأصبع والقدم واليد والعين فيجب الإيمان به مصحوبا بالتنزيه، فإن كلا منها صفة له تعالى، لا بمعنى الجارحة، بل على وجه يليق به، وهو سبحانه وتعالى أعلم به، وقد يؤول كل من ذلك لأجل صرف فهم العامة عن الجسمية، وهو ممكن أن يراد، ولا يجزم بإرادته خصوصا على رأي أصحابنا، يعني الماتريدية، أنها من المتشابهات، وحكم المتشابه انقطاع رجاء معرفة المراد منه في هذه الدار، وإلا لكان قد علم. اهـ .

قال تلميذه ابن أبي شريف: وهذا بناء على القول بالوقف في الآية على قوله: "إلا الله"، وهو قول الجمهور، واعلم أن كلام إمام الحرمين في "الإرشاد" يميل إلى طريق التأويل، ولكنه في الرسالة النظامية اختار طريق التفويض، حيث قال: والذي نرتضيه رأيا وندين لله به عقدا اتباع السلف؛ فإنهم درجوا على ترك التعرض لمعانيها. وكأنه رجع إلى اختيار التفويض لتأخر الرسالة، ومال الشيخ عز الدين بن عبد السلام إلى التأويل، فقال في فتاويه: طريقة التأويل بشرطها أقربها إلى الحق، ويعني بشرطها: أن يكون على مقتضى لسان العرب، وتوسط ابن دقيق العيد فقال: نقبل التأويل بشرطها أقربها إلى الحق ويعني بشرطها إذا كان المعنى الذي أوله به قريبا مفهوما من تخاطب العرب، ونتوقف فيه إذا كان بعيدا، وجرى شيخنا المصنف -يعني ابن الهمام- على التوسط بين أن تدعو الحاجة إليه لخلل في فهم العوام، وبين ألا تدعو الحاجة [ ص: 110 ] إلى ذلك. اهـ .



وقال والد إمام الحرمين في "كفاية المعتقد": أما ما ورد من ظاهر الكتاب والسنة ما يوهم بظاهرها تشبيها فللسلف فيه طريقان:

إحداهما: الإعراض فيها عن الخوض فيها، وتفويض علمها إلى الله تعالى، وهذه طريقة ابن عباس وعامة الصحابة، وإليها ذهب كثير من السلف، وذلك مذهب من يقف على قوله: وما يعلم تأويله إلا الله ، ولا يستبعد أن يكون لله تعالى سر في كتابه، والصحيح أن الحروف المقطعة من هذا القبيل، ويعلم بالدليل يقينا أن ركنا من أركان العقيدة ليس تحت ذلك السر; لأن الله تعالى لا يؤخر البيان المفتقر إليه عن وقت الحاجة، ولا يكتم كتمانا .

والطريقة الثانية: الكلام فيها وفي تفسيرها بأن يردها عن صفات الذات إلى صفات الفعل، فيحمل النزول على قرب الرحمة، واليد على النعمة، والاستواء على القهر والقدرة، وقد قال -صلى الله عليه وسلم-: "كلتا يديه يمين" ومن تأمل هذا اللفظ انتفى عن قلبه ريبة التشبيه، وقد قال تعالى: الرحمن على العرش استوى ، وقال: ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم ، فكيف يكون على العرش ساعة كونه سادسهم إلا أن يرد ذلك إلى معنى الإدراك والإحاطة، لا إلى معنى المكان والاستقرار والجهة والتحديد. اهـ .

وقول والد إمام الحرمين: وذلك مذهب من يقف على قوله.. إلخ، ومثله ما مر عن ابن أبي شريف قد رده الإمام القشيري في "التذكرة الشرقية" حيث قال: وأما قول الله -عز وجل-: "وما يعلم تأويله إلا الله"، إنما يريد به وقت قيام الساعة؛ فإن المشركين سألوا النبي -صلى الله عليه وسلم- عن الساعة أيان مرساها؟ ومتى وقوعها؟ فالمتشابه إشارة إلى علم الغيب، فليس يعلم عواقب الأمور إلا الله -عز وجل-، ولهذا قال: هل ينظرون إلا تأويله يوم يأتي تأويله ، أي: هل ينظرون إلا قيام الساعة، وكيف يسوغ لقائل أن يقول في كتاب الله تعالى ما لا سبيل لمخلوق إلى معرفته، ولا يعلم تأويله إلا الله؟! أليس هذا من أعظم القدح في النبوات وأن النبي -صلى الله عليه وسلم- ما عرف تأويل ما ورد في صفات الله تعالى، ودعا الخلق إلى علم ما لا يعلم؟ أليس الله إذ يقول: بلسان عربي مبين ، فإذا على زعمهم يجب أن يقولوا: كذب؛ حيث قال: بلسان عربي مبين ؛ إذ لم يكن معلوما عندهم، وإلا فأين هذا البيان؟ وإذا كان بلغة العرب فكيف يدعي أنه مما لا تعلمه العرب لما كان ذلك الشيء عربيا؟ فما قول في مقال مآله إلى تكذيب الرب سبحانه؟

ثم كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يدعو الناس إلى عبادة الله تعالى، فلو كان في كلامه وفيما يلقيه إلى أمته شيء لا يعلم تأويله إلا الله تعالى لكان للقوم أن يقولوا: بين لنا أولا من تدعونا إليه، وما الذي تقول؛ فإن الإيمان بما لا يعلم أصله غير متأت، ونسبة النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى أنه دعا إلى رب موصوف بصفات لا تعقل أمر عظيم لا يتخيله مسلم؛ فإن الجهل بالصفات يؤدي إلى الجهل بالموصوف، والغرض أن يستبين من معه مسكة من العقل أن قول من يقول: استواؤه صفة ذاتية لا يعقل معناها، واليد صفة ذاتية لا يعقل معناها، والقدم صفة ذاتية لا يعقل معناها، تمويه ضمنه تكييف وتشبيه ودعاء إلى الجهل .



وقد وضح الحق لذي عينين، وليت شعري هذا الذي ينكر التأويل يطرد هذا للإنكار في كل شيء وفي كل آية أم يقنع بترك التأويل في صفات الله تعالى؟ فإن امتنع من التأويل أصلا فقد أبطل الشريعة والعلوم، إذ ما من آية وخبر إلا ويحتاج إلى تأويل وتصرف في الكلام; لأن ثم أشياء لا بد من تأويلها، لا خلاف بين العقلاء فيه إلا الملحدة الذين قصدهم التعطيل للشرائع، والاعتقاد لهذا يؤدي إلى إبطال ما هو عليه من التمسك بالشرع، وإن قال: يجوز التأويل على الجملة إلا فيما يتعلق بالله وبصفاته فلا تأويل فيه، فهذا يصير منه إلى أن ما يتعلق بغير الله تعالى يجب أن يعلم، وما يتعلق بالصانع وصفاته يجب التقاصي عنه، وهذا لا يرضى به مسلم، وسر الأمر أن هؤلاء الذين يمتنعون عن التأويل معتقدون حقيقة التشبيه، غير أنهم يدلسون ويقولون: له يد لا كالأيدي، وقدم لا كالأقدام، واستواء بالذات لا كما نعقل فيما بيننا، فليقل المحقق: هذا كلام لا بد له من استبيان: قولكم: نجري الأمر على الظاهر ولا يعقل معناه؛ تناقض، إن أجريت على الظاهر فظاهر السياق في قوله تعالى: يوم يكشف عن ساق هو العضو المشتمل على الجلد واللحم والعظم والعصب والمخ، فإن أخذت بهذا الظاهر والتزمت بالإقرار بهذه الأعضاء فهو الكفر، وإن لم [ ص: 111 ] يمكنك الأخذ بها فأين الأخذ بالظاهر؟ ألست قد تركت الظاهر وعلمت تقدس الرب تعالى بما يوهم الظاهر؟ فكيف يكون أخذا بالظاهر؟ وإن قال الخصم: هذه الظواهر لا معنى لها أصلا، فهو حكم بأنها ملغاة، وما كان في إبلاغها إلينا فائدة، وهي هدر، وهذا محال .

وفي لغة العرب ما شئت من التجوز والتوسع في الخطاب، وكانوا يعرفون موارد الكلام ويفهمون المقاصد، فمن تجافى عن التأويل فذلك لقلة فهمه بالعربية، ومن أحاط بطرق من العربية هان عليه مدرك الحقائق، وقد قيل: وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم ، فكأنه قال: والراسخون في العلم أيضا يعلمونه، ويقولون: آمنا به، فإن الإيمان بالشيء إنما يتصور بعد العلم، أما ما لا يعلم فالإيمان به غير متأت، ولهذا قال ابن عباس: أنا من الراسخين في العلم. اهـ .

قلت: وهذا الذي ذهب إليه هو مختار شيخ جده ابن فورك، وإليه ذهب العز بن عبد السلام في رسائله، منها رسالته التي أرسلها جوابا للملك الأشرف موسى، وهي بطولها في طبقات ابن السبكي، وهو بظاهره مخالف لمذهب السلف القائلين بإمرارها على ظواهرها .



وقد مرت في آخر الفصل الثاني شروط للتأويل، راجع النظر إليها، لتعلم أنه كيف يجوز، ولمن يجوز، ومتى يجوز، ولنذكر نص إمام الحرمين في الرسالة النظامية في هذه المسألة، وهي آخر مؤلفاته على ما زعم ابن أبي شريف، قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري: قال إمام الحرمين في "الرسالة النظامية": اختلفت مسالك العلماء في هذه الظواهر، فرأى بعضهم تأويلها، والتزم ذلك في آي الكتاب وما يصح من السنن، وذهب أئمة السلف إلى الانكفاف عن التأويل وإجراء الظواهر على مواردها، وتفويض معانيها إلى الله -عز وجل- والذي نرتضيه رأيا وندين لله به عقيدة اتباع سلف الأمة؛ للدليل القاطع أن إجماع الأمة حجة، فلو كان تأويل هذه الظواهر حتما فلا شك أن يكون اهتمامهم به فوق اهتمامهم بفروع الشريعة، وإذا انصرم عصر الصحابة والتابعين على الإضراب عن التأويل، كان ذلك هو الوجه المتبع. اهـ .

قال الحافظ: وقد تقدم النقل عن أهل العصر الثالث، وهم فقهاء الأمصار، كالثوري والأوزاعي ومالك والليث، ومن عاصرهم، وكذا من أخذ عنه من الأئمة، فكيف لا يوثق بما اتفق عليه القرون الثلاثة، وهم خير القرون بشهادة صاحب الشريعة. اهـ .

قلت: وإلى هذا مال المصنف في "إلجام العوام" فقد عقد في الكف عن التأويل والخوض فيه بابا، وذكر فيه ثلاثة أمثلة: مثال في الفوقية، ومثال في الاستواء، ومثال في النزول، وقال في أول كتابه المذكور: إن الحق الصريح الذي لا مراء فيه هو مذهب السلف، أعني مذهب الصحابة والتابعين، وهو الحق عندنا، أن كل من بلغه حديث من هذه الأخبار من عوام الخلق يجب عليه سبعة أمور: التقديس، والتصديق، والاعتراف بالعجز، والسكون، والكف، والإمساك، والتسليم لأهل المعرفة، وقد تقدم شيء من ذلك في الفصل الثاني، فراجعه .

وقال الحافظ ابن حجر: وقسم بعضهم أقوال الناس في هذا الباب إلى ستة أقوال: قولان لمن يجريها على ظاهرها، أحدهما: من يعتقد أنها من جنس صفات المخلوقين، وهم المشبهة، وتتفرع من قولهم عدة آراء، والثاني: من ينفي عنها شبه صفة المخلوقين; لأن ذات الله لا تشبه الذوات؛ فصفاته لا تشبه الصفات، فإن صفات كل موصوف تناسب ذاته، وتلائم حقيقته، وقولان لمن يثبت كونها صفة، ولكن لا يجريها على ظاهرها، أحدهما يقول: لا نؤول شيئا منها، بل نقول: الله أعلم بمراده، والآخر يؤول فيقول مثلا: معنى الاستواء: الاستيلاء، واليد: القدرة، ونحو ذلك، وقولان لمن لا يجزم بأنها صفة، أحدهما: يجوز أن يكون صفة، وظاهرها غير مراد، ويجوز ألا تكون صفة، والآخر يقول: لا يخاض في شيء من هذا، بل يجب الإيمان به; لأنه من المتشابه الذي لا يدرك معناه. اهـ .



وقال السبكي في "شرح الحاجبية": اختلف أهل السنة في اتصاف الباري تعالى بهذه الصفات التي ظاهرها محال، على ثلاثة أقوال:

الأول: قول السلف: إنها هي صفات زائدة على السبع، الله أعلم بحقائقها، وهي أحد قولي الأشعري، وهو قول مالك، وإليه يشير الإمام أحمد بقوله: الآيات المتشابهات خزائن مقفلة، حلها تلاوتها .

الثاني: كلها مجازات يدل بها على تلك الصفات الثمانية عقلا وسمعا، وهذا قول الحذاق من الأشاعرة .

الثالث: الوقف، وهو اختيار صاحب المواقف والمقترح. ثم أهل [ ص: 112 ] التأويل اختلفوا على طريقين: الأول: طريق الأقدمين، كابن فورك، يحملها على مجازاتها الراجعة إلى الصفات الثابتة عقلا، الثاني: طريق المتأخرين، وهي التي كانت مركوزة في قلوب السلف قبل دخول العجمة برد هذه المتشابهات إلى التمثيل الذي يقصد به تصور المعاني العقلية بإبرازها في الصور الحسية؛ قصدا إلى كمال البيان. اهـ. إلخ .

وقال الحافظ ابن حجر: لأهل الكلام في هذه الصفات، كالعين والوجه واليد، ثلاثة أقوال: أحدها أنها صفات ذات، أثبتها السمع، ولا يهتدي إليها العقل، والثاني: أن العين كناية عن صفة البصر، واليد كناية عن صفة القدرة، والوجه كناية عن صفة الوجود، والثالث: إمرارها على ما جاءت به مفوضا معناها إلى الله تعالى، وقال الشيخ شهاب الدين السهروردي في كتاب "العقيدة" له: أخبر الله في كتابه وثبت عن رسوله -صلى الله عليه وسلم- في الاستواء والنزول والنفس واليد والعين، فلا يتصرف فيهما بتشبيه ولا تعطيل، إذ لولا إخبار الله ورسوله ما تجاسر عقل أن يحوم حول ذلك الحمى .

قال الطيبي: هذا هو المذهب المعتمد، وبه يقول السلف الصالح، وقال غيره: لم ينقل عن النبي - صلى الله عليه وسلم- ولا عن أحد من أصحابه من طريق صحيح التصريح بوجوب تأويل شيء من ذلك، ولا المنع من ذكره، ومن المحال أن يأمر الله نبيه بتبليغ ما أنزل إليه من ربه، وينزل عليه اليوم أكملت لكم دينكم ، ثم يترك هذا الباب فلا يميز ما يجوز نسبته إليه مما لا يجوز، مع حضه على التبليغ عنه، حتى نقلوا عنه أقواله وأفعاله وأحواله وصفاته وما فعل بحضرته، فدل على أنهم اتفقوا على الإيمان بها على الوجه الذي أراده الله منها، ووجب تنزيهه عن مشابهة المخلوقات بقوله تعالى: ليس كمثله شيء فمن أوجب خلاف ذلك بعدهم فقد خالف سبيلهم، وبالله التوفيق اهـ .



(تكميل)

قول من قال: طريقة السلف أسلم، وطريقة الخلف أحكم، نقل الحافظ ابن حجر عن بعضهم أنه ليس بمستقيم; لأنه ظن أن طريقة السلف بمجرد الإيمان بألفاظ القرآن والحديث من غير فقه في ذلك، وأن طريقة الخلف هي استخراج معاني النصوص المصروفة عن حقائقها بأنواع المجازات، فجمع هذا القائل بين الجهل بطريقة السلف والدعوى في طريقة الخلف، وليس الأمر كما ظن، بل السلف في غاية المعرفة بما يليق بالله تعالى، وفي غاية التعظيم له، والخضوع لأمره، والتسليم لمراده، وليس من سلك طريقة الخلف واثقا بأن الذي يتأوله هو المراد، ولا يمكنه القطع بصحة تأويله. اهـ .

قلت: وقد أشار إلى ذلك المصنف في "إلجام العوام" بما لا مزيد على تحريره .




الخدمات العلمية