ولما نظر عليه السلام إلى ولده الحسن رضي الله عنه يتعثر في قميصه نزل عن المنبر واحتضنه ثم قال : صدق الله إنما أموالكم وأولادكم فتنة ، إني لما رأيت ابني يتعثر لم أملك نفسي أن أخذته ففي ذلك عبرة لأولي الأبصار .
فالرجل كل الرجل من يصبر على العافية ، ومعنى الصبر عليها أن لا يركن إليها ، ويعلم أن كل ذلك مستودع عنده : وعسى أن يسترجع على القرب وأن لا يرسل نفسه في الفرح بها ولا ينهمك في التنعم واللذة واللهو واللعب وأن يرعى ، حقوق الله في ماله بالإنفاق وفي بدنه ببذل المعونة للخلق وفي لسانه ببذل الصدق ، وكذلك في سائر ما أنعم الله به عليه .
وهذا الصبر متصل بالشكر فلا يتم إلا بالقيام بحق الشكر كما سيأتي وإنما كان أشد لأنه مقرون بالقدرة ومن العصمة أن لا تقدر والصبر على الحجامة والفصد إذا تولاه غيرك أيسر من الصبر على فصدك نفسك وحجامتك نفسك والجائع عند غيبة الطعام أقدر على الصبر منه إذا حضرته الأطعمة الطيبة اللذيذة وقدر عليها فلهذا عظمت فتنة السراء . الصبر على السراء