الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين

مرتضى الزبيدي - محمد بن محمد الحسيني الزبيدي

صفحة جزء
وقد ذهب بعض المتكلمين إلى إنكار الأنس والشوق والحب لظنه أن ذلك يدل على التشبيه وجهله بأن جمال المدركات بالبصائر أكمل من جمال المبصرات ولذة معرفتها أغلب على ذوي القلوب، ومنهم أحمد بن غالب يعرف بغلام الخليل أنكر على الجنيد وعلى أبي الحسن النوري والجماعة حديث الحب والشوق والعشق حتى أنكر بعضهم مقام الرضا ، وقال : ليس إلا الصبر فأما الرضا فغير متصور .

وهذا كله كلام ناقص قاصر لم يطلع من مقامات الدين إلا على القشور ؛ فظن أنه لا وجود إلا للقشر ، فإن المحسوسات وكل ما يدخل في الخيال من طريق الدين قشر مجرد ، ووراءه اللب المطلوب ؛ فمن لم يصل من الجوز إلا إلى قشره يظن أن الجوز خشب كله ويستحيل عنده خروج الدهن منه لا محالة ، وهو معذور ولكن عذره غير مقبول وقد قيل .


الأنس بالله لا يحويه بطال وليس يدركه بالحول محتال     والآنسون رجال كلهم نجب
وكلهم صفوة لله عمال

.

التالي السابق


(وقد ذهب بعض المتكلمين إلى إنكار الأنس والشوق والرضا والحب لظنه أن ذلك يدل على التشبيه وجهله بأن جمال المدركات بالبصائر أكمل من جمال المبصرات) بالحواس (ولذة معرفتها أغلب على ذوي العقول) كما تقدمت الإشارة إليه في أول هذا الكتاب (ومنهم أحمد بن غالب) وكان من أئمة النحو والكلام (يعرف بغلام الخليل) هو الخليل بن أحمد النحوي شيخ النحاة وإنما عرف بالغلام لأنه لزم الخليل فأكثر القراءة عليه ولو لم يخدمه (أنكر على) أبي القاسم (الجنيد وعلى أبي الحسين النوري والجماعة) ممن نحا نحوهم (حديث الحب والشوق والعشق حتى أنكر بعضهم مقام الرضا، وقال: ليس إلا الصبر فأما الرضا فغير متصور) ، كما سيأتي في باب الرضا (وهذا كله كلام ناقص قاصر لم يطلع من مقامات الرضا إلا على القشور؛ فظن أنه لا وجود إلا للعسر، فإن المحسوسات وكل ما يدخل في الخيال في طريق الدين قشر مجرد، ووراءه القلب المطلوب؛ فمن لم يصل من الجوز إلا إلى قشرة يظن أن الجوز خشب كله ويستحيل عنده خروج الدهن منه لا محالة، وهو معذور) لعدم اطلاعه والوقوف على الكنه (ولكن عذره غير مقبول) عند ذوي التحقيق (وقد قيل) في ذلك: (

الأنس بالله لا يحويه بطال وليس يدركه بالحول محتال والآنسون رجال كلهم نجب
وكلهم صفوة لله عمال

)



الخدمات العلمية