الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                              سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

                                                                                                                                                                                                                              الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              ذكر طلبه - صلى الله عليه وسلم - المفتاح من عثمان بن طلحة رضي الله عنه

                                                                                                                                                                                                                              روى محمد بن عمر عن عبد الله بن عمر ، وابن أبي شيبة عن أبي هريرة - رضي الله عنهما - ومحمد بن عمر عن علقمة بن أبي وقاص الليثي - رحمه الله تعالى - ومحمد بن عمر عن شيوخه يزيد بعضهم على بعض ، قال عبد الله : كان عثمان قد قدم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة مسلما مع خالد بن الوليد ، وعمرو بن العاص قبل الفتح ، فلما فرغ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - [ ص: 237 ] من طوافه أرسل بلالا إلى عثمان بن طلحة يأتيه بمفتاح الكعبة ، فجاء بلال إلى

                                                                                                                                                                                                                              عثمان ، فقال :

                                                                                                                                                                                                                              إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأمرك أن تأتي بالمفتاح ، فقال : نعم هو عند أمي سلافة ، فرجع بلال إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبره أنه قال نعم ، وأن المفتاح عند أمه ، فبعث إليها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رسولا فجاء ، فقالت : لا ، واللات والعزى ، لا أدفعه إليك أبدا ، فقال عثمان يا رسول الله أرسلني أخلصه لك منها ، فأرسله ، فقال : يا أمه ادفعي إلي المفتاح ، فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد أرسل إلي ، وأمرني أن آتيه به ، فقالت أمه : لا . واللات والعزى لا أدفعه إليك أبدا فقال : لا لات ولا عزى إنه قد جاء أمر غير ما كنا عليه ، وإنك إن لم تفعلي قتلت أنا وأخي فأنت قتلتنا ، فو الله لتدفعنه أو ليأتين غيري فيأخذه منك ، فأدخلته في حجزتها ، وقالت : أي رجل يدخل يده ههنا ؟
                                                                                                                                                                                                                              .

                                                                                                                                                                                                                              قال الزهري فيما رواه عبد الرزاق ، والطبراني : فأبطأ عثمان ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - قائم ينتظره حتى إنه لينحدر منه مثل الجمان من العرق ، ويقول : «ما يحبسه فيسعى إليه رجل” انتهى . فبينما هما على ذلك وهو يكلمها إذ سمعت صوت أبي بكر وعمر - رضي الله عنهما - في الدار ، وعمر رافع صوته حين أبطأ عثمان يا عثمان اخرج ، فقالت أمه : يا بني خذ المفتاح ، فإن تأخذه أنت أحب إلي من أن يأخذه تيم وعدي ، فأخذه عثمان ، فخرج يمشي به حتى إذا كان قريبا من وجه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عثر عثمان فسقط منه المفتاح ، فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلي المفتاح فحنى عليه بثوبه . وروى الفاكهي عن ابن عمر : إن بني أبي طلحة كانوا يقولون : لا يفتح الكعبة إلا هم ، فتناول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المفتاح ، ففتح الكعبة بيده .

                                                                                                                                                                                                                              وروى ابن أبي شيبة بسند جيد عن أبي السفر - رحمه الله تعالى - قال : لما دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مكة دعا شيبة بن عثمان بالمفتاح - مفتاح الكعبة - فتلكأ ، فقال لعمر : قم فاذهب معه فإن جاء به وإلا فأجلد رأسه” فجاء به فأجاله في حجره .

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية