الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                              سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

                                                                                                                                                                                                                              الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 120 ] السادس عشر : في استنصاره صلى الله عليه وسلم ضعفة المسلمين عند القتال ودعائه وامتناعه من قتال المشركين معه ، واستعانته به وقتاله عن أهل الذمة

                                                                                                                                                                                                                              وروى الطبراني عن أبي طلحة -رضي الله تعالى عنه- قال : كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزاة ، فلقي العدو فسمعته يقول : يا مالك يوم الدين ، إياك نعبد وإياك نستعين ، قال : فلقد رأيت الرجال تصرع تضربها الملائكة من بين أيديها ومن خلفها .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الطبراني برجال الصحيح عن أمية بن خالد بن عبد الله بن أسيد -رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يستفتح بصعاليك المسلمين .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الطبراني عن سعد بن أبي وقاص -رضي الله تعالى عنه- قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إنما ينصر الله المسلمين بدعاء المستضعفين» ، وهو في الصحيح بلفظ : «إنما تنصرون وترزقون بضعفائكم» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى مسلم عن أبي الدرداء -رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : «ابغوني في ضعفائكم» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى مسلم عن عبد الله بن أبي أوفى -رضي الله تعالى عنهما- قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو على الأحزاب ، «اللهم ، منزل الكتاب ، سريع الحساب ، اهزم الأحزاب ، اللهم اهزمهم وزلزلهم» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج قبل بدر ، فلما كان بحرة الوبرة أدركه رجل قد كان يذكر منه جرأة ونجدة ، ففرح أصحابه صلى الله عليه وسلم حين رأوه فلما أدركه ، قال صلى الله عليه وسلم : «لم جئت ؟ » فقال : جئت لأتبعك وأصيب معك ، فقال له صلى الله عليه وسلم : «تؤمن بالله ورسوله» ، قال : لا ، قال : «فارجع ، فلن أستعين بمشرك» ، ثم أدركه بالشجرة ، فقال له كما قال أول مرة ، فرجع ، ثم قال له في الثالثة : أتؤمن بالله ورسوله ، فقال : نعم ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : فانطلق .

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 121 ] وروي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم بدر : سيهزم الجمع ويولون الدبر بل الساعة موعدهم والساعة أدهى وأمر [القمر : 45 ، 46] .

                                                                                                                                                                                                                              وروى ابن أبي شيبة وابن جرير عن البراء -رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نزل يوم حنين ودعا واستنصر وهو يقول : «أنا النبي لا كذب ، أنا ابن عبد المطلب» ، وقال : «اللهم أنزل نصرك» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الإمام أحمد والترمذي وقال حسن غريب ، والنسائي في عمل اليوم والليلة عن أنس -رضي الله تعالى عنه- قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا لقي العدو ، قال : «اللهم ، أنت عضدي ، وأنت نصيري ، بك أقاتل» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الإمام أحمد والطبراني برجال ثقات عن خبيب بن يساف -رضي الله تعالى عنه- قال : أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يريد غزوا لنا ورجل من قومي ، ولم نسلم ، فقلنا : إنا نستحي أن يشهد قومنا مشهدا لا نشهده معهم ، قال : أولو أسلمتما ، قلنا : لا ، قال إنا لا نستعين بالمشركين على المشركين ، قال : فأسلمنا وشهدنا معه ، فقتلت رجلا ، وضربني ضربة ، فتزوجت بابنته ، فكانت تقول : لا عدمت رجلا وشحك هذا الوشاح ، فأقول : لا عدمت رجلا عجل أباك إلى النار .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الطبراني عن أبي حميد الساعدي -رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج يوم أحد حتى إذا جاوز ثنية الوداع فإذا هو بكتيبة خشنة فقال : من هؤلاء ؟ قالوا : عبد الله بن أبي في ستمائة من مواليه من اليهود من بني قينقاع ، فقال : وقد أسلموا ؟ قالوا : لا ، يا رسول الله ، قال : مروهم فليرجعوا ، فإنا لا نستعين بالمشركين على المشركين .

                                                                                                                                                                                                                              وروى أبو داود في مراسيله عن الزهري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استعان بناس من اليهود في حربه فأسهم لهم .

                                                                                                                                                                                                                              روى البزار عن عائشة -رضي الله تعالى عنها- قالت : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان لا يقاتل عن أحد من أهل الشرك إلا أهل الذمة .

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية