الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                              سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

                                                                                                                                                                                                                              الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 122 ] السابع عشر : في سيرته صلى الله عليه وسلم في الشعار في الحرب

                                                                                                                                                                                                                              روى أبو يعلى بسند جيد عن علي -رضي الله تعالى عنه- قال : كان شعار النبي صلى الله عليه وسلم يا كل خير .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الطبراني عن عتبة بن فرقد -رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى في أصحابه تأخرا ، فنادى : يا أصحاب سورة البقرة .

                                                                                                                                                                                                                              وروى أبو داود عن سمرة بن جندب -رضي الله تعالى عنه- قال : كان شعار المهاجرين عبد الله ، وشعار الأنصار عبد الرحمن .

                                                                                                                                                                                                                              وروى مسلم والإمام أحمد وأبو داود والترمذي عن المهلب بن أبي صفرة -رحمه الله تعالى- قال : أخبرني من سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن أبيتم فليكن شعاركم «حم لا ينصرون» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الإمام أحمد وابن عدي عن البراء بن عازب -رضي الله تعالى عنه- قال : قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنكم ستلقون العدو غدا ، فإن شعاركم «حم لا ينصرون» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الإمام أحمد وأبو داود عن سلمة بن الأكوع -رضي الله تعالى عنه- قال : غزونا مع أبي بكر -رضي الله تعالى عنه- زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان شعارنا : أمت أمت ، مرتين .

                                                                                                                                                                                                                              وروى أبو الحسن بن الضحاك عن رجل من جهينة -رضي الله تعالى عنه- قال : سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم قوما يقولون في شعارهم : يا حرام ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «يا حلال» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى النسائي عن رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة الخندق : إني لا أرى القوم إلا مبيتيكم الليلة ، وإن شعاركم «حم لا ينصرون» .

                                                                                                                                                                                                                              الثامن عشر : في سيرته صلى الله عليه وسلم في رسل الكفار واستحبابه -صلى الله عليه وسلم- الإقامة في موضع النصر ثلاثا ، وسيرته في العتق ، وإتيان بعض أمرائه -صلى الله عليه وسلم- برؤوس بعض أكابر القتلى ، وامتناعه من بيع جسد المشرك

                                                                                                                                                                                                                              وروى الإمام أحمد برجال ثقات وابن مغيث يحرر رجاله ، عن معيز السعدي -رحمه الله [ ص: 123 ] تعالى- قال : مررت بمسجد بني حنيفة ، وهم يقولون : إن مسيلمة رسول الله ، فأتيت ابن مسعود ، فأخبرته فاستتابهم ، فتابوا ، فخلى سبيلهم ، وضرب عنق ابن النواحة فقالوا أخذت قوما في أمر واحد ، فقتلت بعضهم وتركت بعضهم ، فقال : إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد وفد عليه هذا وابن أثال بن حجر ، فقال : أتشهدان أني رسول الله ، فقالا تشهد أنت أن مسيلمة رسول الله ، فقال رسول الله : آمنت بالله ورسله ، ولو كنت قاتلا وفدا لقتلتكما ، قال : فلذلك قتلته .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الإمام أحمد وأبو داود عن سلمة بن نعيم عن أبيه -رضي الله تعالى عنه- قال : سمعت رسول الله يقول لهما حين قرأ كتاب مسيلمة : ما تقولان أنتما ؟ قالا : نقول كما قال ، قال : أما والله ، لولا أن الرسل لا تقتل لضربت أعناقكما .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الإمام أحمد والبزار وأبو يعلى بسند حسن ، ومسدد وابن منيع ، وابن حبان ، ورواه أبو داود مختصرا عن أبي وائل -رحمه الله تعالى- قال : قال عبد الله بن مسعود حين قتل ابن النواحة : إن هذا وابن أثال كانا أتيا لرسول الله صلى الله عليه وسلم رسولين لمسيلمة الكذاب ، فقال لهما رسول الله صلى الله عليه وسلم : «أتشهدان أني رسول الله ؟ » قالا : لا ، نشهد أن مسيلمة رسول الله ، قال : لو كنت قاتلا وفدا لضربت أعناقكما ، قال : فجرت السنة أن الرسل لا تقتل ، فأما ابن أثال فكفاناه الله -عز وجل- وأما هذا فلم يزل ذلك فيه حتى أمكن الله منه .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الإمام أحمد والبزار والشيخان عن أنس بن مالك ، عن أبي طلحة -رضي الله تعالى عنهما- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا ظهر على قوم أقام بعرصتهم ثلاثا ، ورواه أبو داود بلفظ : «إذا غاب قوما أحب أن يقيم بعرصتهم ثلاثا» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الإمام أحمد والطبراني عن ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعتق من جاءه من العبيد قبل مواليهم إذا أسلموا ، وقد أعتق يوم الطائف رجلين . وفي رواية قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الطائف : «من خرج إلينا من العبيد فهو حر» فخرج إليه عبيد فيهم أبو بكرة فأعتقهم رسول الله صلى الله عليه وسلم .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الطبراني برجال الصحيح عن أبي بكر [ ص: 124 ] -رضي الله تعالى عنه- أنه خرج إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو محاصر أهل الطائف بثلاثة وعشرين عبدا ، فأعتقهم رسول الله صلى الله عليه وسلم . الحديث .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الطبراني بسند جيد عن غيلان بن سلمة الثقفي -رضي الله تعالى عنه- أن نافعا كان عبدا لغيلان ففر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وغيلان مشرك ، فأسلم غيلان ، فرد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولاء نافع إليه .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الطبراني عن سلمة بن الأكوع -رضي الله تعالى عنه- قال : كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم غلام يقال له يسار ، فنظر إليه يحسن الصلاة فأعتقه .

                                                                                                                                                                                                                              وروى البزار برجال ثقات عن ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما- أن عبدا أسلم فلما هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم خشي أهله أن يتبع النبي صلى الله عليه وسلم فقيدوه ، فكتب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم إنك قد علمت بإسلامي ، فسيرني ، أو خلصني ، فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم ستة نفر على بعير ، وقال : لعلكم تجدون في دار من يعينكم ، فأعتقه النبي صلى الله عليه وسلم .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الطبراني برجال ثقات عن فيروز الديلمي -رضي الله تعالى عنه- قال : أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم برأس أسود العنسي .

                                                                                                                                                                                                                              وحديث ابن عمر : ما حمل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم رأس قط . رواه الطبراني من طريق زمعة بن صالح ، وهو ضعيف .

                                                                                                                                                                                                                              وروى محمد بن يحيى بن أبي عمر والبيهقي والترمذي عن ابن عباس -رضي الله تعالى عنه- قال : لما كان يوم الأحزاب قتل رجل من عظماء المشركين ، فبعثوا إلى رسول الله أن ابعثوا إلينا بجسده ولكم اثنا عشر ألفا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا خير في جسده ، ولا في ثمنه .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الإمام أحمد والترمذي عن ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما- قال : إن المشركين أرادوا أن يشتروا جسد رجل من المشركين ، فأبى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبيعهم .

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية