تنبيهات
الأول : قوله الصحابة - رضي الله تعالى عنهم- : «أما السلام عليك فقد عرفناه» أي مما علمهم إياه في التشهد بقوله : «السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته» فيكون المراد بقولهم : فكيف نصلي عليك ؟ أي بعد التشهد .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=14467الحافظ السخاوي : وتفسير السلام بذلك هو الظاهر .
وحكى
nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر ، وعياض وغيرهما احتمالا ، وهو أن المراد به السلام الذي يتحلل به من الصلاة .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر : والأول أظهر .
الثاني : اختلف في المراد بقولهم : كيف ؟ فقيل : المراد السؤال عن
nindex.php?page=treesubj&link=24458معنى الصلاة المأمور بها في قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=56صلوا عليه [الأحزاب 56] يحتمل الرحمة والدعاء والتعظيم سألوا فقالوا : بأي لفظ تؤدى ، ورجح الباجي أن السؤال إنما وقع عن صفتها لا عن جنسها .
قال الحافظ : وهو أظهر؛ لأن لفظ «كيف» ظاهر في الصفة وأما الجنس ، فيسأل عنه بلفظ «ما» ، وجزم به
nindex.php?page=showalam&ids=11963القرطبي فقال : هذا سؤال من أشكلت عليه كيفية ما فهم أصله ، وذلك أنهم عرفوا المراد بالصلاة ، فسألوا عن الصفة التي يليق بها ليستعملوها . انتهى .
[ ص: 437 ]
والحامل لهم على ذلك أن السلام لما تقدم بلفظ مخصوص وهو «السلام عليك أيها النبي» ففهموا أن الصلاة تقع أيضا بلفظ مخصوص وعدلوا عن القياس ، لإمكان الوقوف على النص ولا سيما في ألفاظ الأذكار فإنها تجيء خارجة عن القياس غالبا ، فوقع الأمر كما فهموه فإنه علمهم صفة أخرى .
الثالث : اختلف في
nindex.php?page=treesubj&link=28815«آله» - عليه الصلاة والسلام- فمذهب
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي أنهم
بنو هاشم والمطلب .
ومذهب
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك : بنو هاشم فقط .
وأما
آل إبراهيم ، فهم ذريته من
إسماعيل وإسحاق ، وإن ثبت أن له أولادا من غير
سارة وهاجر؛ فهم داخلون ، والمراد المسلمون منهم بل المتقون ، فيدخل الأنبياء والصديقون والشهداء والصالحون دون من عداهم .
الرابع : إن قيل : ما وجه التفرقة بين الصلاة عليه- صلى الله عليه وسلم- وبين الصلاة على من عطف عليه فإنها واجبة عليه دونهم إذا كان دليل الوجوب «قولوا» فالجواب أن المعتمد في الوجوب إنما هو الأمر الوارد في القرآن بقوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=56صلوا عليه ولم يأمر بالصلاة على آله .
وأما تعليمه - صلى الله عليه وسلم- فقد بين لهم الواجب ، وزادهم رتبة الكمال على الواجب .
وأيضا جوابه- عليه الصلاة والسلام- ورد بزيادات ونقص ، وإنما يحمل على الوجوب القدر المتفق عليه .
الخامس : قال الحافظ : اشتهر السؤال عن موقع التشبيه في قوله كما صليت على إبراهيم مع أن المقرر أن المشبه دون المشبه به والواقع هنا عكسه .
وأجيب عنه بأنه قال ذلك قبل أن يعلم أنه أفضل من إبراهيم ، وتعقب بأنه لو كان كذلك لغير صفة الصلاة عليه بعد أن علم أنه أفضل .
وبأنه قال : ذلك تواضعا وشرع لأمته ذلك ليكتسبوا الفضيلة .
وبأن التشبيه إنما هو لأصل الصلاة بأصل الصلاة لا للقدر بالقدر ورجح هذا الجواب
nindex.php?page=showalam&ids=11963القرطبي في «المفهم» .
وبأن الكاف للتعليل .
وبأن المراد أن يجعله كإبراهيم في الخلة ، وأن يجعل له لسان صدق [كما جعل
[ ص: 438 ] لإبراهيم] مضافا لما حصل له من المحبة .
ويرد عليه ما ورد على الأول وبأن قوله : «اللهم ، صل على محمد» مقطوع عن التشبيه فيكون التشبيه متعلقا بآل محمد .
وتعقب بأن غير الأنبياء لا يساووا الأنبياء ، فكيف يطلب مساواة الصلاة عليهم .
قال الحافظ : ويمكن الجواب عن ذلك بأن المطلوب الثواب الحاصل لهم لا جميع الصفات وبأن التشبيه للمجموع بالمجموع .
قال الحافظ : ويعكر عليه ما ورد عن أبي سعيد : «اللهم صل على محمد كما صليت على إبراهيم» .
وبأن المراد بالتشبيه النظر إلى ما يحصل لمحمد وآله من صلاة كل فرد من أول التعليم إلى آخر الزمان فيكون أضعاف ما حصل لإبراهيم وآله ، وإلى ذلك أشار ابن العربي بقوله : المراد دوام ذلك واستمراره .
وبأن التشبيه راجع إلى ما يحصل للمصلي من الثواب لا إلى ما يحصل للنبي- صلى الله عليه وسلم- قال الحافظ : وهذا ضعيف؛ لأنه يصير كأنه قال : اللهم أعطني ثوابا على صلاتي على النبي- صلى الله عليه وسلم- كما صليت على إبراهيم .
ويمكن أن يجاب بأن المراد مثل ثواب المصلي على إبراهيم .
وبأن كون المشبه به أرفع من المشبه غير مطرد بل قد يكون التشبيه بالمساوي والدون؛ كقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=117مثل ما ينفقون [البقرة 261]
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=35مثل نوره كمشكاة [النور 35] وحسن التشبيه أنه لما كان تعظيم إبراهيم وآل إبراهيم [بالصلاة عليهم] مشهورا واضحا عند جميع الطوائف حسن أن يطلب للنبي- صلى الله عليه وسلم- وآله مثل ذلك .
ويؤيده قوله : «في العالمين» .
وقال
ابن القيم ، بعد أن زيف أكثر الأجوبة إلا تشبيه المجموع بالمجموع : وأحسن منه أن يقال إنه- صلى الله عليه وسلم- من آل إبراهيم عليه الصلاة والسلام [وقد ثبت ذلك عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس في تفسير قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=33إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين [آل عمران 33] قال : محمد من آل إبراهيم] .
فكأنه أمرنا بأن نصلي على محمد وآل محمد خصوصا ، بقدر ما صلينا عليه مع إبراهيم وآل إبراهيم عموما فيحصل لآله ما يليق بهم ويبقى الباقي كله له ، وذلك القدر أزيد مما لغيره من آل إبراهيم قطعا ، ويظهر فائدة التشبيه حينئذ .
[ ص: 439 ]
ونقل الحافظ عن
المجد اللغوي عن بعض أهل الكشف : أن التشبيه لغير اللفظ المشبه به لا لعينه وذلك أن [بقولنا : اللهم ، صل على محمد] اجعل من أتباع محمد من يبلغ النهاية في أمر الدين كالعلماء بشرعه [بتقريرهم أمر الشريعة] كما صليت على آل إبراهيم بأن جعلت في أتباعه أنبياء يقررون الشريعة ، والمراد بقوله «وعلى آل محمد» اجعل من أتباعه ناسا محدثين بالفتح يخبرون بالمغيبات كما صليت على إبراهيم بأن جعلت فيهم أنبياء يخبرون بالمغيبات والمطلوب] حصول صفات الأنبياء لآل محمد ، وهم أتباع له في الدين ، كما كانت حاصلة بسؤال إبراهيم .
قال الحافظ : وهو جيد إن سلم بأن المراد بالصلاة هنا ما ادعاه والله تعالى أعلم .
السادس :
nindex.php?page=treesubj&link=34079المراد بالبركة في قوله : «وبارك على محمد» الزيادة من الخير والكرامة وقيل : التطهير من العيوب والتزكية .
وقيل : المراد ثبوت ذلك واستمراره من قولهم : بركت الإبل أي ثبتت على الأرض ، وبه سميت بركة الماء ، بكسر أوله وسكون ثانيه لإقامة الماء بها .
السابع : ما أنكره
ابن العربي علي ابن أبي زيد المالكي من قوله في رسالته : «وارحم محمدا» إن كان من جهة أنه لم يصح فظاهر ، وإن كان من جهة أنه لا يقال : وارحم محمدا فغير مسلم؛ فقد ورد في ذلك عدة أحاديث منها ما تقدم .
وأصحها في التشهد «السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته» .
قال الحافظ : ومنها : حديث
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : «
nindex.php?page=hadith&LINKID=910140اللهم ، إني أسألك رحمة من عندك » .
وحديث
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة «
nindex.php?page=hadith&LINKID=676325اللهم ، إني أستغفرك لذنبي وأسألك رحمتك » .
وحديث «
nindex.php?page=hadith&LINKID=910039يا حي يا قيوم ، برحمتك أستغيث » .
وحديث : «
nindex.php?page=hadith&LINKID=676349اللهم ، أرجو رحمتك » .
وحديث : «
nindex.php?page=hadith&LINKID=913608إلا أن يتغمدني الله برحمته » .
الثامن : أن المراد بالعالمين أصناف الخلق كما رواه
أبو مسعود وغيره ، وفيه أقوال أخر .
قيل : ما حواه بطن الفلك .
وقيل : كل محدث .
وقيل : كل ما فيه روح .
وقيل : يفيد العقلاء .
[ ص: 440 ]
التاسع : «الحميد» فعيل من الحمد ، بمعنى محمود ، وأبلغ منه وهو من حصل له من صفات الحمد أكملها .
وقيل : هو بمعنى الحامد؛ أي يحمد أفعال عباده .
و «المجيد» من المجد ، وهو صفة الإكرام ، ومناسبة ختم الدعاء بهذين الاسمين العظيمين أن المطلوب تكريم الله لنبيه وثناؤه عليه والتنويه به وزيادة تقريبه ، وذلك مما يستلزم طلب الحمد والمجد له .
العاشر : تقدم في بعض الأحاديث «الأعلين» وهو بفتح اللام ، ويظهر أن المراد به الملأ الأعلى وهم الملائكة؛ لأنهم يسكنون السماوات ، والجن هم الملأ الأسفل؛ لأنهم سكان الأرض .
و «المصطفون» وهو بفتح الطاء والفاء؛ أي المختارين من أبناء جنسهم .
فمن الأنبياء
نوح ، وإبراهيم ، وموسى ، وعيسى أولو العزم وهو سيدهم .
ومن الملائكة كثيرون حملة العرش ،
جبريل ، وميكائيل ، ومن شهد
بدرا .
وقيل : المصطفون هم الذين أعدهم صفوة لصفائهم من الأدناس .
وقيل : هم الذين وجدوه وآمنوا به .
وقيل : هم أصحابه .
وقيل : هم أمته .
والمقربون : المراد بهم الملائكة ، وعن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : هم حملة العرش وبه جزم
nindex.php?page=showalam&ids=13890البغوي .
وقيل : الملائكة الكروبيون عنده الذين حول العرش
كجبريل وميكائيل ومن في طبقتهم .
وقيل : هم الذين لهم تدبير الأحوال السماوية وهم المعنيون بقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=172لن يستنكف المسيح أن يكون عبدا لله ولا الملائكة المقربون [النساء 172] .
وقيل المقربون سبعة :
إسرافيل ، وميكائيل ، وجبريل ، ورضوان ، ومالك ، وروح القدس ، وملك الموت ، عليهم الصلاة والسلام .
وأما المقربون من البشر المذكورون في قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=10والسابقون السابقون nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=11أولئك المقربون nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=12في جنات النعيم [الواقعة 10] فقيل : هم السابقون إلى الإسلام .
وعن
مقاتل : السابقون من سبق إلى الأنبياء بالإيمان .
[ ص: 441 ]
وقيل : هم الصديقون .
الحادي عشر :
nindex.php?page=treesubj&link=34079قوله : «من سره أن يكتال بالمكيال الأوفى» أي الأجر والثواب ، وكنى بذلك عن كثرة الثواب؛ لأن التقدير بالمكيال يكون في الغالب للأشياء الكثيرة ، والتقدير بالميزان يكون دائما للأشياء القليلة وأكد ذلك بقوله : «الأوفى» ، ويحتمل أن يكتال بالمكيال الأوفى الماء من حوض المصطفى ، ويدل لذلك ما ذكره
عياض في الشفاء عن
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن البصري أنه قال : من أراد أن يشرب بالكأس الأوفى من حوض المصطفى فليقل : اللهم ، صل على محمد وعلى آله وأصحابه وأولاده وأزواجه وذريته وأهل بيته وأصهاره وأنصاره وأشياعه ومحبيه وأمته وعلينا معهم أجمعين يا أرحم الراحمين .
قال الإمام
أبو زرعة العراقي : والأول أقرب .
الثاني عشر : قال
المجد اللغوي : أن كثيرا من الناس يقولون : «اللهم صل على سيدنا محمد» وفي ذلك بحث أما في الصلاة فالظاهر هو أنه لا يقال اتباعا للفظ المأثور ووقوفا عند الخبر الصحيح .
وأما في غير الصلاة ، فقد أنكر على من خاطبه بذلك كما في حديث الصحيح وإنكاره يحتمل أن يكون تواضعا منه- صلى الله عليه وسلم- أو كراهة منه أن يحمد ويمدح مشافهة ، أو لأن ذلك كان من تحية الجاهلية أو لمبالغتهم في المدح حيث قالوا : أنت سيدنا ومولانا وأنت والدنا ، وأنت أفضلنا علينا فضلا ، وأنت أطولنا علينا طولا ، وأنت فرد عليهم ، وقال : لا يستهوينكم الشيطان ، وقد صح .
قوله- صلى الله عليه وسلم- «أنا سيد ولد آدم» .
وقوله
للحسن : «إن ابني هذا سيد»
وقوله
لسعد : «قوموا إلى سيدكم» .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود : اللهم ، صل على سيد المرسلين» وكان هذا دلالة واضحة على جواز ذلك ، والمانع يحتاج إلى دليل ، وحديث «لا تسيدوني في الصلاة» لا أصل له .
الثالث عشر : إن قيل : ما الحكمة في قولنا : «اللهم ، صل على سيدنا محمد» والمناسب لأمرنا بالصلاة أن يقول : أصلي على محمد ، قيل : يبلغ قدر الواجب من ذلك أحلناه عليه تعالى؛ لأنه أعلم بما يليق به ، فهو كقوله : «لا أحصي ثناء عليه» قاله
ابن أبي جملة : وقيل : لما كان- صلى الله عليه وسلم- طاهرا لا عيب فيه ، ونحن فينا المعايب والنقائص ، ولم يصلح لنا أن نثني عليه ، سألنا الله تعالى أن يصلي عليه ، لتكون الصلاة من رب طاهر على نبي طاهر . قاله المرغيناني من أئمة الحنفية .
الرابع عشر :
nindex.php?page=treesubj&link=29396خص اسمه محمدا دون سائر أسمائه الشريفة؛ لأنه جامع لجميعها ، وهو علم وصفة اجتمع فيه الأمران في حقه- صلى الله عليه وسلم- وإن كان علما محضا في حق كثير ممن تسمى
[ ص: 442 ]
به غيره ، وهذا شأن أسماء الرب تعالى وأسماء كتابه وأسماء نبيه ، وهي أعلام دالة على معان ، هي أوصاف فلا يضاد فيها العلمية الوصف بخلاف غيرها من أسماء المخلوقين .
الخامس عشر : فإن قلت : لم خص إبراهيم دون غيره من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ؟ .
أجيب بأنه خص بذلك؛ لأنه منادي الشريعة حيث أمره الله تعالى بقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=27وأذن في الناس بالحج [الحج 27]
ومحمد- صلى الله عليه وسلم- كان منادي الدين لقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=193إننا سمعنا مناديا ينادي للإيمان [آل عمران 193] أو لأمر النبي- صلى الله عليه وسلم- باتباعه ، لا سيما في أركان الحج أو لقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=84واجعل لي لسان صدق في الآخرين [الشعراء 84] أو مكافأة لما فعل حيث دعا لأمة محمد- صلى الله عليه وسلم- بقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=41ربنا اغفر لي ولوالدي وللمؤمنين يوم يقوم الحساب [إبراهيم 41] .
السادس عشر : قيل : المراد بالمقعد المقرب المقام المحمود وجلوسه على العرش ، والمراد به الوسيلة .
وقال
الطيبي : إن
nindex.php?page=treesubj&link=30400_30373_28753له- صلى الله عليه وسلم- مقامين مختصين به .
أحدهما : مقام حلول الشفاعة والوقوف على يمين الرحمن حيث يغبطه فيه الأولون والآخرون . وثانيهما : مقعده من الجنة ومنزله الذي لا ينزل بعده .
السابع عشر : اختلف في
nindex.php?page=treesubj&link=24461أفضلية كيفية الصلاة .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13802البارزي : اللهم ، صل على محمد ، وعلى آل محمد أفضل صلواتك عدد معلوماتك فإنه أبلغ ، فيكون أفضل .
وقال
القاضي حسين : أن يقول : اللهم ، صل على محمد كما هو أهله ومستحقه .
وقال صاحب القاموس في كتابه في الصلاة على النبي- صلى الله عليه وسلم- عن بعضهم : اللهم ، صل على سيدنا محمد النبي الأمي ، وعلى كل نبي ، وملك ، وولي ، عدد الشفع والوتر وعدد كلمات ربنا التامات المباركات .
وقال بعضهم : اللهم ، صل على محمد عبدك ونبيك ورسولك النبي الأمي وعلى آله وأزواجه وذريته وسلم عدد خلقك ورضا نفسك وزنة عرشك ومداد كلماتك . قال
nindex.php?page=showalam&ids=14467الحافظ السخاوي : ومال إليه شيخنا- أي
الحافظ ابن حجر- .
وقيل : اللهم ، صل على محمد ، وعلى آل محمد ، كلما ذكره الذاكرون وكلما سها عنه الغافلون . حكاه
nindex.php?page=showalam&ids=14345الرافعي عن
إبراهيم المروزي .
[ ص: 443 ]
وقيل : اللهم صل أبدا أفضل صلواتك على سيدنا محمد عبدك ونبيك ورسولك وآله وسلم تسليما ، وزده شرفا وتكريما ، وأنزله المنزل المقرب عندك يوم القيامة .
قال
الكمال ابن الهمام الحنفي : كل من ذكر من الكيفيات موجود فيها .
وقيل : اللهم ، صل على محمد وعلى آل محمد أفضل صلواتك عدد معلوماتك ، قاله
الشرف البارزي .
وقيل : اللهم ، صل على محمد وعلى آل محمد صلاة دائمة بدوامك . ذكر القاضي مجد الدين الشيرازي اختيارها .
تَنْبِيهَاتٌ
الْأَوَّلُ : قَوْلُهُ الصَّحَابَةُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ- : «أَمَّا السَّلَامُ عَلَيْكَ فَقَدْ عَرَفْنَاهُ» أَيْ مِمَّا عَلَّمَهُمْ إِيَّاهُ فِي التَّشَهُّدِ بِقَوْلِهِ : «السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ» فَيَكُونُ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِمْ : فَكَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ ؟ أَيْ بَعْدَ التَّشَهُّدِ .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14467الْحَافِظُ السَّخَاوِيُّ : وَتَفْسِيرُ السَّلَامِ بِذَلِكَ هُوَ الظَّاهِرُ .
وَحَكَى
nindex.php?page=showalam&ids=13332ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ ، وَعِيَاضٌ وَغَيْرُهُمَا احْتِمَالًا ، وَهُوَ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ السَّلَامُ الَّذِي يَتَحَلَّلُ بِهِ مِنَ الصَّلَاةِ .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13332ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ : وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ .
الثَّانِي : اخْتُلِفَ فِي الْمُرَادِ بِقَوْلِهِمْ : كَيْفَ ؟ فَقِيلَ : الْمُرَادُ السُّؤَالُ عَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=24458مَعْنَى الصَّلَاةِ الْمَأْمُورِ بِهَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=56صَلُّوا عَلَيْهِ [الْأَحْزَابُ 56] يَحْتَمِلُ الرَّحْمَةَ وَالدُّعَاءَ وَالتَّعْظِيمَ سَأَلُوا فَقَالُوا : بِأَيِّ لَفْظٍ تُؤَدَّى ، وَرَجَّحَ الْبَاجِيُّ أَنَّ السُّؤَالَ إِنَّمَا وَقَعَ عَنْ صِفَتِهَا لَا عَنْ جِنْسِهَا .
قَالَ الْحَافِظُ : وَهُوَ أَظْهَرُ؛ لِأَنَّ لَفْظَ «كَيْفَ» ظَاهِرٌ فِي الصِّفَةِ وَأَمَّا الْجِنْسُ ، فَيُسْأَلُ عَنْهُ بِلَفْظِ «مَا» ، وَجَزَمَ بِهِ
nindex.php?page=showalam&ids=11963الْقُرْطُبِيُّ فَقَالَ : هَذَا سُؤَالُ مَنْ أُشْكِلَتْ عَلَيْهِ كَيْفِيَّةُ مَا فُهِمَ أَصْلُهُ ، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ عَرَفُوا الْمُرَادَ بِالصَّلَاةِ ، فَسَأَلُوا عَنِ الصِّفَةِ الَّتِي يَلِيقُ بِهَا لِيَسْتَعْمِلُوهَا . انْتَهَى .
[ ص: 437 ]
وَالْحَامِلُ لَهُمْ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ السَّلَامَ لَمَا تَقَدَّمَ بِلَفْظٍ مَخْصُوصٍ وَهُوَ «السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ» فَفَهِمُوا أَنَّ الصَّلَاةَ تَقَعُ أَيْضًا بِلَفْظٍ مَخْصُوصٍ وَعَدَلُوا عَنِ الْقِيَاسِ ، لِإِمْكَانِ الْوُقُوفِ عَلَى النَّصِّ وَلَا سِيَّمَا فِي أَلْفَاظِ الْأَذْكَارِ فَإِنَّهَا تَجِيءُ خَارِجَةً عَنِ الْقِيَاسِ غَالِبًا ، فَوَقَعَ الْأَمْرُ كَمَا فَهِمُوهُ فَإِنَّهُ عَلَّمَهُمْ صِفَةً أُخْرَى .
الثَّالِثُ : اخْتُلِفَ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=28815«آلِهِ» - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- فَمَذْهَبُ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ أَنَّهُمْ
بَنُو هَاشِمٍ وَالْمُطَّلِبِ .
وَمَذْهَبُ
nindex.php?page=showalam&ids=16867مَالِكٍ : بَنُو هَاشِمٍ فَقَطْ .
وَأَمَّا
آلُ إِبْرَاهِيمَ ، فَهُمْ ذُرِّيَّتُهُ مِنْ
إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ ، وَإِنْ ثَبَتَ أَنَّ لَهُ أَوْلَادًا مِنْ غَيْرِ
سَارَّةَ وَهَاجَرَ؛ فَهُمْ دَاخِلُونَ ، وَالْمُرَادُ الْمُسْلِمُونَ مِنْهُمْ بَلِ الْمُتَّقُونَ ، فَيَدْخُلُ الْأَنْبِيَاءُ وَالصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَدَاءُ وَالصَّالِحُونَ دُونَ مَنْ عَدَاهُمْ .
الرَّابِعُ : إِنْ قِيلَ : مَا وَجْهُ التَّفْرِقَةِ بَيْنَ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَبَيْنَ الصَّلَاةِ عَلَى مَنْ عَطَفَ عَلَيْهِ فَإِنَّهَا وَاجِبَةٌ عَلَيْهِ دُونَهُمْ إِذَا كَانَ دَلِيلُ الْوُجُوبِ «قُولُوا» فَالْجَوَابُ أَنَّ الْمُعْتَمِدَ فِي الْوُجُوبِ إِنَّمَا هُوَ الْأَمْرُ الْوَارِدُ فِي الْقُرْآنِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=56صَلُّوا عَلَيْهِ وَلَمْ يَأْمُرْ بِالصَّلَاةِ عَلَى آلِهِ .
وَأَمَّا تَعْلِيمُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَدْ بُيِّنَ لَهُمُ الْوَاجِبُ ، وَزَادَهُمْ رُتْبَةَ الْكَمَالِ عَلَى الْوَاجِبِ .
وَأَيْضًا جَوَابُهُ- عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- وَرُدَّ بِزِيَادَاتٍ وَنَقْصٍ ، وَإِنَّمَا يُحْمَلُ عَلَى الْوُجُوبِ الْقَدْرُ الْمُتَّفَقُ عَلَيْهِ .
الْخَامِسُ : قَالَ الْحَافِظُ : اشْتُهِرَ السُّؤَالُ عَنْ مَوْقِعِ التَّشْبِيهِ فِي قَوْلِهِ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ مَعَ أَنَّ الْمُقَرَّرَ أَنَّ الْمُشَبَّهَ دُونَ الْمُشَبَّهِ بِهِ وَالْوَاقِعَ هُنَا عَكْسُهُ .
وَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّهُ قَالَ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ أَفْضَلُ مِنْ إِبْرَاهِيمَ ، وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَغَيْرِ صِفَةِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ بَعْدَ أَنْ عَلِمَ أَنَّهُ أَفْضَلُ .
وَبِأَنَّهُ قَالَ : ذَلِكَ تَوَاضُعًا وَشَرَعَ لِأُمَّتِهِ ذَلِكَ لِيَكْتَسِبُوا الْفَضِيلَةَ .
وَبِأَنَّ التَّشْبِيهَ إِنَّمَا هُوَ لِأَصْلِ الصَّلَاةِ بِأَصْلِ الصَّلَاةِ لَا لِلْقَدْرِ بِالْقَدْرِ وَرَجَّحَ هَذَا الْجَوَابَ
nindex.php?page=showalam&ids=11963الْقُرْطُبِيُّ فِي «الْمُفْهِمِ» .
وَبِأَنَّ الْكَافَ لِلتَّعْلِيلِ .
وَبِأَنَّ الْمُرَادَ أَنْ يَجْعَلَهُ كَإِبْرَاهِيمَ فِي الْخُلَّةِ ، وَأَنْ يُجْعَلَ لَهُ لِسَانَ صِدْقٍ [كَمَا جَعَلَ
[ ص: 438 ] لِإِبْرَاهِيمَ] مُضَافًا لِمَا حَصَلَ لَهُ مِنَ الْمَحَبَّةِ .
وَيَرُدُّ عَلَيْهِ مَا وَرَدَ عَلَى الْأَوَّلِ وَبِأَنَّ قَوْلَهُ : «اللَّهُمَّ ، صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ» مَقْطُوعٌ عَنِ التَّشْبِيهِ فَيَكُونُ التَّشْبِيهُ مُتَعَلِّقًا بِآلِ مُحَمَّدٍ .
وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ غَيْرَ الْأَنْبِيَاءِ لَا يُسَاوُوا الْأَنْبِيَاءَ ، فَكَيْفَ يَطْلُبُ مُسَاوَاةَ الصَّلَاةِ عَلَيْهِمْ .
قَالَ الْحَافِظُ : وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّ الْمَطْلُوبَ الثَّوَابُ الْحَاصِلُ لَهُمْ لَا جَمِيعُ الصِّفَاتِ وَبِأَنَّ التَّشْبِيهَ لِلْمَجْمُوعِ بِالْمَجْمُوعِ .
قَالَ الْحَافِظُ : وَيُعَكِّرُ عَلَيْهِ مَا وَرَدَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ : «اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ» .
وَبِأَنَّ الْمُرَادَ بِالتَّشْبِيهِ النَّظَرُ إِلَى مَا يَحْصُلُ لِمُحَمَّدٍ وَآلِهِ مِنْ صَلَاةِ كُلِّ فَرْدٍ مِنْ أَوَّلِ التَّعْلِيمِ إِلَى آخِرِ الزَّمَانِ فَيَكُونُ أَضْعَافَ مَا حَصَلَ لِإِبْرَاهِيمَ وَآلِهِ ، وَإِلَى ذَلِكَ أَشَارَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ بِقَوْلِهِ : الْمُرَادُ دَوَامُ ذَلِكَ وَاسْتِمْرَارُهُ .
وَبِأَنَّ التَّشْبِيهَ رَاجِعٌ إِلَى مَا يَحْصُلُ لِلْمُصَلِّي مِنَ الثَّوَابِ لَا إِلَى مَا يَحْصُلُ لِلنَّبِيِّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ الْحَافِظُ : وَهَذَا ضَعِيفٌ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ كَأَنَّهُ قَالَ : اللَّهُمَّ أَعْطِنِي ثَوَابًا عَلَى صَلَاتِي عَلَى النَّبِيِّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ .
وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ الْمُرَادَ مِثْلُ ثَوَابِ الْمُصَلِّي عَلَى إِبْرَاهِيمَ .
وَبِأَنَّ كَوْنَ الْمُشَبَّهِ بِهِ أَرْفَعَ مِنَ الْمُشَبَّهِ غَيْرُ مُطَّرِدٍ بَلْ قَدْ يَكُونُ التَّشْبِيهُ بِالْمُسَاوِي وَالدُّونِ؛ كَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=117مَثَلُ مَا يُنْفِقُونَ [الْبَقَرَةُ 261]
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=35مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ [النُّورُ 35] وَحَسَّنَ التَّشْبِيهَ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ تَعْظِيمُ إِبْرَاهِيمَ وَآلِ إِبْرَاهِيمَ [بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِمْ] مَشْهُورًا وَاضِحًا عِنْدَ جَمِيعِ الطَّوَائِفِ حَسُنَ أَنْ يُطْلَبَ لِلنَّبِيِّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَآلِهِ مِثْلُ ذَلِكَ .
وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ : «فِي الْعَالَمِينَ» .
وَقَالَ
ابْنُ الْقَيِّمِ ، بَعْدَ أَنْ زَيَّفَ أَكْثَرَ الْأَجْوِبَةِ إِلَّا تَشْبِيهَ الْمَجْمُوعِ بِالْمَجْمُوعِ : وَأَحْسَنُ مِنْهُ أَنْ يُقَالَ إِنَّهُ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ آلِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ [وَقَدْ ثَبَتَ ذَلِكَ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=33إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ [آلُ عِمْرَانَ 33] قَالَ : مُحَمَّدٌ مِنْ آلِ إِبْرَاهِيمَ] .
فَكَأَنَّهُ أَمَرَنَا بِأَنْ نُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ خُصُوصًا ، بِقَدْرِ مَا صَلَّيْنَا عَلَيْهِ مَعَ إِبْرَاهِيمَ وَآلِ إِبْرَاهِيمَ عُمُومًا فَيَحْصُلُ لِآلِهِ مَا يَلِيقُ بِهِمْ وَيَبْقَى الْبَاقِي كُلُّهُ لَهُ ، وَذَلِكَ الْقَدْرُ أَزْيَدُ مِمَّا لِغَيْرِهِ مِنْ آلِ إِبْرَاهِيمَ قَطْعًا ، وَيَظْهَرُ فَائِدَةُ التَّشْبِيهِ حِينَئِذٍ .
[ ص: 439 ]
وَنَقَلَ الْحَافِظُ عَنِ
الْمُجِدِّ اللُّغَوِيِّ عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الْكَشْفِ : أَنَّ التَّشْبِيهَ لِغَيْرِ اللَّفْظِ الْمُشَبَّهِ بِهِ لَا لِعَيْنِهِ وَذَلِكَ أَنَّ [بِقَوْلِنَا : اللَّهُمَّ ، صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ] اجْعَلْ مِنْ أَتْبَاعِ مُحَمَّدٍ مَنْ يَبْلُغُ النِّهَايَةَ فِي أَمْرِ الدِّينِ كَالْعُلَمَاءِ بِشَرْعِهِ [بِتَقْرِيرِهِمْ أَمْرَ الشَّرِيعَةِ] كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ بِأَنْ جَعَلْتَ فِي أَتْبَاعِهِ أَنْبِيَاءَ يُقَرِّرُونَ الشَّرِيعَةَ ، وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ «وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ» اجْعَلْ مِنْ أَتْبَاعِهِ نَاسًا مُحَدَّثِينَ بِالْفَتْحِ يُخْبِرُونَ بِالْمُغَيَّبَاتِ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ بِأَنْ جَعَلْتَ فِيهِمْ أَنْبِيَاءُ يُخْبِرُونَ بِالْمُغَيَّبَاتِ وَالْمَطْلُوبِ] حُصُولُ صِفَاتِ الْأَنْبِيَاءِ لِآلِ مُحَمَّدٍ ، وَهُمْ أَتْبَاعٌ لَهُ فِي الدِّينِ ، كَمَا كَانَتْ حَاصِلَةً بِسُؤَالِ إِبْرَاهِيمَ .
قَالَ الْحَافِظُ : وَهُوَ جَيِّدٌ إِنْ سُلِّمَ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالصَّلَاةِ هُنَا مَا ادَّعَاهُ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ .
السَّادِسُ :
nindex.php?page=treesubj&link=34079الْمُرَادُ بِالْبَرَكَةِ فِي قَوْلِهِ : «وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ» الزِّيَادَةُ مِنَ الْخَيْرِ وَالْكَرَامَةِ وَقِيلَ : التَّطْهِيرُ مِنَ الْعُيُوبِ وَالتَّزْكِيَةِ .
وَقِيلَ : الْمُرَادُ ثُبُوتُ ذَلِكَ وَاسْتِمْرَارُهُ مِنْ قَوْلِهِمْ : بَرَكَتِ الْإِبِلُ أَيْ ثَبَتَتْ عَلَى الْأَرْضِ ، وَبِهِ سُمِّيَتْ بِرْكَةُ الْمَاءِ ، بِكَسْرِ أَوَّلِهِ وَسُكُونِ ثَانِيهِ لِإِقَامَةِ الْمَاءِ بِهَا .
السَّابِعُ : مَا أَنْكَرَهُ
ابْنُ الْعَرَبِيِّ عَلِيُّ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ الْمَالِكِيُّ مِنْ قَوْلِهِ فِي رِسَالَتِهِ : «وَارْحَمْ مُحَمَّدًا» إِنْ كَانَ مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ لَمْ يَصِحَّ فَظَاهِرٌ ، وَإِنْ كَانَ مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ لَا يُقَالُ : وَارْحَمْ مُحَمَّدًا فَغَيْرُ مُسَلَّمٍ؛ فَقَدْ وَرَدَ فِي ذَلِكَ عِدَّةُ أَحَادِيثَ مِنْهَا مَا تَقَدَّمَ .
وَأَصَحُّهَا فِي التَّشَهُّدِ «السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ» .
قَالَ الْحَافِظُ : وَمِنْهَا : حَدِيثُ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ : «
nindex.php?page=hadith&LINKID=910140اللَّهُمَّ ، إِنِّي أَسْأَلُكَ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِكَ » .
وَحَدِيثُ
nindex.php?page=showalam&ids=25عَائِشَةَ «
nindex.php?page=hadith&LINKID=676325اللَّهُمَّ ، إِنِّي أَسْتَغْفِرُكَ لِذَنْبِي وَأَسْأَلُكَ رَحْمَتَكَ » .
وَحَدِيثُ «
nindex.php?page=hadith&LINKID=910039يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ ، بِرَحْمَتِكَ أَسْتَغِيثُ » .
وَحَدِيثُ : «
nindex.php?page=hadith&LINKID=676349اللَّهُمَّ ، أَرْجُو رَحْمَتَكَ » .
وَحَدِيثُ : «
nindex.php?page=hadith&LINKID=913608إِلَّا أَنْ يَتَغَمَّدَنِي اللَّهُ بِرَحْمَتِهِ » .
الثَّامِنُ : أَنَّ الْمُرَادَ بِالْعَالَمِينَ أَصْنَافُ الْخَلْقِ كَمَا رَوَاهُ
أَبُو مَسْعُودٍ وَغَيْرُهُ ، وَفِيهِ أَقْوَالٌ أُخَرُ .
قِيلَ : مَا حَوَاهُ بَطْنُ الْفُلْكِ .
وَقِيلَ : كُلُّ مُحَدَّثٍ .
وَقِيلَ : كُلُّ مَا فِيهِ رُوحٌ .
وَقِيلَ : يُفِيدُ الْعُقَلَاءَ .
[ ص: 440 ]
التَّاسِعُ : «الْحَمِيدُ» فَعِيلٌ مِنَ الْحَمْدِ ، بِمَعْنَى مَحْمُودٍ ، وَأَبْلَغُ مِنْهُ وَهُوَ مَنْ حَصَلَ لَهُ مِنْ صِفَاتِ الْحَمْدِ أَكْمَلُهَا .
وَقِيلَ : هُوَ بِمَعْنَى الْحَامِدِ؛ أَيْ يَحْمَدُ أَفْعَالَ عِبَادِهِ .
وَ «الْمَجِيدُ» مِنَ الْمَجْدِ ، وَهُوَ صِفَةُ الْإِكْرَامِ ، وَمُنَاسَبَةُ خَتْمِ الدُّعَاءِ بِهَذَيْنِ الِاسْمَيْنِ الْعَظِيمَيْنِ أَنَّ الْمَطْلُوبَ تَكْرِيمُ اللَّهِ لِنَبِيِّهِ وَثَنَاؤُهُ عَلَيْهِ وَالتَّنْوِيهُ بِهِ وَزِيَادَةُ تَقْرِيبِهِ ، وَذَلِكَ مِمَّا يَسْتَلْزِمُ طَلَبَ الْحَمْدِ وَالْمَجْدِ لَهُ .
الْعَاشِرُ : تَقَدَّمَ فِي بَعْضِ الْأَحَادِيثِ «الْأَعْلَيْنَ» وَهُوَ بِفَتْحِ اللَّامِ ، وَيَظْهَرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْمَلَأُ الْأَعْلَى وَهُمُ الْمَلَائِكَةُ؛ لِأَنَّهُمْ يَسْكُنُونَ السَّمَاوَاتِ ، وَالْجِنُّ هُمُ الْمَلَأُ الْأَسْفَلُ؛ لِأَنَّهُمْ سُكَّانُ الْأَرْضِ .
وَ «الْمُصْطَفَوْنَ» وَهُوَ بِفَتْحِ الطَّاءِ وَالْفَاءِ؛ أَيِ الْمُخْتَارِينَ مِنْ أَبْنَاءِ جِنْسِهِمْ .
فَمِنَ الْأَنْبِيَاءِ
نُوحٌ ، وَإِبْرَاهِيمُ ، وَمُوسَى ، وَعِيسَى أُولُو الْعَزْمِ وَهُوَ سَيِّدُهُمْ .
وَمِنَ الْمَلَائِكَةِ كَثِيرُونَ حَمَلَةُ الْعَرْشِ ،
جِبْرِيلُ ، وَمِيكَائِيلُ ، وَمَنْ شَهِدَ
بَدْرًا .
وَقِيلَ : الْمُصْطَفَوْنَ هُمُ الَّذِينَ أَعَدَّهُمْ صَفْوَةٌ لِصَفَائِهِمْ مِنَ الْأَدْنَاسِ .
وَقِيلَ : هُمُ الَّذِينَ وَجَدُوهُ وَآمَنُوا بِهِ .
وَقِيلَ : هُمْ أَصْحَابُهُ .
وَقِيلَ : هُمْ أُمَّتُهُ .
وَالْمُقَرَّبُونَ : الْمُرَادُ بِهِمُ الْمَلَائِكَةُ ، وَعَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ : هُمْ حَمَلَةُ الْعَرْشِ وَبِهِ جَزَمَ
nindex.php?page=showalam&ids=13890الْبَغَوِيُّ .
وَقِيلَ : الْمَلَائِكَةُ الْكُرُوبِيُّونَ عِنْدَهُ الَّذِينَ حَوْلَ الْعَرْشِ
كَجِبْرِيلَ وَمِيكَائِيلَ وَمَنْ فِي طَبَقَتِهِمْ .
وَقِيلَ : هُمُ الَّذِينَ لَهُمْ تَدْبِيرُ الْأَحْوَالِ السَّمَاوِيَّةِ وَهُمُ الْمَعْنِيُّونَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=172لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا لِلَّهِ وَلا الْمَلائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ [النِّسَاءُ 172] .
وَقِيلَ الْمُقَرَّبُونَ سَبْعَةٌ :
إِسْرَافِيلُ ، وَمِيكَائِيلُ ، وَجِبْرِيلُ ، وَرِضْوَانُ ، وَمَالِكُ ، وَرُوحُ الْقُدُسِ ، وَمَلَكُ الْمَوْتِ ، عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ .
وَأَمَّا الْمُقَرَّبُونَ مِنَ الْبَشَرِ الْمَذْكُورُونَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=10وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=11أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=12فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ [الْوَاقِعَةُ 10] فَقِيلَ : هُمُ السَّابِقُونَ إِلَى الْإِسْلَامِ .
وَعَنْ
مُقَاتِلٍ : السَّابِقُونَ مَنْ سَبَقَ إِلَى الْأَنْبِيَاءِ بِالْإِيمَانِ .
[ ص: 441 ]
وَقِيلَ : هُمُ الصِّدِّيقُونَ .
الْحَادِيَ عَشَرَ :
nindex.php?page=treesubj&link=34079قَوْلُهُ : «مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَكْتَالَ بِالْمِكْيَالِ الْأَوْفَى» أَيِ الْأَجْرُ وَالثَّوَابُ ، وَكَنَّى بِذَلِكَ عَنْ كَثْرَةِ الثَّوَابِ؛ لِأَنَّ التَّقْدِيرَ بِالْمِكْيَالِ يَكُونُ فِي الْغَالِبِ لِلْأَشْيَاءِ الْكَثِيرَةِ ، وَالتَّقْدِيرُ بِالْمِيزَانِ يَكُونُ دَائِمًا لِلْأَشْيَاءِ الْقَلِيلَةِ وَأَكَّدَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ : «الْأَوْفَى» ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكْتَالَ بِالْمِكْيَالِ الْأَوْفَى الْمَاءَ مِنْ حَوْضِ الْمُصْطَفَى ، وَيَدُلُّ لِذَلِكَ مَا ذَكَرَهُ
عِيَاضٌ فِي الشِّفَاءِ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=14102الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ : مَنْ أَرَادَ أَنْ يَشْرَبَ بِالْكَأْسِ الْأَوْفَى مِنْ حَوْضِ الْمُصْطَفَى فَلْيَقُلِ : اللَّهُمَّ ، صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَوْلَادِهِ وَأَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ وَأَهْلِ بَيْتِهِ وَأَصْهَارِهِ وَأَنْصَارِهِ وَأَشْيَاعِهِ وَمُحِبِّيهِ وَأُمَّتِهِ وَعَلَيْنَا مَعَهُمْ أَجْمَعِينَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ .
قَالَ الْإِمَامُ
أَبُو زُرْعَةَ الْعِرَاقِيُّ : وَالْأَوَّلُ أَقْرَبُ .
الثَّانِيَ عَشَرَ : قَالَ
الْمُجِدُّ اللُّغَوِيُّ : أَنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ يَقُولُونَ : «اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ» وَفِي ذَلِكَ بَحْثٌ أَمَّا فِي الصَّلَاةِ فَالظَّاهِرُ هُوَ أَنَّهُ لَا يُقَالُ اتِّبَاعًا لِلَّفْظِ الْمَأْثُورِ وَوُقُوفًا عِنْدَ الْخَبَرِ الصَّحِيحِ .
وَأَمَّا فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ ، فَقَدْ أَنْكَرَ عَلَى مَنْ خَاطَبَهُ بِذَلِكَ كَمَا فِي حَدِيثِ الصَّحِيحِ وَإِنْكَارِهِ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ تَوَاضُعًا مِنْهُ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَوْ كَرَاهَةً مِنْهُ أَنْ يُحْمَدَ وَيُمْدَحَ مُشَافَهَةً ، أَوْ لِأَنَّ ذَلِكَ كَانَ مِنْ تَحِيَّةِ الْجَاهِلِيَّةِ أَوْ لِمُبَالَغَتِهِمْ فِي الْمَدْحِ حَيْثُ قَالُوا : أَنْتَ سَيِّدُنَا وَمَوْلَانَا وَأَنْتَ وَالِدُنَا ، وَأَنْتَ أَفْضَلُنَا عَلَيْنَا فَضْلًا ، وَأَنْتَ أَطْوَلُنَا عَلَيْنَا طُولًا ، وَأَنْتَ فَرْدٌ عَلَيْهِمْ ، وَقَالَ : لَا يَسْتَهْوِيَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ ، وَقَدْ صَحَّ .
قَوْلُهُ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- «أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ» .
وَقَوْلُهُ
لِلْحَسَنِ : «إِنَّ ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ»
وَقَوْلُهُ
لِسَعْدٍ : «قُومُوا إِلَى سَيِّدِكُمْ» .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنُ مَسْعُودٍ : اللَّهُمَّ ، صَلِّ عَلَى سَيِّدِ الْمُرْسَلِينَ» وَكَانَ هَذَا دَلَالَةً وَاضِحَةً عَلَى جَوَازِ ذَلِكَ ، وَالْمَانِعُ يَحْتَاجُ إِلَى دَلِيلٍ ، وَحَدِيثُ «لَا تُسَيِّدُونِي فِي الصَّلَاةِ» لَا أَصْلَ لَهُ .
الثَّالِثَ عَشَرَ : إِنْ قِيلَ : مَا الْحِكْمَةُ فِي قَوْلِنَا : «اللَّهُمَّ ، صَلِّ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ» وَالْمُنَاسِبُ لِأَمْرِنَا بِالصَّلَاةِ أَنْ يَقُولَ : أُصَلِّي عَلَى مُحَمَّدٍ ، قِيلَ : يَبْلُغُ قَدْرُ الْوَاجِبِ مِنْ ذَلِكَ أَحَلْنَاهُ عَلَيْهِ تَعَالَى؛ لِأَنَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَلِيقُ بِهِ ، فَهُوَ كَقَوْلِهِ : «لَا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْهِ» قَالَهُ
ابْنُ أَبِي جُمْلَةَ : وَقِيلَ : لَمَّا كَانَ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- طَاهِرًا لَا عَيْبَ فِيهِ ، وَنَحْنُ فِينَا الْمَعَايِبُ وَالنَّقَائِصُ ، وَلَمْ يَصْلُحْ لَنَا أَنْ نُثْنِيَ عَلَيْهِ ، سَأَلْنَا اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ ، لِتَكُونَ الصَّلَاةُ مِنْ رَبٍّ طَاهِرٍ عَلَى نَبِيٍّ طَاهِرٍ . قَالَهُ الْمَرْغِينَانِيُّ مِنْ أَئِمَّةِ الْحَنَفِيَّةِ .
الرَّابِعَ عَشَرَ :
nindex.php?page=treesubj&link=29396خُصَّ اسْمُهُ مُحَمَّدًا دُونَ سَائِرِ أَسْمَائِهِ الشَّرِيفَةِ؛ لِأَنَّهُ جَامِعٌ لِجَمِيعِهَا ، وَهُوَ عِلْمٌ وَصِفَةٌ اجْتَمَعَ فِيهِ الْأَمْرَانِ فِي حَقِّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَإِنْ كَانَ عِلْمًا مَحْضًا فِي حَقِّ كَثِيرٍ مِمَّنْ تَسَمَّى
[ ص: 442 ]
بِهِ غَيْرُهُ ، وَهَذَا شَأْنُ أَسْمَاءِ الرَّبِّ تَعَالَى وَأَسْمَاءِ كِتَابِهِ وَأَسْمَاءِ نَبِيِّهِ ، وَهِيَ أَعْلَامٌ دَالَّةٌ عَلَى مَعَانٍ ، هِيَ أَوْصَافٌ فَلَا يُضَادُّ فِيهَا الْعَلَمِيَّةُ الْوَصْفَ بِخِلَافِ غَيْرِهَا مِنْ أَسْمَاءِ الْمَخْلُوقِينَ .
الْخَامِسَ عَشَرَ : فَإِنْ قُلْتَ : لِمَ خُصَّ إِبْرَاهِيمُ دُونَ غَيْرِهِ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ ؟ .
أُجِيبُ بِأَنَّهُ خُصَّ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ مُنَادِي الشَّرِيعَةِ حَيْثُ أَمَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=27وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ [الْحَجُّ 27]
وَمُحَمَّدٌ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ مُنَادِيَ الدِّينِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=193إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلإِيمَانِ [آلُ عِمْرَانَ 193] أَوْ لِأَمْرِ النَّبِيِّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِاتِّبَاعِهِ ، لَا سِيَّمَا فِي أَرْكَانِ الْحَجِّ أَوْ لِقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=84وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الآخِرِينَ [الشُّعَرَاءُ 84] أَوْ مُكَافَأَةً لِمَا فَعَلَ حَيْثُ دَعَا لِأُمَّةِ مُحَمَّدٍ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=41رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ [إِبْرَاهِيمُ 41] .
السَّادِسَ عَشَرَ : قِيلَ : الْمُرَادُ بِالْمَقْعَدِ الْمُقَرَّبِ الْمَقَامُ الْمَحْمُودُ وَجُلُوسُهُ عَلَى الْعَرْشِ ، وَالْمُرَادُ بِهِ الْوَسِيلَةُ .
وَقَالَ
الطَّيِّبِيُّ : إِنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=30400_30373_28753لَهُ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَقَامَيْنِ مُخْتَصَّيْنِ بِهِ .
أَحَدُهُمَا : مَقَامُ حُلُولِ الشَّفَاعَةِ وَالْوُقُوفِ عَلَى يَمِينِ الرَّحْمَنِ حَيْثُ يَغْبِطُهُ فِيهِ الْأَوَّلُونَ وَالْآخَرُونَ . وَثَانِيهِمَا : مَقْعَدُهُ مِنَ الْجَنَّةِ وَمَنْزِلُهُ الَّذِي لَا يَنْزِلُ بَعْدَهُ .
السَّابِعَ عَشَرَ : اخْتُلِفَ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=24461أَفْضَلِيَّةِ كَيْفِيَّةِ الصَّلَاةِ .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13802الْبَارِزِيُّ : اللَّهُمَّ ، صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ ، وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ أَفْضَلَ صَلَوَاتِكَ عَدَدَ مَعْلُومَاتِكَ فَإِنَّهُ أَبْلَغُ ، فَيَكُونُ أَفْضَلَ .
وَقَالَ
الْقَاضِي حُسَيْنٌ : أَنْ يَقُولَ : اللَّهُمَّ ، صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ كَمَا هُوَ أَهْلُهُ وَمُسْتَحِقُّهُ .
وَقَالَ صَاحِبُ الْقَامُوسِ فِي كِتَابِهِ فِي الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنْ بَعْضِهِمْ : اللَّهُمَّ ، صَلِّ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ ، وَعَلَى كُلِّ نَبِيٍّ ، وَمَلَكٍ ، وَوَلِيٍّ ، عَدَدَ الشَّفْعِ وَالْوَتْرِ وَعَدَدَ كَلِمَاتِ رَبِّنَا التَّامَّاتِ الْمُبَارَكَاتِ .
وَقَالَ بَعْضُهُمْ : اللَّهُمَّ ، صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَنَبِيِّكَ وَرَسُولِكَ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ وَعَلَى آلِهِ وَأَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ وَسَلِّمْ عَدَدَ خَلْقِكَ وَرِضَا نَفْسِكَ وَزِنَةَ عَرْشِكَ وَمِدَادَ كَلِمَاتِكَ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14467الْحَافِظُ السَّخَاوِيُّ : وَمَالَ إِلَيْهِ شَيْخُنَا- أَيِ
الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ- .
وَقِيلَ : اللَّهُمَّ ، صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ ، وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ ، كُلَّمَا ذَكَرَهُ الذَّاكِرُونَ وَكُلَّمَا سَهَا عَنْهُ الْغَافِلُونَ . حَكَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14345الرَّافِعِيُّ عَنْ
إِبْرَاهِيمَ الْمَرْوَزِيِّ .
[ ص: 443 ]
وَقِيلَ : اللَّهُمَّ صَلِّ أَبَدًا أَفْضَلَ صَلَوَاتِكَ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَنَبِيِّكَ وَرَسُولِكَ وَآلِهِ وَسَلِّمْ تَسْلِيمًا ، وَزِدْهُ شَرَفًا وَتَكْرِيمًا ، وَأَنْزِلْهُ الْمَنْزِلَ الْمُقَرَّبَ عِنْدَكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ .
قَالَ
الْكَمَالُ ابْنُ الْهُمَامِ الْحَنَفِيُّ : كُلُّ مَنْ ذُكِرَ مِنَ الْكَيْفِيَّاتِ مَوْجُودٌ فِيهَا .
وَقِيلَ : اللَّهُمَّ ، صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ أَفْضَلَ صَلَوَاتِكَ عَدَدَ مَعْلُومَاتِكَ ، قَالَهُ
الشَّرَفُ الْبَارِزِيُّ .
وَقِيلَ : اللَّهُمَّ ، صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ صَلَاةً دَائِمَةً بِدَوَامِكَ . ذَكَرَ الْقَاضِي مَجْدُ الدِّينِ الشِّيرَازِيُّ اخْتِيَارَهَا .