ثم دخلت سنة سبع وخمسين ومائة
فمن الحوادث فيها أن حول الأسواق من المنصور مدينة السلام إلى باب الكرخ وغيره من المواضع .
أخبرنا عبد الرحمن بن محمد ، قال: أخبرنا قال: أحمد بن علي الخطيب ،
أخبرنا محمد بن الحسين القطان ، قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر بن درستويه ، قال:
حدثنا يعقوب بن سفيان ، قال:
سنة سبع وخمسين ومائة نقل أبو جعفر الأسواق من المدينة الشرقية إلى باب الكرخ وباب الشعير والمحول ، وفي السوق التي تعرف بالكرخ ، وأمر ببنائها من ماله على يدي الربيع مولاه .
وفيها: وسع طرق المدينة وأرباضها ، ووضعها على مقدار أربعين ذراعا ، وأمر بهدم ما شخص من الدور غير ذلك القدر .
أخبرنا عبد الرحمن ، قال: أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت ، قال: أخبرني قال: حدثنا أبو القاسم الأزهري ، أحمد بن إبراهيم بن الحسن ، قال: أخبرنا ابن عرفة ، قال:
لما دخلت سنة سبع وخمسين وكان أبو جعفر قد ولى الحسبة [ ص: 194 ] فاستغوى العامة وزين لهم الجموع ، فقتله يحيى بن زكريا أبو جعفر بباب الذهب ، وحول أسواق المدينة إلى باب الكرخ وباب الشعير وباب المحول ، وأمر ببناء الأسواق على يد الربيع .
أخبرنا عبد الرحمن ، قال: أخبرنا أحمد بن علي ، قال: أخبرنا محمد بن علي الوراق ، وأحمد بن علي المحتسب ، قالا: أخبرنا محمد بن جعفر النحوي ، قال:
حدثنا الحسن بن محمد السكوني ، قال: قال محمد بن خلف: قال الخوارزمي ، يعني محمد بن موسى :
وحول أبو جعفر الأسواق إلى الكرخ وبناها من ماله بعد مائة سنة وست وخمسين ، وخمسة أشهر وعشرين يوما ، ثم بدأ بعد ذلك في بناء قصر الخلد على شاطئ دجلة بعد شهر وأحد عشر يوما .
قال محمد بن خلف : وأخبرني الحارث بن أبي أسامة ، قال: لما فرغ من المنصور مدينة السلام ، وصير الأسواق في طاقات مدينته من كل جانب ، قدم عليه وفد ملك الروم ، فأمر أن يطاف بهم في المدينة ، ثم دعاهم فقال للبطريق: كيف رأيت هذه المدينة؟ قال: رأيت أمرها كاملا إلا في خلة واحدة ، قال: وما هي؟ قال: عدوك يخترقها متى شاء وأنت لا تعلم ، وأخبارك مبثوثة في الآفاق ، لا يمكنك سترها ، قال:
كيف؟ قال: الأسواق فيها ، والأسواق غير ممنوع منها أحد ، فيدخل العدو كأنه يريد أن يتسوق ، وأما التجار فإنها ترد الآفاق فيتحدثون بأخبارك ، قال: فزعموا أن حينئذ أمر بإخراج الأسواق من المدينة إلى المنصور الكرخ ، وأن يبنى ما بين الصراة إلى نهر عيسى ، وولى ذلك محمد بن حبيش الكاتب ، ودعا بثوب واسع فحد فيه الأسواق ، ورتب كل صنف منها في موضعه ، وقال اجعلوا سوق القصابين في آخر الأسواق ، فإنهم سفهاء وفي أيديهم الحديد القاطع ، ثم أمر أن يبنى لأهل الأسواق مسجد يجتمعون فيه يوم الجمعة لا يدخلون المدينة ، ويفرد لهم ذلك ، وقلد ذلك رجلا [ ص: 195 ] يقال له: المنصور الوضاح [بن شبا] . فبنى القصر الذي يقال له قصر الوضاح والمسجد فيه ، وسميت الشرقية لأنها في شرقي الصراة ، ولم يضع على الأسواق غلة حتى مات ، فلما استخلف المنصور أشار عليه المهدي أبو عبيد الله بذلك ، وأمر فوضع على الحوانيت الخراج ، وولى ذلك سعيد الحرسي سنة سبع وستين ومائة .
أخبرنا عبد الرحمن بن محمد ، قال: أخبرنا قال: أخبرنا [أبو بكر أحمد بن علي] الخطيب ، محمد بن أحمد بن رزق ، قال: حدثنا أبو العباس محمد بن إبراهيم بن محمد المروزي ، قال: حدثنا أبو إسحاق محمد بن هارون الهاشمي ، قال: حدثنا حميد بن الصباح ، مولى قال: حدثني أبي ، قال: المنصور ،
أراد أن يذرع المنصور الكرخ ، فقال لي: احمل الذراع معك ، فخرج وخرجت معه ونسيت أن أحمل الذراع ، فلما صرنا بباب الشرقية قال لي: أين الذراع؟ فدهشت وقلت: نسيته يا أمير المؤمنين ، فضربني بالمقرعة فشجني وسال الدم على وجهي ، فلما رآني قال: أنت حر لوجه الله .
حدثني أبي ، عن أبيه ، عن قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ابن عباس ، "من ضرب عبده في غير حد حتى يسيل دمه فكفارته عتقه" .
وفيها: ولى المنصور جعفر بن سليمان على البحرين فلم تتم ولايته ، ووجه مكانه سعيد بن دعلج أميرا ، فبعث سعيد ابنه تميما .
وفيها: عرض جنده في السلاح والخيل في مجلس اتخذه على شط المنصور دجلة دون قطربل ، وأمر أهل بيته وصحابته يومئذ بلبس السلاح ، وخرج هو وهو لابس درعا وقلنسوة تحت البيضة سوداء لاطئة مضربة .
وفيها: عقد الجسر المنصور بباب الشعير .
[وفيها] : عزل محمد بن سليمان الكاتب عن مصر ، واستعمل عليها مولى [ ص: 196 ] للمنصور .
وفيها: ولى معبد بن الخليل السند وعزل عنها هشام بن عمرو ، ومعبد يومئذ بخراسان كتب إليه .
وغزا الصائفة يزيد بن أسيد السلمي في هذه السنة . وقيل: إنما غزاها زفر بن عاصم ، والله أعلم .
وفيها: حج بالناس [إبراهيم] بن يحيى بن محمد ، وهو كان على المدينة ، وقيل: إنما كان على المدينة عبد الصمد بن علي ، وكان على مكة والطائف قثم ، وعلى الأهواز وفارس وعلى عمارة بن حمزة ، كرمان والسند معبد بن الخليل ، وعلى مصر مطر مولى المنصور رحمه الله .