[ ص: 131 ] باب ذكر البلاد
قال : تجد في كتاب الله -عز وجل- معنى التوراة أن الأرض على صفة النسر ، فالرأس كعب الأحبار الشام ، والجناحان المشرق والمغرب ، والذنب اليمن ، ولا يزال الناس بخير ما لم يقرع الرأس ، فإذا قرع الرأس هلك الناس .
وقال غيره من العلماء: ، فالإقليم الأول الأرض كلها سبعة أقاليم الهند ، والثاني الحجاز ، والثالث مصر ، والرابع بابل ، والخامس الروم ، والسادس الترك ويأجوج ومأجوج ، والسابع الصين ، ومقدار كل إقليم سبعمائة فرسخ في سبعمائة فرسخ من غير أن يدخل في ذلك جبل ولا واد ، والبحر الأعظم محيط بذلك ، كله يحيط به جبل قاف .
قال أبو الحسن أحمد بن جعفر :
أما الإقليم الأول:
فإنه يبتدئ من المشرق من أقاصي بلاد الصين ، فيمر على بلاد الصين على ساحل البحر مما يلي الجنوب ، وفيه مدينة ملك الصين ، ثم يمر على ساحل البحر في جنوب بلاد الهند ، ثم بلاد السند ، ثم يقطع البحر إلى جزيرة العرب وأرض اليمن ، فيكون فيهم من المدائن المعروفة مدينة ظفار وعمان وحضرموت وصنعاء وعدن والتبالة وجرش وسبأ ، ثم يقطع الإقليم بحر القلزم فيمر في بلاد الحبشة ويقطع نيل مصر ، وفيه مدينة مملكة الحبشة ، وتسمى جرمي [وتسمى] دونقلة مدينة النوبة ، ثم يمر الإقليم في أرض المغرب على جنوب بلاد البربر إلى أن ينتهي إلى بحر المغرب . [ ص: 132 ]
والإقليم الثاني:
يبتدئ من المشرق ، فيمر على بلاد الصين ، ثم يمر على بلاد الهند ، ثم ببلاد السند ، وفيه مدينة المنصورة ، والديبل ، ثم يمر لملتقى البحر الأخضر وبحر البصرة ، ويقطع جزيرة العرب - في أرض نجد وأرض تهامة ، وفيه من المدائن: اليمامة ، والبحرين ، وهجر ، ويثرب ، ومكة ، والطائف ، وجدة ، ثم يقطع بحر القلزم ، ويمر بصعيد مصر ، فيقطع النيل فيه من المدائن تومن ، وأخميم ، وأسوان ، ثم يمر في أرض المغرب على وسط بلاد أفريقية ، ثم يمر على بلاد البربر ، وينتهي إلى بحر المغرب .
والإقليم الثالث:
يبتدئ من المشرق ، فيمر على شمال بلاد الصين ، ثم على بلاد الهند ، ثم على شمال بلاد السند ، ثم على بلاد كابل وكرمان ، وسجستان ، والسيرجان ، ثم يمر على سواحل بحر البصرة ، وفيه مدينة إصطخر ، ونسا ، وسابور ، وشيراز ، وسيراف ، مهروبان ، ثم يمر بكور الأهواز ، والعراق ، وفيه البصرة ، وواسط ، وبغداد ، والكوفة ، والأنبار ، وهيت ، ثم يمر على بلاد الشام ، وفيه حمص ودمشق ، والصور ، وعكا ، والطبرية ، وقيسارية ، وبيت المقدس ، والرملة ، وعسقلان ، وغزة ، ثم يقطع أسفل أرض مصر ، وفيه من المدن هنالك تنيس ، ودمياط ، وفسطاط مصر ، والفيوم ، والإسكندرية ، ثم يمر على بلاد إفريقية ، وينتهي إلى بحر المغرب .
والإقليم الرابع:
يبتدئ من المشرق فيمر ببلاد التبت ، ثم على خراسان ، وفيه: فرغانة ، وسمرقند ، وبلخ ، وبخارى ، وهراة ، ومرو ، وسرخس ، وطوس ، ونيسابور ، وجرجان ، وقومس ، وطبرستان ، وقزوين ، والري ، وأصفهان ، وقم ، وهمذان ونهاوند ، والدينور ، وحلوان ، وشهرزور ، وسر من رأى ، والموصل ، وبلد ، ونصيبين ، وآمد ، ورأس عين ، [ ص: 133 ] وقاليقا ، وسميساط ، وحران ، والرقة ، وقرقيسيا ، ثم يمر على شمال الشام ، وفيه من المدن: بالسر ، ومنبج ، وملطية ، وحلب ، وقنسرين ، وأنطاكية ، وطرابلس ، والمصيصة ، وصيدا ، وأزنة ، وطرسوس ، وعمورية . ثم يمر في بحر الشام على جزيرة قبرس ، ثم في أرض المغرب على بلاد طنجة ، وينتهي إلى بحر المغرب .
والإقليم الخامس:
يبتدئ من المشرق من بلاد يأجوج ومأجوج ، ثم يمر على شمال خراسان ، وفيه:
خوارزم ، وشاش ، وأذربيجان ، وسنجار ، وأخلاط ، ثم يمر في بلاد الروم على خرشة ، ورومية ، ويمر على بلاد الأندلس حتى ينتهي إلى بحر المغرب .
والإقليم السادس:
يبتدئ من المشرق ، فيمر على بلاد يأجوج ومأجوج ، ثم على بلاد الخزر ، ويمر على القسطنطينية ، وينتهي إلى بحر المغرب .
والإقليم السابع:
يبتدئ من المشرق من شمال بلاد يأجوج ومأجوج ، ثم على بلاد الترك ثم على سواحل بحر جرجان ، ثم يقطع بحر الروم ، فيمر على الصقالبة ، وينتهي إلى بحر المغرب .
وذكر غيره: أن المسكون من الأرض على تفاوت أقطاره مقسوم بين سبع أمم ، وهم: الصين ، والهند ، والسودان ، والبربر ، والروم ، والترك ، والفرس ، والفرس في وسط هذه الممالك .
قال الأزهري : وإنما سمي الإقليم إقليما لأنه مقلوم من الأقاليم التي بني ناحيته ، أي مقطوع عنه .
وقال الحسن : الأمصار المدينة ، والشام ، ومصر ، والجزيرة ، والكوفة ، والبصرة ، والبحرين . [ ص: 134 ]
وقال : هي عشرة ، فزاد: قتادة دمشق ، وحمص ، والأردن ، وفلسطين ، وقنسرين .
وقال : العراقان الأصمعي البصرة ، والكوفة . وسواد البصرة : الأهواز ، وفارس . وسواد الكوفة من كسكر إلى حلوان .
وقد ذكر عن بطليموس الملك أنه أحصى مدن الدنيا في زمانه ، فإذا هي أربعة آلاف ومائتا مدينة .
ويقال: بلاد الأندلس مسيرة شهر في مثله يحتوي أربعين مدينة ، وبلاد سرنديب مسيرة ثمانين فرسخا في مثلها ، وفي بلاد رومية ألف ومائتا كنيسة ، وأربعون ألف حمام ، وبها سوق للطير فرسخ ، ولا يقدر غريب أن يدخلها إلا بدليل ، لأن مدخلها دف تقريح ، ولا يقف عليها إلا أصلهان ، وكذلك عمورية عظيمة ، زعموا أن حول سورها ألف عمود ومائتي عمود ، وعشرين عمودا فيها رهابين .
وفي القسطنطينية من العجائب سبعة أسوار سمك سورها الكبير إحدى وعشرون ذراعا ، وسمك سور الفصيل عشرة أذرع ، وسمك الفصيل مما يلي البحر خمسة أذرع ، وبينها وبين البحر وجه يكون نحو خمسين ذراعا ، في سورها مائة باب .
ومملكة الروم يدخل فيها حدود الصقالبة ، ومن جاورهم ، والسرير بينه وبين الحزر مسيرة فرسخين . ويقال: كان هذا السرير لبعض الأكاسرة ، وديوان ملك الروم موسوم على مائة ألف رجل ، على كل عشرة آلاف بطريق ، جزائر الروم خمس: جزيرة قبرص ، ودورها مسيرة ستة عشر يوما ، وجزيرة أقريطس ، ودورها مسيرة خمسة عشر يوما وجزيرة الراهب ، وبها يخص الخدم ، وجزيرة الفضة ، وجزيرة الصقلية ، ودورها مسيرة خمسة عشرة يوما ، وهي بإزاء أفريقية ، والحبشية على بحر القلزم ، وبينها وبين المصر مفازة فيها معدن الذهب ، ومدينة أصحاب الكهف من عمل الروم ، والكهف في جبل بابجلوس ، وأما أصحاب الرقيم فبحرية ، وهي رستاق بين عمورية وبنتيه .
وأما طول بلاد الصين على البحر فمسيرة شهرين بها ، وبها ثلاثمائة مدينة كلها عامرة . ويقال ما دخل الصين أحد واشتهى أن يخرج منها سيما بلاد من الصين يدعى الأشبيلا ، يكون بها الذهب الكثير .
والهند سبعة أجناس ، وهم اثنتان وأربعون ملة ، منهم البراهمة . [ ص: 135 ]
ومدينة الإسكندر على ساحل البحر ، بينها وبين مصر أربعون فرسخا ، بناها الإسكندر الأول ، وهو ذو القرنين ، في ثلاثمائة سنة .
وبلغنا أن أهلها مكثوا سبعين سنة لا يمشون فيها بالنهار إلا بخرق سود حيال أعينهم ، مخافة على أبصارهم من شدة بياض حيطانها . وفيها المنارة التي هي أحد عجائب الدنيا ، يصعد على أعلاها مشيا ولا يبين لمن يصعدها أنه يرتقي ، لأنه يدور ولا ينقل قدميه على درج ، إنما يمشي كأنه على الأرض ، وكان فيها سوى أهلها ستمائة ألف من اليهود خولا لأهلها .
ومدينة فرعون التي كان ينزلها ، كان لها سبعون بابا ، وجعل حيطانها بالحديد ، والصفر مبنية ، وأجرى فيها الأنهار ، ونصب سريره في وسط الأنهار ، فكان الماء يجري تحت سريره بمقدار يستحسن ولا يضر .
ويقال: إن وحسن مستشرف أنزه الأرض وأجمعها طيبا سمرقند . قالوا: وأحسن الأرض مصنوعة الري ، وأحسنها مفروقة جرجان وطبرستان ، وأحسنها مستخرجة نيسابور ، وأحسنها قديما وحديثا جنديسابور ، ولها حسن الأنهار ، الشام ، وأكثرها أنهارا وأعظم بلاد الله بركة البصرة ، وأعدلها هواء اليمن وأغناها من الدواب والبرس أصفهان ، وأرشها العراق .
وذكر أبو منصور الأزهري : أن جابلق وجابلس مدينتان ، إحداهما بالمشرق ، والأخرى بالمغرب ، ليس وراهما .
وقال بعضهم: بفتح اللام فيهما .
أخبرنا ، أخبرنا عبد الرحمن بن محمد القزاز أحمد بن علي بن ثابت ، أخبرنا أبو طالب بن عمر بن إبراهيم الفقيه ، أخبرنا محمد بن إسماعيل بن محمد بن إسماعيل بن زنجي الكاتب ، قال: حدثني أبي ، أخبرنا عسيل بن ذكوان ، قال: قال : أحسن الدنيا ثلاثة أنهار ، الأصمعي نهر الأيلة ، وغوطة دمشق ، وسمرقند ، وحشوش الدنيا ثلاثة: عمان ، وأردبيل ، وهيت .
أخبرنا الحسن بن محمد البارع ، أخبرنا ، أخبرنا أبو جعفر بن المسلمة أبو الطاهر المخلص ، أخبرنا أحمد بن سليمان بن داود الطوسي ، أخبرنا ، قال: [ ص: 136 ] الزبير بن بكار
حدثني علي بن صالح ، عن عامر بن صالح ، عن ، عن أبيه هشام بن عروة عروة : أن الفرع أول قرية مارت لأم إسماعيل النبي -صلى الله عليه وسلم- الثمر بمكة ، وكانت من عمل عاد ، شقت لها بين جبلين ثم كملت السبيل فيه .
قال بعض العلماء: سميت خراسان بخراسم الشمس ، أي مطلع الشمس . وحد خراسان من الدامغان إلى شط نهر بلخ ، وعرضها من حد زرنج إلى حد جرجان ، ومدنها الكبار أربعة: نيسابور ، ومرو ، وهراة ، وبلخ . وأولها من ناحية العراق نيسابور ، بناها سابور ذو الأكتاف .
وتفسير خوارزم : أرض الهوان ، لأن أهلها لا يطيعون إلى على هوان . بلخ بناها لهراسب . هراة بناها الضحاك . مرو بناها مرو الشاهجان ، تفسير مرو : مرج ، والشاه:الملك ، والجان: الروح ، وكأنه يقال: مرج نفس الملك .
موقان ، وأردبيل ، والبيلقان ، وجرجان ، وحوران سميت بأسماء أصحابها . حلوان بحلوان بن عمر بن السحار بن قضاعة . رامهرمز بناها هرمز بن شابور ، والمذ والهند إخوان من أولاد سام . الصين سميت بصين بن يعبر بحد ما بين الحجاز والشام إلى الطائف . تهامة ما سائر البحر بمكة . الموصل سميت لأنها وصلت ما بين دجلة والفرات .
واعلم أن مملكة الإسلام شرقها أرض الهند ، وغربها مملكة الروم ، وشمالها مملكة الصين ، وجنوبها بحر فارس . وأما مملكة فارس فشرقها بلاد الإسلام ، وغربها وجنوبها البحر المحيط .
أخبرنا ، أخبرنا ابن ناصر أحمد بن عبد الملك النيسابوري ، أخبرنا عبد القاهر بن طاهر ، أخبرنا إبراهيم بن أحمد البزاري ، أخبرنا جعفر بن أحمد بن المفلس ، أخبرنا عمر بن عبد الله الأودي ، أخبرنا ، عن إسماعيل بن حماد القاسم بن معن ، عن بيان ، عن حكيم بن جابر ، قال: قالت الصحة أنا لاحقة بأرض العرب ، قال الجوع: أنا معك ، قال الإيمان: أنا لاحق بأرض الشام ، قال الموت: أنا معك ، قال الملك . أنا لاحق بأرض العراق ، قال القتل: أنا معك . [ ص: 137 ]