أبواب ذكر المخلوقات
ذكر خلق الأرض
لما روينا أن ابتدأنا بذكر ما روى الله تعالى خلق الأرض قبل السماء أبو الضحى ، عن ، قال: خلق الله النون فوق الماء ثم كبس الأرض عليه . ابن عباس
وروى عنه أبو ظبيان : دحا الأرض على ظهر النون ، فاضطرب النون فمادت الأرض فأثبتت بالجبال فإنها لتفتخر على الأرض .
وروى عن أشياخه ، قال: أخرج من الماء دخانا فسمى عليه فسماه سماء ، ثم أيبس الماء فجعله أرضا واحدة ، ثم فتقها فجعلها سبع أرضين فخلق الأرض على حوت - وهو النون - والحوت في الماء ، والماء على ظهر صفاة ، والصفاة على ظهر ملك ، والملك على صخرة ، والصخرة في الريح . السدي
وروينا أن الكعبة خلقت قبل الأرض . روى عكرمة عن ، قال: وضع البيت على الماء على أربعة أركان قبل أن يخلق الله الدنيا بألفي عام ، ثم دحيت الأرض من تحت البيت . ابن عباس
وروى عطاء ، عن ، قال: لما أراد الله تعالى أن يخلق الخلق خلق الريح فأرسلها فنسجت الماء حتى حوت على خشفة وهي التي تحت ابن عباس الكعبة ، ثم مد الله [ ص: 129 ] الأرض منها حتى بلغت حيث شاء في الطول والعرض .
وقال : خلق الله عبد الله بن عمرو البيت قبل الأرض بألفي سنة ، ومنه دحيت الأرض .
قال : كانت الكعبة خشفة على الماء قبل الأرض بألفي سنة ، وعليها ملكان يسبحان الليل والنهار - والخشفة الأكمة الحمراء . أبو هريرة
قال خالد بن مضرس ، وهو أخو حارثة: الأرض [مسيرة] خمسمائة سنة ، فثلاثمائة منها عمران ، ومائتان خراب ليس فيها أحد .
وقال حسان بن عطية : سعة الأرض مائة سنة ، والبحار مائة سنة ، ومائة سنة عمران .
وقال غيره: ثلث الأرض عمران ، وثلثها خراب ، وثلثها بحار .
وقال : ما العمارة في الخراب ، إلا فسطاط في صحراء . وهب بن منبه
وقال : عمران الأرض المقسم أربعة وعشرون ألف فرسخ في مثلها ، قتادة فالسند والهند من ذلك اثنا عشر ألف فرسخ في مثلها ، وهم ولد حام بن نوح ، والصين من ذلك ثمانية آلاف فرسخ في مثلها ، وهم ولد يافث ، والروم من ذلك ثلاثة آلاف فرسخ في مثلها ، والعرب ألف فرسخ في مثلها ، وهم والروم جميعا من ولد سام بن نوح . والخراب أكثر .
وروى عن قتادة أبي الجلد ، قال: الدنيا أربعة وعشرون ألف فرسخ ، اثنا عشر منها للسودان ، وثمانية للروم ، وثلاثة لأهل فارس ، وألف للعرب . [ ص: 130 ]
وقال غيره: أرض الحبشة مسيرة سبعة فراسخ ، والفرسخ عشرة ألف ذراع .
وقال معتب بن سمي : الأرض ثلاثة أثلاث ، فثلث للناس والشجر والدواب ، وثلث هواء ، وثلث بحار .
قال : ونقلت من كتاب الهندسة: ذكر علماء الهندسة أن الأرض على هيئة الكرة على تدوير الفلك ، موضعه في جوف الفلك كالمحة ، في جوف البيضة ، وإن النسيم يحيط بها كالبياض من البيضة حول المحة ، وإن الفلك يحيط بالنسيم كإحاطة القشرة البيضاء بالبياض المحيط بالمحة ، والأرض مقسومة نصفين بينهما أبو الوفاء بن عقيل خط الاستواء ، وهو من المشرق إلى المغرب ، وهو طول الأرض ، وهو أكبر خط في كرة الأرض كما أن منطقة البروج أكبر خط في الفلك ، وعرض الأرض من القطب الجنوبي الذي تدور حوله بنات نعش . واستدارة الأرض في موضع خط الاستواء ثلاثمائة وستون درجة ، والدرجة خمسة وعشرون فرسخا ، والفرسخ اثنا عشر ألف ذراع ، والذراع أربعة وعشرون إصبعا ، والإصبع ست حبات من شعير مضمومة ، فتكون جميع ذلك تسعة آلاف فرسخ ، وبين خط الاستواء وبين كل واحد من القطبين تسعون درجة ، واستدارتها عرضا مثل ذلك ، إلا أن العمارة بعد خط الاستواء أربع وعشرون درجة ، ثم الباقي قد غمره البحر الكبير ، فنحن على الربع الشمالي من الأرض . والربع الجنوبي خراب لشدة الحر والنصف الذي تحتنا لا ساكن فيه ، وكل ربع من الشمالي والجنوبي سبعة أقاليم ، والإقليم هو البلدان التي يتفق عرضها في مسير الشمس وارتفاع درجها .
وقال بعضهم في تقدير ما غمر من الأرض بالبحار: أن موضع البر منها كسواد القمر من القمر ، ومعمورها كسرا منه .
وذكر بعض العلماء أن غاية ما يمكن ارتفاع البنيان في الجو مقدار ميلين ، فإنه مبلغ أعالي الجبال على استقامتها بغير تقريح ولا تدريج .