وأما فهي ولاية غريبة أحدثها من تأخر من الولاة ، لفساد الولاية وفساد الناس ; وهي عبارة عن كل حكم يعجز عنه القاضي فينظر فيه من هو أقوى منه يدا ; وذلك أن التنازع إذا كان بين ضعيفين قوى أحدهما القاضي ، وإذا كان بين قوي وضعيف أو قويين والقوة في أحدهما بالولاية كظلم الأمراء والعمال فهذا مما نصب له الخلفاء أنفسهم ، وأول من جلس إليه ولاية المظالم فرده إلى قاضيه عبد الملك بن مروان ابن إدريس ، ثم جلس له فرد مظالم عمر بن عبد العزيز بني أمية على المظلومين ; إذ كانت في أيدي الولاة والعتاة الذين تعجز عنهم القضاة ، ثم صارت سنة ، فصار بنو العباس يجلسون لها ، وفي قصة دارسة على أنها في أصل وضعها داخلة في القضاء ، ولكن الولاة أضعفوا الخطة القضوية ليتمكنوا من ضعف الرعية ، ليحتاج الناس إليهم ، فيقعدوا عنهم ، فتبقى المظالم بحالها .