الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                              المسألة السادسة عشرة : قوله تعالى : { فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين } : ظن قوم أولهم مسروق أن الصيام بدل عن الدية والرقبة ، وساعده عليه جماعة . وهو وهم ; لأن الصيام يلزم القاتل فهو بدل عما كان يلزمه من الرقبة ، والدية لم تكن تلزمه ، فليس عليه بدل عنها . وهذا أظهر من إطناب فيه .

                                                                                                                                                                                                              المسألة السابعة عشرة : لما قال الله سبحانه : { ومن قتل مؤمنا خطأ } { ومن يقتل مؤمنا متعمدا } انحصر القتل في خطأ وعمد عند أكثر العلماء ، ومنهم من زاد ثالثا ; وهو شبه العمد ، وجعلوه عمدا خطأ ، كأنهم يريدون به أنه عمد من وجه خطأ من وجه .

                                                                                                                                                                                                              والذي أشاروا به من ذلك قد جاء في الحديث ; فروى عبد الله بن عمر { أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في خطبته : ألا إن في قتيل عمد الخطأ قتيل السوط والعصا مائة من الإبل منها أربعون خلفة في بطونها أولادها } رواه أبو داود والترمذي . قال ابن العربي : هذا حديث لم يصح

                                                                                                                                                                                                              ، وقد [ روي ] شبه العمد عن الصحابة [ ص: 606 ] والفقهاء كأبي حنيفة والشافعي ، وحكى العلماء عن مالك القول بشبه العمد ، وأن القتل ثلاثة أقسام ، ولكن جعل شبه العمد في مثل قصة المدلجي في نظر من أثبته أن الضرب مقصود والقتل غير مقصود ; وإنما وقع بغير القصد فيسقط القود ، وتغلظ الدية . وبالغ أبو حنيفة مبالغة أفسدت القاعدة ، فقال : إن القاتل بالعصا والحجر شبه العمد فيه دية مغلظة ولا قود فيه ، وهذا باطل قطعا ، وقد مهدناه في مسائل الخلاف .

                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية