المسألة الثانية قال : سمعت ابن وهب وهو يذكر مالكا المدينة على غيرها من الآفاق فقال : إن فضل المدينة تبوئت بالإيمان والهجرة ، وإن غيرها من القرى افتتحت بالسيف ثم قرأ الآية : { والذين تبوءوا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم } الآية .
وقد بينا فضل المدينة على كل بقعة في كتاب الإنصاف ، ولا معنى لإعادته ، بيد أن القارئ ربما تعلقت نفسه بنكتة كافية في ذلك مغنية عن التطويل ، فيقال له : إن أردت الوقوف على الحقيقة في ذلك فاتل مناقب مكة إلى آخرها ، فإذا استوفيتها قل : إن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الصحيح : { إبراهيم حرم مكة ، وأنا أحرم المدينة بمثل ما حرم به إبراهيم مكة ، ومثله معه } ; فقد جعل حرمة اللهم إن المدينة ضعفي حرمة مكة .
وقال في وصيته : أوصي الخليفة عمر بالمهاجرين وبالأنصار الأولين أن يعرف لهم حقهم . وأوصي الخليفة بالأنصار الذين تبوءوا الدار والإيمان من قبل أن يهاجر النبي صلى الله عليه وسلم أن يقبل من محسنهم ويتجاوز عن مسيئهم .