المسألة الخامسة قوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=73&ayano=2إلا قليلا } : استثنى من الليل كله " قليلا " وهذا استثناء على وجه كلامه فيه ، وهو إحالة التكليف على مجهول يدرك علمه بالاجتهاد ; إذ لو قال : إلا ثلثه ، أو ربعه ، أو سدسه ، لكان بيانا نصا ، فلما قال : {
nindex.php?page=tafseer&surano=73&ayano=2إلا قليلا } وكان مجملا لا يدرك إلا بالاجتهاد دل ذلك على أن
nindex.php?page=treesubj&link=21186_21700القياس أصل من أصول الشريعة ، وركن من أركان أدلة التكليف .
المسألة السادسة وهي من الآية الثانية قوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=73&ayano=3نصفه } .
ذكر علماء الأصول أن قوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=73&ayano=3نصفه } دليل على استثناء الأكثر من الجملة ، وإنما يفيد استثناء شيء فبقي مثله ، والمطلوب استثناء شيء من الجملة فبقي أقل منها تحت اللفظ المتناول للجميع ، وهذا مبني على أصل ، وهو أن قوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=73&ayano=3نصفه } بدل من قوله :
[ ص: 283 ] {
nindex.php?page=tafseer&surano=73&ayano=2الليل } ; كأن تقدير الكلام قم نصف الليل أو انقص منه أو زد عليه يسيرا ، ويعضده حديث
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس في الصحيح : بت عند خالتي
ميمونة حتى إذا انتصف الليل أو قبله بقليل أو بعده بقليل ، {
nindex.php?page=hadith&LINKID=13475استيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم فقام إلى شن معلق ، فتوضأ وضوءا خفيفا } ذكر أول الحديث وآخره .
وإن كان قوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=73&ayano=3نصفه } بدلا من قوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=73&ayano=2قليلا } كان تقدير الكلام : قم الليل إلا نصفه ، أو أقل من نصفه ، أو أكثر من نصفه ، ويكون أيضا استثناء الأكثر من متناول الجملة ، وإذا احتمل الوجهين سقط الاحتجاج به ، لا سيما والأول أظهر .
وفي الصحيح : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=4430أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بحبل معلق في المسجد ، فسأل عنه ، فقيل له : فلانة تصلي لا تنام الليل ، فإذا أضعفت تعلقت به ; فقال النبي صلى الله عليه وسلم : اكلفوا من العمل ما تطيقون ، فإن الله لا يمل حتى تملوا . }
وقد اندرجت الآية الثالثة في هذه الأوجه ، وهي قوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=73&ayano=4أو زد عليه ورتل القرآن ترتيلا } قال أهل اللغة : معناه بين قراءته ، تقول
العرب : ثغر رتل ورتل بفتح العين وكسرها إذا كان مفلجا لا فضض فيه . قال
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد : معناه بعضه إثر بعض . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير : معناه فسره تفسيرا ، يريد تفسير القراءة ، حتى لا يسرع فيه فيمتزج بعضه ببعض . وقد روى
الحسن {
nindex.php?page=hadith&LINKID=4434أن النبي صلى الله عليه وسلم مر برجل يقرأ آية ويبكي ، فقال : ألم تسمعوا إلى قول الله تعالى : { nindex.php?page=tafseer&surano=73&ayano=4ورتل القرآن ترتيلا } ; هذا الترتيل } وسمع رجل
nindex.php?page=showalam&ids=16588علقمة يقرأ قراءة حسنة ، فقال : رتل القرآن ، فداك أبي وأمي . وقد روى
nindex.php?page=showalam&ids=9أنس {
nindex.php?page=hadith&LINKID=28414أن قراءة النبي صلى الله عليه وسلم كان يمد صوته مدا } . وقد تقدم تمام هذا .
الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ قَوْلُهُ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=73&ayano=2إلَّا قَلِيلًا } : اسْتَثْنَى مِنْ اللَّيْلِ كُلِّهِ " قَلِيلًا " وَهَذَا اسْتِثْنَاءٌ عَلَى وَجْهِ كَلَامِهِ فِيهِ ، وَهُوَ إحَالَةُ التَّكْلِيفِ عَلَى مَجْهُولٍ يُدْرَكُ عِلْمُهُ بِالِاجْتِهَادِ ; إذْ لَوْ قَالَ : إلَّا ثُلُثَهُ ، أَوْ رُبْعَهُ ، أَوْ سُدُسَهُ ، لَكَانَ بَيَانًا نَصًّا ، فَلَمَّا قَالَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=73&ayano=2إلَّا قَلِيلًا } وَكَانَ مُجْمَلًا لَا يُدْرَكُ إلَّا بِالِاجْتِهَادِ دَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=21186_21700الْقِيَاسَ أَصْلٌ مِنْ أُصُولِ الشَّرِيعَةِ ، وَرُكْنٌ مِنْ أَرْكَانِ أَدِلَّةِ التَّكْلِيفِ .
الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ وَهِيَ مِنْ الْآيَةِ الثَّانِيَةِ قَوْلُهُ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=73&ayano=3نِصْفَهُ } .
ذَكَرَ عُلَمَاءُ الْأُصُولِ أَنَّ قَوْلَهُ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=73&ayano=3نِصْفَهُ } دَلِيلٌ عَلَى اسْتِثْنَاءِ الْأَكْثَرِ مِنْ الْجُمْلَةِ ، وَإِنَّمَا يُفِيدُ اسْتِثْنَاءَ شَيْءٍ فَبَقِيَ مِثْلُهُ ، وَالْمَطْلُوبُ اسْتِثْنَاءُ شَيْءٍ مِنْ الْجُمْلَةِ فَبَقِيَ أَقَلُّ مِنْهَا تَحْتَ اللَّفْظِ الْمُتَنَاوِلِ لِلْجَمِيعِ ، وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَصْلٍ ، وَهُوَ أَنَّ قَوْلَهُ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=73&ayano=3نِصْفَهُ } بَدَلٌ مِنْ قَوْلِهِ :
[ ص: 283 ] {
nindex.php?page=tafseer&surano=73&ayano=2اللَّيْلَ } ; كَأَنَّ تَقْدِيرَ الْكَلَامِ قُمْ نِصْفَ اللَّيْلِ أَوْ اُنْقُصْ مِنْهُ أَوْ زِدْ عَلَيْهِ يَسِيرًا ، وَيُعَضِّدُهُ حَدِيثُ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ فِي الصَّحِيحِ : بِتُّ عِنْدَ خَالَتِي
مَيْمُونَةَ حَتَّى إذَا انْتَصَفَ اللَّيْلُ أَوْ قَبْلَهُ بِقَلِيلٍ أَوْ بَعْدَهُ بِقَلِيلٍ ، {
nindex.php?page=hadith&LINKID=13475اسْتَيْقَظَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَامَ إلَى شَنٍّ مُعَلَّقٍ ، فَتَوَضَّأَ وُضُوءًا خَفِيفًا } ذَكَرَ أَوَّلَ الْحَدِيثِ وَآخِرَهُ .
وَإِنْ كَانَ قَوْلُهُ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=73&ayano=3نِصْفَهُ } بَدَلًا مِنْ قَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=73&ayano=2قَلِيلًا } كَانَ تَقْدِيرُ الْكَلَامِ : قُمْ اللَّيْلَ إلَّا نِصْفَهُ ، أَوْ أَقَلَّ مِنْ نِصْفِهِ ، أَوْ أَكْثَرَ مِنْ نِصْفِهِ ، وَيَكُونُ أَيْضًا اسْتِثْنَاءُ الْأَكْثَرِ مِنْ مُتَنَاوِلِ الْجُمْلَةِ ، وَإِذَا احْتَمَلَ الْوَجْهَيْنِ سَقَطَ الِاحْتِجَاجُ بِهِ ، لَا سِيَّمَا وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ .
وَفِي الصَّحِيحِ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=4430أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ بِحَبْلٍ مُعَلَّقٍ فِي الْمَسْجِدِ ، فَسَأَلَ عَنْهُ ، فَقِيلَ لَهُ : فُلَانَةُ تُصَلِّي لَا تَنَامُ اللَّيْلَ ، فَإِذَا أُضْعِفَتْ تَعَلَّقَتْ بِهِ ; فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : اكْلَفُوا مِنْ الْعَمَلِ مَا تُطِيقُونَ ، فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَمَلُّ حَتَّى تَمَلُّوا . }
وَقَدْ انْدَرَجَتْ الْآيَةُ الثَّالِثَةُ فِي هَذِهِ الْأَوْجُهِ ، وَهِيَ قَوْلُهُ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=73&ayano=4أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلْ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا } قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ : مَعْنَاهُ بَيِّنٌ قِرَاءَتُهُ ، تَقُولُ
الْعَرَبُ : ثَغْرٌ رَتِلٌ وَرَتَلٌ بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَكَسْرِهَا إذَا كَانَ مُفَلَّجًا لَا فَضَضَ فِيهِ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16879مُجَاهِدٌ : مَعْنَاهُ بَعْضُهُ إثْرَ بَعْضٍ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=15992سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ : مَعْنَاهُ فَسَّرَهُ تَفْسِيرًا ، يُرِيدُ تَفْسِيرَ الْقِرَاءَةِ ، حَتَّى لَا يُسْرَعُ فِيهِ فَيَمْتَزِجَ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ . وَقَدْ رَوَى
الْحَسَنُ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=4434أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ بِرَجُلٍ يَقْرَأُ آيَةً وَيَبْكِي ، فَقَالَ : أَلَمْ تَسْمَعُوا إلَى قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى : { nindex.php?page=tafseer&surano=73&ayano=4وَرَتِّلْ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا } ; هَذَا التَّرْتِيلُ } وَسَمِعَ رَجُلٌ
nindex.php?page=showalam&ids=16588عَلْقَمَةَ يَقْرَأُ قِرَاءَةً حَسَنَةً ، فَقَالَ : رَتِّلْ الْقُرْآنَ ، فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي . وَقَدْ رَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=9أَنَسٌ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=28414أَنَّ قِرَاءَةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَمُدُّ صَوْتَهُ مَدًّا } . وَقَدْ تَقَدَّمَ تَمَامُ هَذَا .