الآية الرابعة
nindex.php?page=treesubj&link=23684قوله تعالى : { nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=6ولا تمنن تستكثر } فيها أربع مسائل :
المسألة الأولى : ذكر المفسرون فيها ستة أقوال : الأول لا تعط عطية فتطلب أكثر منها ; روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس
الثاني : لا تعط الأغنياء عطية لتصيب منهم أضعافها .
الثالث : لا تعط عطية تنتظر ثوابها .
الرابع : ولا تمنن بالنبوة على الناس تأخذ أجرا منهم عليها .
الخامس : لا تمنن بعملك [ تستكثره ] على ربك ; قاله
الحسن السادس لا تضعف عن الخير أن تستكثر منه . المسألة الثانية هذه الأقوال يتقارب بعضها ، وهي الثلاثة الأول ; فأما قوله : " لا تعط عطية فتطلب أكثر منها " فهذا لا يليق بالنبي صلى الله عليه وسلم . ولا يناسب مرتبته .
وقد قال : {
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=39وما آتيتم من ربا ليربو في أموال الناس فلا يربو عند الله } على ما بينا معناه .
[ ص: 297 ] وقد روى
أبو داود وغيره عن
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة {
nindex.php?page=hadith&LINKID=44098أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقبل الهدية ، ويثيب عليها } .
وفي الصحيح في الحديث واللفظ
nindex.php?page=showalam&ids=12070للبخاري قال صلى الله عليه وسلم : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=74885لو دعيت إلى كراع لأجبت ، ولو أهدي إلي ذراع لقبلت } . ولفظه مختلف فكان يقبلها سنة ، ولا يستكثرها شرعة ; وإذا كان لا يعطي عطية يستكثر بها فالأغنياء أولى بالاجتناب ، لأنها باب من أبواب المذلة ; وكذلك قول من قال : إن معناه لا تعط عطية تنتظر ثوابها ; فإن الانتظار تعلق بالإطماع ; وذلك في حيزه بحكم الامتناع ، وقد قال الله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=131ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم زهرة الحياة الدنيا لنفتنهم فيه ورزق ربك خير وأبقى } .
وذلك جائز لسائر الخلق ; لأنه من متاع الحياة الدنيا ، وطلب الكسب فيها والتكاثر منها . وأما من قال : أراد به العمل ، أي لا تستكثر به على ربك فهو صحيح ; فإن ابن
آدم لو أطاع الله عمره من غير فتور لما بلغ لنعم الله بعض الشكر . وهذا كله بني على أصل وهي :
المسألة الثالثة وذلك أن قوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=6تستكثر } قد وردت القراءات بالروايات فيه بإسكان الراء .
وروي بضم الراء ، فإذا أسكنت الراء كانت جوابا للأمر بالتقلل ، فيكون الأول الثاني . وإن ضممت الراء كان الفعل بتقدير الاسم ، وكان بمعنى الحال .
والتقدير : ولا تمنن مستكثرا ، وكان الثاني غير الأول ، وهذا ينبني على أصل وهي :
المسألة الرابعة وهو القول في تحقيق المن ; وهو ينطلق على معنيين : أحدهما العطاء .
والثاني التعداد على المنعم عليه بالنعم ، فيرجع إلى القول الأول . ويعضده قوله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=264لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى } وقوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=8لهم أجر غير ممنون } ويعضد الثاني قوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=39فامنن أو أمسك بغير حساب } وقوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=4فإما منا بعد وإما فداء } .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=34086ما أحد أمن علينا من ابن أبي قحافة } . والآية تتناول المعنيين كليهما . والله أعلم .
الْآيَةُ الرَّابِعَةُ
nindex.php?page=treesubj&link=23684قَوْله تَعَالَى : { nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=6وَلَا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرْ } فِيهَا أَرْبَعُ مَسَائِلَ :
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى : ذَكَرَ الْمُفَسِّرُونَ فِيهَا سِتَّةَ أَقْوَالٍ : الْأَوَّلُ لَا تُعْطِ عَطِيَّةً فَتَطْلُبُ أَكْثَرَ مِنْهَا ; رُوِيَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ
الثَّانِي : لَا تُعْطِ الْأَغْنِيَاءَ عَطِيَّةً لِتُصِيبَ مِنْهُمْ أَضْعَافَهَا .
الثَّالِثُ : لَا تُعْطِ عَطِيَّةً تَنْتَظِرُ ثَوَابَهَا .
الرَّابِعُ : وَلَا تَمْنُنْ بِالنُّبُوَّةِ عَلَى النَّاسِ تَأْخُذُ أَجْرًا مِنْهُمْ عَلَيْهَا .
الْخَامِسُ : لَا تَمْنُنْ بِعَمَلِك [ تَسْتَكْثِرُهُ ] عَلَى رَبِّك ; قَالَهُ
الْحَسَنُ السَّادِسُ لَا تَضْعُفْ عَنْ الْخَيْرِ أَنْ تَسْتَكْثِرَ مِنْهُ . الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ هَذِهِ الْأَقْوَالُ يَتَقَارَبُ بَعْضُهَا ، وَهِيَ الثَّلَاثَةُ الْأُوَلُ ; فَأَمَّا قَوْلُهُ : " لَا تُعْطِ عَطِيَّةً فَتَطْلُبُ أَكْثَرَ مِنْهَا " فَهَذَا لَا يَلِيقُ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَلَا يُنَاسِبُ مَرْتَبَتَهُ .
وَقَدْ قَالَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=39وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ رِبًا لِيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلَا يَرْبُو عِنْدَ اللَّهِ } عَلَى مَا بَيَّنَّا مَعْنَاهُ .
[ ص: 297 ] وَقَدْ رَوَى
أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=25عَائِشَةَ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=44098أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقْبَلُ الْهَدِيَّةَ ، وَيُثِيبُ عَلَيْهَا } .
وَفِي الصَّحِيحِ فِي الْحَدِيثِ وَاللَّفْظُ
nindex.php?page=showalam&ids=12070لِلْبُخَارِيِّ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=74885لَوْ دُعِيت إلَى كُرَاعٍ لَأَجَبْت ، وَلَوْ أُهْدِيَ إلَيَّ ذِرَاعٌ لَقَبِلْت } . وَلَفْظُهُ مُخْتَلِفٌ فَكَانَ يَقْبَلُهَا سُنَّةً ، وَلَا يَسْتَكْثِرُهَا شِرْعَةً ; وَإِذَا كَانَ لَا يُعْطِي عَطِيَّةً يَسْتَكْثِرُ بِهَا فَالْأَغْنِيَاءُ أَوْلَى بِالِاجْتِنَابِ ، لِأَنَّهَا بَابٌ مِنْ أَبْوَابِ الْمَذَلَّةِ ; وَكَذَلِكَ قَوْلُ مَنْ قَالَ : إنَّ مَعْنَاهُ لَا تُعْطِ عَطِيَّةً تَنْتَظِرُ ثَوَابَهَا ; فَإِنَّ الِانْتِظَارَ تَعَلَّقَ بِالْإِطْمَاعِ ; وَذَلِكَ فِي حَيِّزِهِ بِحُكْمِ الِامْتِنَاعِ ، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=131وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّك خَيْرٌ وَأَبْقَى } .
وَذَلِكَ جَائِزٌ لِسَائِرِ الْخَلْقِ ; لِأَنَّهُ مِنْ مَتَاعِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ، وَطَلَبِ الْكَسْبِ فِيهَا وَالتَّكَاثُرِ مِنْهَا . وَأَمَّا مَنْ قَالَ : أَرَادَ بِهِ الْعَمَلَ ، أَيْ لَا تَسْتَكْثِرْ بِهِ عَلَى رَبِّك فَهُوَ صَحِيحٌ ; فَإِنَّ ابْنَ
آدَمَ لَوْ أَطَاعَ اللَّهَ عُمْرَهُ مِنْ غَيْرِ فُتُورٍ لَمَا بَلَغَ لِنِعَمِ اللَّهِ بَعْضَ الشُّكْرِ . وَهَذَا كُلُّهُ بُنِيَ عَلَى أَصْلٍ وَهِيَ :
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ وَذَلِكَ أَنَّ قَوْلَهُ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=6تَسْتَكْثِرْ } قَدْ وَرَدَتْ الْقِرَاءَاتُ بِالرِّوَايَاتِ فِيهِ بِإِسْكَانِ الرَّاءِ .
وَرُوِيَ بِضَمِّ الرَّاءِ ، فَإِذَا أَسْكَنْت الرَّاءَ كَانَتْ جَوَابًا لِلْأَمْرِ بِالتَّقَلُّلِ ، فَيَكُونُ الْأَوَّلُ الثَّانِيَ . وَإِنْ ضَمَمْت الرَّاءَ كَانَ الْفِعْلُ بِتَقْدِيرِ الِاسْمِ ، وَكَانَ بِمَعْنَى الْحَالِ .
وَالتَّقْدِيرُ : وَلَا تَمْنُنْ مُسْتَكْثِرًا ، وَكَانَ الثَّانِي غَيْرَ الْأَوَّلِ ، وَهَذَا يَنْبَنِي عَلَى أَصْلٍ وَهِيَ :
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ وَهُوَ الْقَوْلُ فِي تَحْقِيقِ الْمَنِّ ; وَهُوَ يَنْطَلِقُ عَلَى مَعْنَيَيْنِ : أَحَدُهُمَا الْعَطَاءُ .
وَالثَّانِي التَّعْدَادُ عَلَى الْمُنْعَمِ عَلَيْهِ بِالنِّعَمِ ، فَيَرْجِعُ إلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ . وَيُعَضِّدُهُ قَوْله تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=264لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى } وَقَوْلُهُ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=8لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ } وَيُعَضِّدُ الثَّانِيَ قَوْلُهُ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=39فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ } وَقَوْلُهُ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=4فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً } .
وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=34086مَا أَحَدٌ أَمَنُّ عَلَيْنَا مِنْ ابْنِ أَبِي قُحَافَةَ } . وَالْآيَةُ تَتَنَاوَلُ الْمَعْنَيَيْنِ كِلَيْهِمَا . وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .