الآية الخامسة قوله تعالى : { كلا لا تطعه واسجد واقترب } : فيها مسألتان :
المسألة الأولى قوله : { واسجد } فيها طريقة القربة ، فهو يتأكد على الوجوب على ما بيناه في أصول الفقه ، لكنه يحتمل أن يكون سجود الصلاة ، ويحتمل أن يكون سجود التلاوة . والظاهر أنه سجود الصلاة ، لقوله : { أرأيت الذي ينهى عبدا إذا صلى } إلى قوله : ( كلا لا تطعه واسجد واقترب ) ، لولا ما ثبت في الصحيح من رواية وغيره من الأئمة عن { مسلم أنه قال : سجدت مع النبي صلى الله عليه وسلم في : { أبي هريرة إذا السماء انشقت } وفي : { اقرأ باسم ربك الذي خلق } سجدتين } ، فكان هذا نصا على أن المراد به سجود التلاوة .
وقد روى ، عن ابن وهب عن حماد بن زيد عن عاصم بن بهدلة ، عن زر بن حبيش ، قال : عزائم السجود أربع : { علي بن أبي طالب الم تنزيل } و { حم تنزيل من الرحمن الرحيم } و { والنجم } و { اقرأ باسم ربك } . وهذا إن صح يلزمه عليه السجود الثاني من سورة الحج ، وإن كان مقترنا بالركوع ، لأنه يكون معناه اركعوا [ في موضع الركوع ] ، واسجدوا في موضع السجود .
المسألة الثانية قوله : { واقترب } : المعنى اكتسب القرب من ربك في السجود فإنه أقرب ما يكون العبد من ربه في سجوده ; لأنها نهاية العبودية والذلة لله ، ولله غاية العزة ، وله العزة التي لا مقدار لها ، فلما بعدت من صفته قربت من جنته ، ودنوت من جواره في داره .
وفي الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { } . أما الركوع فعظموا فيه الرب ، وأما السجود فاجتهدوا فيه في الدعاء ; فإنه قمن أن يستجاب لكم
وقد قال ابن نافع ، : وكان ومطرف يسجد في خاصة نفسه بخاتمة هذه السورة ، مالك يراها من العزائم . وابن وهب