قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=145فنبذناه بالعراء وهو سقيم وأنبتنا عليه شجرة من يقطين وأرسلناه إلى مائة ألف أو يزيدون فآمنوا فمتعناهم إلى حين .
nindex.php?page=treesubj&link=29008قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=145فنبذناه بالعراء وهو سقيم وأنبتنا عليه شجرة من يقطين روي أن الحوت قذفه بساحل قرية من
الموصل . وقال
ابن قسيط عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة : طرح
يونس بالعراء وأنبت الله عليه يقطينة ، فقلنا : يا
nindex.php?page=showalam&ids=3أبا هريرة وما اليقطينة ؟ قال : شجرة الدباء ، هيأ الله له أروية وحشية تأكل من خشاش الأرض - أو هشاش الأرض - فتفشج عليه فترويه من لبنها كل عشية وبكرة حتى نبت . وقال
سعيد بن جبير عن
ابن عباس قال : خرج به - يعني الحوت - حتى لفظه في ساحل البحر ، فطرحه مثل الصبي المنفوس لم ينقص من خلقه شيء . وقيل : إن
يونس لما ألقاه الحوت على ساحل البحر أنبت الله عليه شجرة من يقطين ، وهي فيما ذكر شجرة القرع تتقطر عليه من اللبن حتى رجعت إليه قوته . ثم رجع ذات يوم إلى الشجرة فوجدها يبست ، فحزن وبكى عليها فعوتب ، فقيل له : أحزنت على شجرة وبكيت عليها ، ولم تحزن على مائة ألف وزيادة من
بني إسرائيل ، من أولاد
إبراهيم خليلي ، أسرى في أيدي العدو ، وأردت إهلاكهم جميعا . وقيل : هي شجرة التين . وقيل : شجرة الموز تغطى بورقها ، واستظل بأغصانها ، وأفطر على ثمارها . والأكثر على أنها شجرة اليقطين على ما يأتي . ثم إن الله تبارك وتعالى اجتباه فجعله من الصالحين . ثم أمره أن يأتي قومه ويخبرهم أن الله تعالى قد
[ ص: 116 ] تاب عليهم ، فعمد إليهم حتى لقي راعيا فسأله عن قوم
يونس وعن حالهم وكيف هم ، فأخبره أنهم بخير ، وأنهم على رجاء أن يرجع إليهم رسولهم . فقال له : فأخبرهم أني قد لقيت
يونس . قال : وماذا ؟ قال : وهذه البقعة التي أنت فيها تشهد لك أنك لقيت
يونس ، قال : وماذا ؟ قال : وهذه الشجرة تشهد لك أنك لقيت
يونس . وأنه رجع الراعي إلى قومه فأخبرهم أنه لقي
يونس فكذبوه وهموا به شرا ، فقال : لا تعجلوا علي حتى أصبح ، فلما أصبح غدا بهم إلى البقعة التي لقي فيها
يونس ، فاستنطقها فأخبرتهم أنه لقي
يونس ، واستنطق الشاة والشجرة فأخبرتاهم أنه لقي
يونس ، ثم إن
يونس أتاهم بعد ذلك . ذكر هذا الخبر وما قبله
الطبري رحمه الله . فنبذناه : طرحناه . وقيل : تركناه . بالعراء : بالصحراء ، قاله
ابن الأعرابي .
الأخفش : بالفضاء .
أبو عبيدة : الواسع من الأرض .
الفراء : العراء : المكان الخالي . قال : وقال
أبو عبيدة : العراء وجه الأرض ، وأنشد لرجل من خزاعة :
ورفعت رجلا لا أخاف عثارها ونبذت بالبلد العراء ثيابي
وحكى
الأخفش في قوله : وهو سقيم : جمع سقيم سقمى وسقامى وسقام . وقال في هذه السورة :
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=145فنبذناه بالعراء وقال في " ن والقلم "
nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=49لولا أن تداركه نعمة من ربه لنبذ بالعراء وهو مذموم والجواب : أن الله - عز وجل - خبر هاهنا أنه نبذه بالعراء وهو غير مذموم ولولا رحمة الله - عز وجل - لنبذ بالعراء وهو مذموم ، قاله
النحاس .
وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=146وأنبتنا عليه شجرة من يقطين يعني عليه أي : عنده ، كقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=14ولهم علي ذنب أي : عندي . وقيل : عليه بمعنى له . شجرة من يقطين اليقطين : شجر الدباء : وقيل غيرها ، ذكره
ابن الأعرابي . وفي الخبر : ( الدباء والبطيخ من الجنة ) وقد ذكرناه في كتاب التذكرة . وقال
المبرد : يقال لكل شجرة ليس لها ساق يفترش ورقها على الأرض يقطينة ، نحو الدباء والبطيخ والحنظل ، فإن كان لها ساق يقلها فهي شجرة فقط ، وإن كانت قائمة أي : بعروق تفترش فهي
[ ص: 117 ] نجمة وجمعها نجم . قال الله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=6والنجم والشجر يسجدان وروي نحوه عن
ابن عباس والحسن ومقاتل . قالوا : كل نبت يمتد ويبسط على الأرض ولا يبقى على استواء وليس له ساق نحو القثاء والبطيخ والقرع والحنظل فهو يقطين . وقال
سعيد بن جبير : هو كل شيء ينبت ثم يموت من عامه ، فيدخل في هذا الموز .
قلت : وهو مما له ساق .
الجوهري : واليقطين ما لا ساق له كشجر القرع ونحوه .
الزجاج : اشتقاق اليقطين من قطن بالمكان إذا أقام به ، فهو يفعيل . وقيل : هو اسم أعجمي . وقيل : إنما خص اليقطين بالذكر ، لأنه لا ينزل عليه ذباب . وقيل : ما كان ثم يقطين فأنبته الله في الحال .
القشيري : وفي الآية ما يدل على أنه كان مفروشا ليكون له ظل .
الثعلبي : كانت تظله فرأى خضرتها فأعجبته ، فيبست فجعل يتحزن عليها ، فقيل له : يا
يونس أنت الذي لم تخلق ولم تسق ولم تنبت تحزن على شجيرة ، فأنا الذي خلقت مائة ألف من الناس أو يزيدون تريد مني أن أستأصلهم في ساعة واحدة ، وقد تابوا وتبت عليهم ، فأين رحمتي يا
يونس ؟ أنا أرحم الراحمين .
nindex.php?page=hadith&LINKID=864828وروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يأكل الثريد باللحم والقرع ، وكان يحب القرع ويقول : إنها شجرة أخي يونس nindex.php?page=hadith&LINKID=864829وقال أنس : قدم للنبي - صلى الله عليه وسلم - مرق فيه دباء وقديد فجعل يتبع الدباء حوالي القصعة . قال أنس : فلم أزل أحب الدباء من يومئذ . أخرجه الأئمة .
nindex.php?page=treesubj&link=29008قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=147وأرسلناه إلى مائة ألف أو يزيدون قد تقدم عن
ابن عباس أن رسالة
يونس - عليه السلام - إنما كانت بعد ما نبذه الحوت . وليس له طريق إلا عن
nindex.php?page=showalam&ids=16128شهر بن حوشب .
النحاس : وأجود منه إسنادا وأصح ما حدثناه عن
علي بن الحسين قال : حدثنا
الحسن بن محمد قال حدثنا
عمرو بن العنقزي قال حدثنا
إسرائيل عن
أبي إسحاق عن
عمرو بن ميمون قال حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود في بيت المال عن
يونس النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : إن
يونس وعد قومه العذاب وأخبرهم أن يأتيهم إلى ثلاثة أيام ، ففرقوا بين كل والدة وولدها ، وخرجوا فجأروا إلى الله - عز وجل - واستغفروا ، فكف الله - عز وجل - عنهم العذاب ، وغدا
يونس - عليه السلام - ينتظر
[ ص: 118 ] العذاب فلم ير شيئا - وكان من كذب ولم تكن له بينة قتل - فخرج
يونس مغاضبا ، فأتى قوما في سفينة فحملوه وعرفوه ، فلما دخل السفينة ركدت السفينة والسفن تسير يمينا وشمالا ، فقالوا : ما لسفينتكم ؟ فقالوا : لا ندري . فقال
يونس - عليه السلام - : إن فيها عبدا آبقا من ربه - جل وعز - وإنها لن تسير حتى تلقوه . قالوا أما أنت يا نبي الله فإنا لا نلقيك . قال : فأقرعوا فمن قرع فليقع ، فاقترعوا فقرعهم
يونس فأبوا أن يدعوه ، قال : فاقترعوا ثلاثا فمن قرع فليقع . فاقترعوا فقرعهم
يونس ثلاث مرات أو قال ثلاثا فوقع . وقد وكل الله به - جل وعز - حوتا فابتلعه وهو يهوي به إلى قرار الأرض ، فسمع
يونس - عليه السلام - تسبيح الحصى " فنادى في الظلمات
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=87أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين قال : ظلمة الليل ، وظلمة البحر ، وظلمة بطن الحوت . قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=145فنبذناه بالعراء وهو سقيم قال : كهيئة الفرخ الممعوط الذي ليس عليه ريش . قال : وأنبت الله عليه شجرة من يقطين فنبتت ، فكان يستظل بها ويصيب منها ، فيبست فبكى عليها ، فأوحى الله - جل وعز - إليه : أتبكي على شجرة يبست ، ولا تبكي على مائة ألف أو يزيدون أردت أن تهلكهم ؟ قال : وخرج رسول الله
يونس فإذا هو بغلام يرعى ، قال : يا غلام من أنت ؟ قال : من قوم
يونس . قال : فإذا جئت إليهم فأخبرهم أنك قد لقيت
يونس . قال : إن كنت
يونس فقد علمت أنه من كذب قتل إذا لم تكن له بينة ، فمن يشهد لي ؟ قال : هذه الشجرة ، وهذه البقعة . قال : فمرهما ، فقال لهما
يونس : إذا جاءكما هذا الغلام فاشهدا له . قالتا : نعم . قال : فرجع الغلام إلى قومه وكان في منعة وكان له إخوة ، فأتى الملك فقال : إني قد لقيت
يونس وهو يقرأ عليك السلام . قال : فأمر به أن يقتل ، فقالوا : إن له بينة ، فأرسلوا معه . فأتى الشجرة والبقعة فقال لهما : نشدتكما بالله - جل وعز - أتشهدان أني لقيت
يونس ؟ قالتا : نعم . قال : فرجع القوم مذعورين يقولون له : شهدت له الشجرة والأرض ، فأتوا الملك فأخبروه بما رأوا . قال
عبد الله : فتناول الملك يد الغلام فأجلسه في مجلسه ، وقال : أنت أحق بهذا المكان مني . قال
عبد الله : فأقام لهم ذلك الغلام أمرهم أربعين سنة . قال
nindex.php?page=showalam&ids=12940أبو جعفر النحاس : فقد تبين في هذا الحديث أن
يونس كان قد أرسل قبل أن يلتقمه الحوت بهذا الإسناد الذي لا يؤخذ بالقياس . وفيه أيضا من الفائدة أن قوم
يونس آمنوا وندموا قبل أن يروا العذاب ; لأن فيه أنه أخبرهم أنه يأتيهم العذاب إلى ثلاثة أيام ، ففرقوا بين كل والدة وولدها ، وضجوا ضجة واحدة إلى الله عز وجل . وهذا هو الصحيح في الباب ، وأنه لم يكن حكم الله - عز وجل - فيهم كحكمه في غيرهم في
[ ص: 119 ] قوله - عز وجل - :
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=85فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا وقوله - عز وجل - :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=18وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت الآية . وقال بعض العلماء : إنهم رأوا مخائل العذاب فتابوا . وهذا لا يمنع ، وقد تقدم ما للعلماء في هذا في سورة [ يونس ] فلينظر هناك .
قوله تعالى : أو يزيدون قد مضى في [ البقرة ] محامل " أو " في قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=74أو أشد قسوة قال
الفراء : " أو " بمعنى بل . وقال غيره : إنها بمعنى الواو ، ومنه قول الشاعر :
فلما اشتد أمر الحرب فينا تأملنا رياحا أو رزاما
أي : ورزاما . وهذا كقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=77وما أمر الساعة إلا كلمح البصر أو هو أقرب وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=15639جعفر بن محمد " إلى مائة ألف ويزيدون " بغير همز ، ف " يزيدون " في موضع رفع بأنه خبر مبتدأ محذوف ، أي : وهم يزيدون .
النحاس : ولا يصح هذان القولان عند البصريين ، وأنكروا كون " أو " بمعنى بل وبمعنى الواو ; لأن بل للإضراب عن الأول والإيجاب لما بعده ، وتعالى الله - عز وجل - عن ذلك ، أو خروج من شيء إلى شيء ، وليس هذا موضع ذلك ، والواو معناه خلاف معنى " أو " فلو كان أحدهما بمعنى الآخر لبطلت المعاني ، ولو جاز ذلك لكان : وأرسلناه إلى أكثر من مائتي ألف أخصر . وقال
المبرد : المعنى : وأرسلناه إلى جماعة لو رأيتموهم لقلتم هم مائة ألف أو أكثر ، وإنما خوطب العباد على ما يعرفون . وقيل : هو كما تقول : جاءني زيد أو عمرو ، وأنت تعرف من جاءك منهما ، إلا أنك أبهمت على المخاطب . وقال
الأخفش والزجاج : أي : أو يزيدون في تقديركم . قال
ابن عباس : زادوا على مائة ألف عشرين ألفا . ورواه
أبي بن كعب مرفوعا . وعن
ابن عباس أيضا : ثلاثين ألفا .
الحسن والربيع : بضعا وثلاثين ألفا . وقال
مقاتل بن حيان : سبعين ألفا .
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=148فآمنوا فمتعناهم إلى حين أي إلى منتهى آجالهم .
قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=145فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ سَقِيمٌ وَأَنْبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ فَآمَنُوا فَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ .
nindex.php?page=treesubj&link=29008قَوْلُهُ تَعَالَى : nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=145فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ سَقِيمٌ وَأَنْبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ رُوِيَ أَنَّ الْحُوتَ قَذَفَهُ بِسَاحِلِ قَرْيَةٍ مِنَ
الْمَوْصِلِ . وَقَالَ
ابْنُ قُسَيْطٍ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ : طُرِحَ
يُونُسُ بِالْعَرَاءِ وَأَنْبَتَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَقْطِينَةً ، فَقُلْنَا : يَا
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبَا هُرَيْرَةَ وَمَا الْيَقْطِينَةُ ؟ قَالَ : شَجَرَةُ الدُّبَّاءِ ، هَيَّأَ اللَّهُ لَهُ أُرْوِيَّةً وَحْشِيَّةً تَأْكُلُ مِنْ خَشَاشِ الْأَرْضِ - أَوْ هَشَاشِ الْأَرْضِ - فَتَفْشِجُ عَلَيْهِ فَتَرْوِيهِ مِنْ لَبَنِهَا كُلَّ عَشِيَّةٍ وَبُكْرَةٍ حَتَّى نَبَتَ . وَقَالَ
سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : خَرَجَ بِهِ - يَعْنِي الْحُوتَ - حَتَّى لَفَظَهُ فِي سَاحِلِ الْبَحْرِ ، فَطَرَحَهُ مِثْلَ الصَّبِيِّ الْمَنْفُوسِ لَمْ يَنْقُصْ مِنْ خَلْقِهِ شَيْءٌ . وَقِيلَ : إِنَّ
يُونُسَ لَمَّا أَلْقَاهُ الْحُوتُ عَلَى سَاحِلِ الْبَحْرِ أَنْبَتَ اللَّهُ عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ ، وَهِيَ فِيمَا ذُكِرَ شَجَرَةُ الْقَرْعِ تَتَقَطَّرُ عَلَيْهِ مِنَ اللَّبَنِ حَتَّى رَجَعَتْ إِلَيْهِ قُوَّتُهُ . ثُمَّ رَجَعَ ذَاتَ يَوْمٍ إِلَى الشَّجَرَةِ فَوَجَدَهَا يَبِسَتْ ، فَحَزِنَ وَبَكَى عَلَيْهَا فَعُوتِبَ ، فَقِيلَ لَهُ : أَحَزِنْتَ عَلَى شَجَرَةٍ وَبَكَيْتَ عَلَيْهَا ، وَلَمْ تَحْزَنْ عَلَى مِائَةِ أَلْفٍ وَزِيَادَةٍ مِنْ
بَنِي إِسْرَائِيلَ ، مِنْ أَوْلَادِ
إِبْرَاهِيمَ خَلِيلِي ، أَسْرَى فِي أَيْدِي الْعَدُوِّ ، وَأَرَدْتَ إِهْلَاكَهُمْ جَمِيعًا . وَقِيلَ : هِيَ شَجَرَةُ التِّينِ . وَقِيلَ : شَجَرَةُ الْمَوْزِ تَغَطَّى بِوَرَقِهَا ، وَاسْتَظَلَّ بِأَغْصَانِهَا ، وَأَفْطَرَ عَلَى ثِمَارِهَا . وَالْأَكْثَرُ عَلَى أَنَّهَا شَجَرَةُ الْيَقْطِينِ عَلَى مَا يَأْتِي . ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى اجْتَبَاهُ فَجَعَلَهُ مِنَ الصَّالِحِينَ . ثُمَّ أَمَرَهُ أَنْ يَأْتِيَ قَوْمَهُ وَيُخْبِرَهُمْ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ
[ ص: 116 ] تَابَ عَلَيْهِمْ ، فَعَمَدَ إِلَيْهِمْ حَتَّى لَقِيَ رَاعِيًا فَسَأَلَهُ عَنْ قَوْمِ
يُونُسَ وَعَنْ حَالِهِمْ وَكَيْفَ هُمْ ، فَأَخْبَرَهُ أَنَّهُمْ بِخَيْرٍ ، وَأَنَّهُمْ عَلَى رَجَاءٍ أَنْ يَرْجِعَ إِلَيْهِمْ رَسُولُهُمْ . فَقَالَ لَهُ : فَأَخْبِرْهُمْ أَنِّي قَدْ لَقِيتُ
يُونُسَ . قَالَ : وَمَاذَا ؟ قَالَ : وَهَذِهِ الْبُقْعَةُ الَّتِي أَنْتَ فِيهَا تَشْهَدُ لَكَ أَنَّكَ لَقِيتَ
يُونُسَ ، قَالَ : وَمَاذَا ؟ قَالَ : وَهَذِهِ الشَّجَرَةُ تَشْهَدُ لَكَ أَنَّكَ لَقِيتَ
يُونُسَ . وَأَنَّهُ رَجَعَ الرَّاعِي إِلَى قَوْمِهِ فَأَخْبَرَهُمْ أَنَّهُ لَقِيَ
يُونُسَ فَكَذَّبُوهُ وَهَمُّوا بِهِ شَرًّا ، فَقَالَ : لَا تَعْجَلُوا عَلَيَّ حَتَّى أُصْبِحَ ، فَلَمَّا أَصْبَحَ غَدَا بِهِمْ إِلَى الْبُقْعَةِ الَّتِي لَقِيَ فِيهَا
يُونُسَ ، فَاسْتَنْطَقَهَا فَأَخْبَرَتْهُمْ أَنَّهُ لَقِيَ
يُونُسَ ، وَاسْتَنْطَقَ الشَّاةَ وَالشَّجَرَةَ فَأَخْبَرَتَاهُمْ أَنَّهُ لَقِيَ
يُونُسَ ، ثُمَّ إِنَّ
يُونُسَ أَتَاهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ . ذَكَرَ هَذَا الْخَبَرَ وَمَا قَبْلَهُ
الطَّبَرِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ . فَنَبَذْنَاهُ : طَرَحْنَاهُ . وَقِيلَ : تَرَكْنَاهُ . بِالْعَرَاءِ : بِالصَّحْرَاءِ ، قَالَهُ
ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ .
الْأَخْفَشُ : بِالْفَضَاءِ .
أَبُو عُبَيْدَةَ : الْوَاسِعُ مِنَ الْأَرْضِ .
الْفَرَّاءُ : الْعَرَاءُ : الْمَكَانُ الْخَالِي . قَالَ : وَقَالَ
أَبُو عُبَيْدَةَ : الْعَرَاءُ وَجْهُ الْأَرْضِ ، وَأَنْشَدَ لِرَجُلٍ مِنْ خُزَاعَةَ :
وَرَفَعْتُ رِجْلًا لَا أَخَافُ عِثَارَهَا وَنَبَذْتُ بِالْبَلَدِ الْعَرَاءِ ثِيَابِي
وَحَكَى
الْأَخْفَشُ فِي قَوْلِهِ : وَهُوَ سَقِيمٌ : جَمْعُ سَقِيمٍ سَقْمَى وَسَقَامَى وَسِقَامٌ . وَقَالَ فِي هَذِهِ السُّورَةِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=145فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاءِ وَقَالَ فِي " ن وَالْقَلَمِ "
nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=49لَوْلَا أَنْ تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ مِنْ رَبِّهِ لَنُبِذَ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ مَذْمُومٌ وَالْجَوَابُ : أَنَّ اللَّهَ - عَزَّ وَجَلَّ - خَبَّرَ هَاهُنَا أَنَّهُ نَبَذَهُ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ غَيْرُ مَذْمُومٍ وَلَوْلَا رَحْمَةُ اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - لَنُبِذَ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ مَذْمُومٌ ، قَالَهُ
النَّحَّاسُ .
وَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=146وَأَنْبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ يَعْنِي عَلَيْهِ أَيْ : عِنْدَهُ ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=14وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنْبٌ أَيْ : عِنْدِي . وَقِيلَ : عَلَيْهِ بِمَعْنَى لَهُ . شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ الْيَقْطِينُ : شَجَرُ الدُّبَّاءِ : وَقِيلَ غَيْرُهَا ، ذَكَرَهُ
ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ . وَفِي الْخَبَرِ : ( الدُّبَّاءُ وَالْبِطِّيخُ مِنَ الْجَنَّةِ ) وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي كِتَابِ التَّذْكِرَةِ . وَقَالَ
الْمُبَرِّدُ : يُقَالُ لِكُلِّ شَجَرَةٍ لَيْسَ لَهَا سَاقٌ يَفْتَرِشُ وَرَقُهَا عَلَى الْأَرْضِ يَقْطِينَةٌ ، نَحْوَ الدُّبَّاءِ وَالْبِطِّيخِ وَالْحَنْظَلِ ، فَإِنْ كَانَ لَهَا سَاقٌ يُقِلُّهَا فَهِيَ شَجَرَةٌ فَقَطْ ، وَإِنْ كَانَتْ قَائِمَةً أَيْ : بِعُرُوقٍ تَفْتَرِشُ فَهِيَ
[ ص: 117 ] نَجْمَةٌ وَجَمْعُهَا نَجْمٌ . قَالَ اللَّهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=6وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ وَرُوِيَ نَحْوُهُ عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ وَالْحَسَنِ وَمُقَاتِلٍ . قَالُوا : كُلُّ نَبْتٍ يَمْتَدُّ وَيُبْسَطُ عَلَى الْأَرْضِ وَلَا يَبْقَى عَلَى اسْتِوَاءٍ وَلَيْسَ لَهُ سَاقٌ نَحْوُ الْقِثَّاءِ وَالْبِطِّيخِ وَالْقَرْعِ وَالْحَنْظَلِ فَهُوَ يَقْطِينٌ . وَقَالَ
سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ : هُوَ كُلُّ شَيْءٍ يَنْبُتُ ثُمَّ يَمُوتُ مِنْ عَامِهِ ، فَيَدْخُلُ فِي هَذَا الْمَوْزُ .
قُلْتُ : وَهُوَ مِمَّا لَهُ سَاقٌ .
الْجَوْهَرِيُّ : وَالْيَقْطِينُ مَا لَا سَاقَ لَهُ كَشَجَرِ الْقَرْعِ وَنَحْوِهِ .
الزَّجَّاجُ : اشْتِقَاقُ الْيَقْطِينِ مِنْ قَطَنَ بِالْمَكَانِ إِذَا أَقَامَ بِهِ ، فَهُوَ يَفْعِيلٌ . وَقِيلَ : هُوَ اسْمٌ أَعْجَمِيٌّ . وَقِيلَ : إِنَّمَا خُصَّ الْيَقْطِينُ بِالذِّكْرِ ، لِأَنَّهُ لَا يَنْزِلُ عَلَيْهِ ذُبَابٌ . وَقِيلَ : مَا كَانَ ثَمَّ يَقْطِينٌ فَأَنْبَتَهُ اللَّهُ فِي الْحَالِ .
الْقُشَيْرِيُّ : وَفِي الْآيَةِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ مَفْرُوشًا لِيَكُونَ لَهُ ظِلٌّ .
الثَّعْلَبِيُّ : كَانَتْ تُظِلُّهُ فَرَأَى خُضْرَتَهَا فَأَعْجَبَتْهُ ، فَيَبِسَتْ فَجَعَلَ يَتَحَزَّنُ عَلَيْهَا ، فَقِيلَ لَهُ : يَا
يُونُسُ أَنْتَ الَّذِي لَمْ تَخْلُقْ وَلَمْ تَسْقِ وَلَمْ تُنْبِتْ تَحْزَنُ عَلَى شُجَيْرَةٍ ، فَأَنَا الَّذِي خَلَقْتُ مِائَةَ أَلْفٍ مِنَ النَّاسِ أَوْ يَزِيدُونَ تُرِيدُ مِنِّي أَنْ أَسْتَأْصِلَهُمْ فِي سَاعَةٍ وَاحِدَةٍ ، وَقَدْ تَابُوا وَتُبْتُ عَلَيْهِمْ ، فَأَيْنَ رَحْمَتِي يَا
يُونُسُ ؟ أَنَا أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ .
nindex.php?page=hadith&LINKID=864828وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ كَانَ يَأْكُلُ الثَّرِيدَ بِاللَّحْمِ وَالْقَرْعِ ، وَكَانَ يُحِبُّ الْقَرْعَ وَيَقُولُ : إِنَّهَا شَجَرَةُ أَخِي يُونُسَ nindex.php?page=hadith&LINKID=864829وَقَالَ أَنَسٌ : قُدِّمَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَرَقٌ فِيهِ دُبَّاءٌ وَقَدِيدٌ فَجَعَلَ يَتْبَعُ الدُّبَّاءَ حَوَالَيِ الْقَصْعَةِ . قَالَ أَنَسٌ : فَلَمْ أَزَلْ أُحِبُّ الدُّبَّاءَ مِنْ يَوْمِئِذٍ . أَخْرَجَهُ الْأَئِمَّةُ .
nindex.php?page=treesubj&link=29008قَوْلُهُ تَعَالَى : nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=147وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ قَدْ تَقَدَّمَ عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رِسَالَةَ
يُونُسَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - إِنَّمَا كَانَتْ بَعْدَ مَا نَبَذَهُ الْحُوتُ . وَلَيْسَ لَهُ طَرِيقٌ إِلَّا عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16128شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ .
النَّحَّاسُ : وَأَجْوَدُ مِنْهُ إِسْنَادًا وَأَصَحُّ مَا حُدِّثْنَاهُ عَنْ
عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ قَالَ : حَدَّثَنَا
الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا
عَمْرُو بْنُ الْعَنْقَزِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا
إِسْرَائِيلُ عَنْ
أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ
عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ قَالَ حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=10عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ فِي بَيْتِ الْمَالِ عَنْ
يُونُسَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ : إِنَّ
يُونُسَ وَعَدَ قَوْمَهُ الْعَذَابَ وَأَخْبَرَهُمْ أَنْ يَأْتِيَهُمْ إِلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ، فَفَرَّقُوا بَيْنَ كُلِّ وَالِدَةٍ وَوَلَدِهَا ، وَخَرَجُوا فَجَأَرُوا إِلَى اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - وَاسْتَغْفَرُوا ، فَكَفَّ اللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ - عَنْهُمُ الْعَذَابَ ، وَغَدَا
يُونُسُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - يَنْتَظِرُ
[ ص: 118 ] الْعَذَابَ فَلَمْ يَرَ شَيْئًا - وَكَانَ مَنْ كَذَبَ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ قُتِلَ - فَخَرَجَ
يُونُسُ مُغَاضِبًا ، فَأَتَى قَوْمًا فِي سَفِينَةٍ فَحَمَلُوهُ وَعَرَفُوهُ ، فَلَمَّا دَخَلَ السَّفِينَةَ رَكَدَتِ السَّفِينَةُ وَالسُّفُنُ تَسِيرُ يَمِينًا وَشِمَالًا ، فَقَالُوا : مَا لِسَفِينَتِكُمْ ؟ فَقَالُوا : لَا نَدْرِي . فَقَالَ
يُونُسُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - : إِنَّ فِيهَا عَبْدًا آبِقًا مِنْ رَبِّهِ - جَلَّ وَعَزَّ - وَإِنَّهَا لَنْ تَسِيرَ حَتَّى تُلْقُوهُ . قَالُوا أَمَّا أَنْتَ يَا نَبِيَّ اللَّهِ فَإِنَّا لَا نُلْقِيكَ . قَالَ : فَأَقْرِعُوا فَمَنْ قُرِعَ فَلْيَقَعْ ، فَاقْتَرَعُوا فَقَرَعَهُمْ
يُونُسُ فَأَبَوْا أَنْ يَدَعُوهُ ، قَالَ : فَاقْتَرِعُوا ثَلَاثًا فَمَنْ قُرِعَ فَلْيَقَعْ . فَاقْتَرَعُوا فَقَرَعَهُمْ
يُونُسُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ أَوْ قَالَ ثَلَاثًا فَوَقَعَ . وَقَدْ وَكَّلَ اللَّهُ بِهِ - جَلَّ وَعَزَّ - حُوتًا فَابْتَلَعَهُ وَهُوَ يَهْوِي بِهِ إِلَى قَرَارِ الْأَرْضِ ، فَسَمِعَ
يُونُسُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - تَسْبِيحَ الْحَصَى " فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=87أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ قَالَ : ظُلْمَةُ اللَّيْلِ ، وَظُلْمَةُ الْبَحْرِ ، وَظُلْمَةُ بَطْنِ الْحُوتِ . قَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=145فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ سَقِيمٌ قَالَ : كَهَيْئَةِ الْفَرْخِ الْمَمْعُوطِ الَّذِي لَيْسَ عَلَيْهِ رِيشٌ . قَالَ : وَأَنْبَتَ اللَّهُ عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ فَنَبَتَتْ ، فَكَانَ يَسْتَظِلُّ بِهَا وَيُصِيبُ مِنْهَا ، فَيَبِسَتْ فَبَكَى عَلَيْهَا ، فَأَوْحَى اللَّهُ - جَلَّ وَعَزَّ - إِلَيْهِ : أَتَبْكِي عَلَى شَجَرَةٍ يَبِسَتْ ، وَلَا تَبْكِي عَلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ أَرَدْتَ أَنْ تُهْلِكَهُمْ ؟ قَالَ : وَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ
يُونُسُ فَإِذَا هُوَ بِغُلَامٍ يَرْعَى ، قَالَ : يَا غُلَامُ مَنْ أَنْتَ ؟ قَالَ : مِنْ قَوْمِ
يُونُسَ . قَالَ : فَإِذَا جِئْتَ إِلَيْهِمْ فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّكَ قَدْ لَقِيتَ
يُونُسَ . قَالَ : إِنْ كُنْتَ
يُونُسَ فَقَدْ عَلِمْتُ أَنَّهُ مَنْ كَذَبَ قُتِلَ إِذَا لَمْ تَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ ، فَمَنْ يَشْهَدُ لِي ؟ قَالَ : هَذِهِ الشَّجَرَةُ ، وَهَذِهِ الْبُقْعَةُ . قَالَ : فَمُرْهُمَا ، فَقَالَ لَهُمَا
يُونُسُ : إِذَا جَاءَكُمَا هَذَا الْغُلَامُ فَاشْهَدَا لَهُ . قَالَتَا : نَعَمْ . قَالَ : فَرَجَعَ الْغُلَامُ إِلَى قَوْمِهِ وَكَانَ فِي مَنَعَةٍ وَكَانَ لَهُ إِخْوَةٌ ، فَأَتَى الْمَلِكَ فَقَالَ : إِنِّي قَدْ لَقِيتُ
يُونُسَ وَهُوَ يَقْرَأُ عَلَيْكَ السَّلَامَ . قَالَ : فَأَمَرَ بِهِ أَنْ يُقْتَلَ ، فَقَالُوا : إِنَّ لَهُ بَيِّنَةً ، فَأَرْسِلُوا مَعَهُ . فَأَتَى الشَّجَرَةَ وَالْبُقْعَةَ فَقَالَ لَهُمَا : نَشَدْتُكُمَا بِاللَّهِ - جَلَّ وَعَزَّ - أَتَشْهَدَانِ أَنِّي لَقِيتُ
يُونُسَ ؟ قَالَتَا : نَعَمْ . قَالَ : فَرَجَعَ الْقَوْمُ مَذْعُورِينَ يَقُولُونَ لَهُ : شَهِدَتْ لَهُ الشَّجَرَةُ وَالْأَرْضُ ، فَأَتَوُا الْمَلِكَ فَأَخْبَرُوهُ بِمَا رَأَوْا . قَالَ
عَبْدُ اللَّهِ : فَتَنَاوَلَ الْمَلِكُ يَدَ الْغُلَامِ فَأَجْلَسَهُ فِي مَجْلِسِهِ ، وَقَالَ : أَنْتَ أَحَقُّ بِهَذَا الْمَكَانِ مِنِّي . قَالَ
عَبْدُ اللَّهِ : فَأَقَامَ لَهُمْ ذَلِكَ الْغُلَامُ أَمْرَهُمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12940أَبُو جَعْفَرٍ النَّحَّاسُ : فَقَدْ تَبَيَّنَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ
يُونُسَ كَانَ قَدْ أُرْسِلَ قَبْلَ أَنْ يَلْتَقِمَهُ الْحُوتُ بِهَذَا الْإِسْنَادِ الَّذِي لَا يُؤْخَذُ بِالْقِيَاسِ . وَفِيهِ أَيْضًا مِنَ الْفَائِدَةِ أَنَّ قَوْمَ
يُونُسَ آمَنُوا وَنَدِمُوا قَبْلَ أَنْ يَرَوُا الْعَذَابَ ; لِأَنَّ فِيهِ أَنَّهُ أَخْبَرَهُمْ أَنَّهُ يَأْتِيهِمُ الْعَذَابُ إِلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ، فَفَرَّقُوا بَيْنَ كُلِّ وَالِدَةٍ وَوَلَدِهَا ، وَضَجُّوا ضَجَّةً وَاحِدَةً إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ . وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ فِي الْبَابِ ، وَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ حُكْمُ اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - فِيهِمْ كَحُكْمِهِ فِي غَيْرِهِمْ فِي
[ ص: 119 ] قَوْلِهِ - عَزَّ وَجَلَّ - :
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=85فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا وَقَوْلِهِ - عَزَّ وَجَلَّ - :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=18وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ الْآيَةَ . وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ : إِنَّهُمْ رَأَوْا مَخَائِلَ الْعَذَابِ فَتَابُوا . وَهَذَا لَا يَمْنَعُ ، وَقَدْ تَقَدَّمَ مَا لِلْعُلَمَاءِ فِي هَذَا فِي سُورَةِ [ يُونُسَ ] فَلْيُنْظَرْ هُنَاكَ .
قَوْلُهُ تَعَالَى : أَوْ يَزِيدُونَ قَدْ مَضَى فِي [ الْبَقَرَةِ ] مَحَامِلُ " أَوْ " فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=74أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً قَالَ
الْفَرَّاءُ : " أَوْ " بِمَعْنَى بَلْ . وَقَالَ غَيْرُهُ : إِنَّهَا بِمَعْنَى الْوَاوِ ، وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ :
فَلَمَّا اشْتَدَّ أَمْرُ الْحَرْبِ فِينَا تَأَمَّلْنَا رِيَاحًا أَوْ رِزَامَا
أَيْ : وَرِزَامًا . وَهَذَا كَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=77وَمَا أَمْرُ السَّاعَةِ إِلَّا كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=15639جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ " إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ وَيَزِيدُونَ " بِغَيْرِ هَمْزٍ ، فَ " يَزِيدُونَ " فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ بِأَنَّهُ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ ، أَيْ : وَهُمْ يَزِيدُونَ .
النَّحَّاسُ : وَلَا يَصِحُّ هَذَانَ الْقَوْلَانِ عِنْدَ الْبَصْرِيِّينَ ، وَأَنْكَرُوا كَوْنَ " أَوْ " بِمَعْنَى بَلْ وَبِمَعْنَى الْوَاوِ ; لِأَنَّ بَلْ لِلْإِضْرَابِ عَنِ الْأَوَّلِ وَالْإِيجَابِ لِمَا بَعْدَهُ ، وَتَعَالَى اللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ - عَنْ ذَلِكَ ، أَوْ خُرُوجٍ مِنْ شَيْءٍ إِلَى شَيْءٍ ، وَلَيْسَ هَذَا مَوْضِعَ ذَلِكَ ، وَالْوَاوُ مَعْنَاهُ خِلَافُ مَعْنَى " أَوْ " فَلَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا بِمَعْنَى الْآخَرِ لَبَطَلَتِ الْمَعَانِي ، وَلَوْ جَازَ ذَلِكَ لَكَانَ : وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى أَكْثَرَ مِنْ مِائَتَيْ أَلْفٍ أَخْصَرَ . وَقَالَ
الْمُبَرِّدُ : الْمَعْنَى : وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى جَمَاعَةٍ لَوْ رَأَيْتُمُوهُمْ لَقُلْتُمْ هُمْ مِائَةُ أَلْفٍ أَوْ أَكْثَرُ ، وَإِنَّمَا خُوطِبَ الْعِبَادُ عَلَى مَا يَعْرِفُونَ . وَقِيلَ : هُوَ كَمَا تَقُولُ : جَاءَنِي زَيْدٌ أَوْ عَمْرٌو ، وَأَنْتَ تَعْرِفُ مَنْ جَاءَكَ مِنْهُمَا ، إِلَّا أَنَّكَ أَبْهَمْتَ عَلَى الْمُخَاطَبِ . وَقَالَ
الْأَخْفَشُ وَالزَّجَّاجُ : أَيْ : أَوْ يَزِيدُونَ فِي تَقْدِيرِكُمْ . قَالَ
ابْنُ عَبَّاسٍ : زَادُوا عَلَى مِائَةِ أَلْفٍ عِشْرِينَ أَلْفًا . وَرَوَاهُ
أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ مَرْفُوعًا . وَعَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ أَيْضًا : ثَلَاثِينَ أَلْفًا .
الْحَسَنُ وَالرَّبِيعُ : بِضْعًا وَثَلَاثِينَ أَلْفًا . وَقَالَ
مُقَاتِلُ بْنُ حَيَّانَ : سَبْعِينَ أَلْفًا .
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=148فَآمَنُوا فَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ أَيْ إِلَى مُنْتَهَى آجَالِهِمْ .