nindex.php?page=treesubj&link=28974قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=134الذين ينفقون في السراء والضراء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين
فيه أربع مسائل :
الأولى : قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=134الذين ينفقون هذا من صفة المتقين الذين أعدت لهم الجنة ، وظاهر الآية أنها مدح بفعل المندوب إليه . السراء اليسر والضراء العسر ; قاله
ابن عباس والكلبي ومقاتل . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16531عبيد بن عمير والضحاك : السراء والضراء الرخاء والشدة . ويقال في حال الصحة والمرض . وقيل : في السراء في الحياة ، وفي الضراء يعني يوصي بعد الموت . وقيل : في السراء في العرس والولائم ، وفي الضراء في النوائب والمآتم . وقيل : في السراء النفقة التي تسركم ; مثل النفقة على الأولاد والقرابات ، والضراء على الأعداء . ويقال : في السراء ما يضيف به الفتى ويهدى إليه . والضراء ما ينفقه على أهل الضر ويتصدق به عليهم . قلت : والآية تعم . ثم قال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=134والكاظمين الغيظ وهي المسألة
الثانية : وكظم الغيظ رده في الجوف ; يقال : كظم غيظه أي سكت عليه ولم يظهره مع قدرته على إيقاعه بعدوه ، وكظمت السقاء أي ملأته وسددت عليه ، والكظامة ما يسد به مجرى الماء ; ومنه الكظام للسير الذي يسد به فم الزق والقربة . وكظم البعير جرته إذا ردها في جوفه ; وقد يقال لحبسه الجرة قبل أن يرسلها إلى فيه : كظم ; حكاه
الزجاج . يقال : كظم البعير والناقة إذا لم يجترا ; ومنه قول
الراعي :
[ ص: 196 ] فأفضن بعد كظومهن بجرة من ذي الأبارق إذا رعين حقيلا
الحقيل : موضع . والحقيل : نبت . وقد قيل : إنها تفعل ذلك عند الفزع والجهد فلا تجتر ; قال
أعشى باهلة يصف رجلا نحارا للإبل فهي تفزع منه :
قد تكظم البزل منه حين تبصره حتى تقطع في أجوافها الجرر
ومنه : رجل كظيم ومكظوم إذا كان ممتلئا غما وحزنا . وفي التنزيل :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=84وابيضت عيناه من الحزن فهو كظيم .
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=58ظل وجهه مسودا وهو كظيم .
nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=48إذ نادى وهو مكظوم . والغيظ أصل الغضب ، وكثيرا ما يتلازمان لكن فرقان ما بينهما ، أن الغيظ لا يظهر على الجوارح ، بخلاف الغضب فإنه يظهر في الجوارح مع فعل ما ولا بد ; ولهذا جاء إسناد الغضب إلى الله تعالى إذ هو عبارة عن أفعاله في المغضوب عليهم . وقد فسر بعض الناس الغيظ بالغضب ; وليس بجيد ، والله أعلم .
الثالثة : قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=134والعافين عن الناس العفو عن الناس أجل ضروب فعل الخير ; حيث يجوز للإنسان أن يعفو وحيث يتجه حقه . وكل من استحق عقوبة فتركت له فقد عفي عنه . واختلف في معنى
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=134عن الناس ; فقال
أبو العالية والكلبي والزجاج :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=134والعافين عن الناس يريد عن المماليك . قال
ابن عطية : وهذا حسن على جهة المثال ; إذ هم الخدمة فهم يذنبون كثيرا والقدرة عليهم متيسرة ، وإنفاذ العقوبة سهل ; فلذلك مثل هذا المفسر به . وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=17188ميمون بن مهران أن جاريته جاءت ذات يوم بصحفة فيها مرقة حارة ، وعنده أضياف فعثرت فصبت المرقة عليه ، فأراد
ميمون أن يضربها ، فقالت الجارية : يا مولاي ، استعمل قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=134والكاظمين الغيظ قال لها : قد فعلت . فقالت : اعمل بما بعده
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=134والعافين عن الناس . فقال : قد عفوت عنك . فقالت الجارية :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=134والله يحب المحسنين . قال
ميمون : قد أحسنت إليك ، فأنت حرة لوجه الله تعالى . وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=13669الأحنف بن قيس مثله . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15944زيد بن أسلم :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=134والعافين عن الناس عن ظلمهم وإساءتهم . وهذا عام ، وهو ظاهر الآية . وقال
مقاتل بن حيان في هذه الآية : بلغنا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال عند ذلك :
إن هؤلاء من أمتي قليل إلا من عصمه الله وقد كانوا كثيرا في الأمم التي مضت . فمدح الله تعالى الذين يغفرون عند الغضب وأثنى عليهم فقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=37وإذا ما غضبوا هم يغفرون ، وأثنى على الكاظمين الغيظ بقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=134والعافين عن الناس ، وأخبر أنه يحبهم بإحسانهم في ذلك . ووردت في
nindex.php?page=treesubj&link=32488_20034_18759كظم الغيظ [ ص: 197 ] والعفو عن الناس وملك النفس عند الغضب أحاديث ; وذلك من أعظم العبادة وجهاد النفس ; فقال - صلى الله عليه وسلم - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=831951ليس الشديد بالصرعة ولكن الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب . وقال عليه السلام
nindex.php?page=hadith&LINKID=838278ما من جرعة يتجرعها العبد خير له وأعظم أجرا من جرعة غيظ في الله . وروى
أنس أن رجلا قال : يا رسول الله ، ما أشد من كل شيء ؟ قال : ( غضب الله ) . قال فما ينجي من غضب الله ؟ قال : ( لا تغضب ) . قال
العرجي :
وإذا غضبت فكن وقورا كاظما للغيظ تبصر ما تقول وتسمع
فكفى به شرفا تبصر ساعة يرضى بها عنك الإله وترفع
وقال
عروة بن الزبير في العفو :
لن يبلغ المجد أقوام وإن شرفوا حتى يذلوا وإن عزوا لأقوام
ويشتموا فترى الألوان مشرقة لا عفو ذل ولكن عفو إكرام
وروى
أبو داود nindex.php?page=showalam&ids=13948وأبو عيسى الترمذي عن
سهل بن معاذ بن أنس الجهني عن أبيه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=831952من كظم غيظا وهو يستطيع أن ينفذه دعاه الله يوم القيامة على رءوس الخلائق حتى يخيره في أي الحور شاء قال : هذا حديث حسن غريب . وروى
أنس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=838281إذا كان يوم القيامة نادى مناد من كان أجره على الله فليدخل الجنة . فيقال من ذا الذي أجره على الله فيقوم العافون عن الناس يدخلون الجنة بغير حساب . ذكره
nindex.php?page=showalam&ids=15151الماوردي . وقال
[ ص: 198 ] ابن المبارك : كنت عند
المنصور جالسا فأمر بقتل رجل ; فقلت : يا أمير المؤمنين ، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
إذا كان يوم القيامة نادى مناد بين يدي الله - عز وجل - من كانت له يد عند الله فليتقدم فلا يتقدم إلا من عفا عن ذنب فأمر بإطلاقه .
الرابعة : قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=134والله يحب المحسنين أي يثيبهم على إحسانهم . قال
سري السقطي : الإحسان أن تحسن وقت الإمكان ، فليس كل وقت يمكنك الإحسان قال الشاعر :
بادر بخير إذا ما كنت مقتدرا فليس في كل وقت أنت مقتدر
وقال
أبو العباس الجماني فأحسن :
ليس في كل ساعة وأوان تتهيأ صنائع الإحسان
وإذا أمكنت فبادر إليها حذرا من تعذر الإمكان
وقد مضى في " البقرة " القول في المحسن والإحسان فلا معنى للإعادة .
nindex.php?page=treesubj&link=28974قَوْلُهُ تَعَالَى : nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=134الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ
فِيهِ أَرْبَعُ مَسَائِلَ :
الْأُولَى : قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=134الَّذِينَ يُنْفِقُونَ هَذَا مِنْ صِفَةِ الْمُتَّقِينَ الَّذِينَ أُعِدَّتْ لَهُمُ الْجَنَّةُ ، وَظَاهِرُ الْآيَةِ أَنَّهَا مَدْحٌ بِفِعْلِ الْمَنْدُوبِ إِلَيْهِ . السَّرَّاءُ الْيُسْرُ وَالضَّرَّاءُ الْعُسْرُ ; قَالَهُ
ابْنُ عَبَّاسٍ وَالْكَلْبِيُّ وَمُقَاتِلٌ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16531عُبَيْدُ بْنُ عُمَيْرٍ وَالضَّحَّاكُ : السَّرَّاءُ وَالضَّرَّاءُ الرَّخَاءُ وَالشِّدَّةُ . وَيُقَالُ فِي حَالِ الصِّحَّةِ وَالْمَرَضِ . وَقِيلَ : فِي السَّرَّاءِ فِي الْحَيَاةِ ، وَفِي الضَّرَّاءِ يَعْنِي يُوصِي بَعْدَ الْمَوْتِ . وَقِيلَ : فِي السَّرَّاءِ فِي الْعُرْسِ وَالْوَلَائِمِ ، وَفِي الضَّرَّاءِ فِي النَّوَائِبِ وَالْمَآتِمِ . وَقِيلَ : فِي السَّرَّاءِ النَّفَقَةُ الَّتِي تَسُرُّكُمْ ; مِثْلَ النَّفَقَةِ عَلَى الْأَوْلَادِ وَالْقَرَابَاتِ ، وَالضَّرَّاءِ عَلَى الْأَعْدَاءِ . وَيُقَالُ : فِي السَّرَّاءِ مَا يُضِيفُ بِهِ الْفَتَى وَيُهْدَى إِلَيْهِ . وَالضَّرَّاءِ مَا يُنْفِقُهُ عَلَى أَهْلِ الضُّرِّ وَيَتَصَدَّقُ بِهِ عَلَيْهِمْ . قُلْتُ : وَالْآيَةُ تَعُمُّ . ثُمَّ قَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=134وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَهِيَ الْمَسْأَلَةُ
الثَّانِيَةُ : وَكَظْمُ الْغَيْظِ رَدُّهُ فِي الْجَوْفِ ; يُقَالُ : كَظَمَ غَيْظَهُ أَيْ سَكَتَ عَلَيْهِ وَلَمْ يُظْهِرْهُ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى إِيقَاعِهِ بِعَدُوِّهِ ، وَكَظَمْتُ السِّقَاءَ أَيْ مَلَأْتُهُ وَسَدَدْتُ عَلَيْهِ ، وَالْكِظَامَةُ مَا يُسَدُّ بِهِ مَجْرَى الْمَاءِ ; وَمِنْهُ الْكِظَامُ لِلسَّيْرِ الَّذِي يُسَدُّ بِهِ فَمُ الزِّقِّ وَالْقِرْبَةِ . وَكَظَمَ الْبَعِيرُ جِرَّتَهُ إِذَا رَدَّهَا فِي جَوْفِهِ ; وَقَدْ يُقَالُ لِحَبْسِهِ الْجِرَّةُ قَبْلَ أَنْ يُرْسِلَهَا إِلَى فِيهِ : كَظَمَ ; حَكَاهُ
الزَّجَّاجُ . يُقَالُ : كَظَمَ الْبَعِيرُ وَالنَّاقَةُ إِذَا لَمْ يَجْتَرَّا ; وَمِنْهُ قَوْلُ
الرَّاعِي :
[ ص: 196 ] فَأَفَضْنَ بَعْدَ كُظُومِهِنَّ بِجِرَّةٍ مِنْ ذِي الْأَبَارِقِ إِذَا رَعَيْنَ حَقِيلَا
الْحَقِيلُ : مَوْضِعٌ . وَالْحَقِيلُ : نَبْتٌ . وَقَدْ قِيلَ : إِنَّهَا تَفْعَلُ ذَلِكَ عِنْدَ الْفَزَعِ وَالْجَهْدِ فَلَا تَجْتَرُّ ; قَالَ
أَعْشَى بَاهِلَةَ يَصِفُ رَجُلًا نَحَّارًا لِلْإِبِلِ فَهِيَ تَفْزَعُ مِنْهُ :
قَدْ تَكْظِمُ الْبُزْلَ مِنْهُ حِينَ تُبْصِرُهُ حَتَّى تَقَطَّعَ فِي أَجْوَافِهَا الْجِرَرُ
وَمِنْهُ : رَجُلٌ كَظِيمٌ وَمَكْظُومٌ إِذَا كَانَ مُمْتَلِئًا غَمًّا وَحُزْنًا . وَفِي التَّنْزِيلِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=84وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ .
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=58ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ .
nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=48إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ . وَالْغَيْظُ أَصْلُ الْغَضَبِ ، وَكَثِيرًا مَا يَتَلَازَمَانِ لَكِنَّ فُرْقَانَ مَا بَيْنَهُمَا ، أَنَّ الْغَيْظَ لَا يَظْهَرُ عَلَى الْجَوَارِحِ ، بِخِلَافِ الْغَضَبِ فَإِنَّهُ يَظْهَرُ فِي الْجَوَارِحِ مَعَ فِعْلٍ مَا وَلَا بُدَّ ; وَلِهَذَا جَاءَ إِسْنَادُ الْغَضَبِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى إِذْ هُوَ عِبَارَةٌ عَنْ أَفْعَالِهِ فِي الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ . وَقَدْ فَسَّرَ بَعْضُ النَّاسِ الْغَيْظَ بِالْغَضَبِ ; وَلَيْسَ بِجَيِّدٍ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
الثَّالِثَةُ : قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=134وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ الْعَفْوُ عَنِ النَّاسِ أَجَلُّ ضُرُوبِ فِعْلِ الْخَيْرِ ; حَيْثُ يَجُوزُ لِلْإِنْسَانِ أَنْ يَعْفُوَ وَحَيْثُ يَتَّجِهُ حَقُّهُ . وَكُلُّ مَنِ اسْتَحَقَّ عُقُوبَةً فَتُرِكَتْ لَهُ فَقَدْ عُفِيَ عَنْهُ . وَاخْتُلِفَ فِي مَعْنَى
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=134عَنِ النَّاسِ ; فَقَالَ
أَبُو الْعَالِيَةِ وَالْكَلْبِيُّ وَالزَّجَّاجُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=134وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ يُرِيدُ عَنِ الْمَمَالِيكِ . قَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ : وَهَذَا حَسَنٌ عَلَى جِهَةِ الْمِثَالِ ; إِذْ هُمُ الْخَدَمَةُ فَهُمْ يُذْنِبُونَ كَثِيرًا وَالْقُدْرَةُ عَلَيْهِمْ مُتَيَسِّرَةٌ ، وَإِنْفَاذُ الْعُقُوبَةِ سَهْلٌ ; فَلِذَلِكَ مَثَّلَ هَذَا الْمُفَسِّرُ بِهِ . وَرُوِيَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=17188مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ أَنَّ جَارِيَتَهُ جَاءَتْ ذَاتَ يَوْمٍ بِصَحْفَةٍ فِيهَا مَرَقَةٌ حَارَّةٌ ، وَعِنْدَهُ أَضْيَافٌ فَعَثَرَتْ فَصَبَّتِ الْمَرَقَةَ عَلَيْهِ ، فَأَرَادَ
مَيْمُونٌ أَنْ يَضْرِبَهَا ، فَقَالَتِ الْجَارِيَةُ : يَا مَوْلَايَ ، اسْتَعْمِلْ قَوْلَهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=134وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ قَالَ لَهَا : قَدْ فَعَلْتُ . فَقَالَتْ : اعْمَلْ بِمَا بَعْدَهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=134وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ . فَقَالَ : قَدْ عَفَوْتُ عَنْكِ . فَقَالَتِ الْجَارِيَةُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=134وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ . قَالَ
مَيْمُونٌ : قَدْ أَحْسَنْتُ إِلَيْكِ ، فَأَنْتِ حُرَّةٌ لِوَجْهِ اللَّهِ تَعَالَى . وَرُوِيَ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=13669الْأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ مِثْلُهُ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=15944زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=134وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ عَنْ ظُلْمِهِمْ وَإِسَاءَتِهِمْ . وَهَذَا عَامٌّ ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْآيَةِ . وَقَالَ
مُقَاتِلُ بْنُ حَيَّانَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ : بَلَغَنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ عِنْدَ ذَلِكَ :
إِنَّ هَؤُلَاءِ مِنْ أُمَّتِي قَلِيلٌ إِلَّا مَنْ عَصَمَهُ اللَّهُ وَقَدْ كَانُوا كَثِيرًا فِي الْأُمَمِ الَّتِي مَضَتْ . فَمَدَحَ اللَّهُ تَعَالَى الَّذِينَ يَغْفِرُونَ عِنْدَ الْغَضَبِ وَأَثْنَى عَلَيْهِمْ فَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=37وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ ، وَأَثْنَى عَلَى الْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ بِقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=134وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ ، وَأَخْبَرَ أَنَّهُ يُحِبُّهُمْ بِإِحْسَانِهِمْ فِي ذَلِكَ . وَوَرَدَتْ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=32488_20034_18759كَظْمِ الْغَيْظِ [ ص: 197 ] وَالْعَفْوِ عَنِ النَّاسِ وَمِلْكِ النَّفْسِ عِنْدَ الْغَضَبِ أَحَادِيثُ ; وَذَلِكَ مِنْ أَعْظَمِ الْعِبَادَةِ وَجِهَادِ النَّفْسِ ; فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=831951لَيْسَ الشَّدِيدُ بِالصُّرَعَةِ وَلَكِنَّ الشَّدِيدَ الَّذِي يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الْغَضَبِ . وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ
nindex.php?page=hadith&LINKID=838278مَا مِنْ جَرْعَةٍ يَتَجَرَّعُهَا الْعَبْدُ خَيْرٍ لَهُ وَأَعْظَمَ أَجْرًا مِنْ جَرْعَةِ غَيْظٍ فِي اللَّهِ . وَرَوَى
أَنَسٌ أَنَّ رَجُلًا قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، مَا أَشَدُّ مِنْ كُلِّ شَيْء ؟ قَالَ : ( غَضَبُ اللَّهِ ) . قَالَ فَمَا يُنَجِّي مِنْ غَضَبِ اللَّهِ ؟ قَالَ : ( لَا تَغْضَبْ ) . قَالَ
الْعَرْجِيُّ :
وَإِذَا غَضِبْتَ فَكُنْ وَقُورًا كَاظِمًا لِلْغَيْظِ تُبْصِرُ مَا تَقُولُ وَتَسْمَعُ
فَكَفَى بِهِ شَرَفًا تَبَصُّرُ سَاعَةٍ يَرْضَى بِهَا عَنْكَ الْإِلَهُ وَتُرْفَعُ
وَقَالَ
عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ فِي الْعَفْوِ :
لَنْ يَبْلُغَ الْمَجْدَ أَقْوَامٌ وَإِنْ شَرُفُوا حَتَّى يُذَلُّوا وَإِنْ عَزُّوا لِأَقْوَامِ
وَيُشْتَمُوا فَتَرَى الْأَلْوَانَ مُشْرِقَةً لَا عَفْوَ ذُلٍّ وَلَكِنْ عَفْوَ إِكْرَامِ
وَرَوَى
أَبُو دَاوُدَ nindex.php?page=showalam&ids=13948وَأَبُو عِيسَى التِّرْمِذِيُّ عَنْ
سَهْلِ بْنِ مُعَاذِ بْنِ أَنَسٍ الْجُهَنِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=831952مَنْ كَظَمَ غَيْظًا وَهُوَ يَسْتَطِيعُ أَنْ يُنْفِذَهُ دَعَاهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى رُءُوسِ الْخَلَائِقِ حَتَّى يُخَيِّرَهُ فِي أَيِّ الْحُورِ شَاءَ قَالَ : هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ . وَرَوَى
أَنَسٌ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=838281إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ نَادَى مُنَادٍ مَنْ كَانَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ فَلْيَدْخُلِ الْجَنَّةَ . فَيُقَالُ مَنْ ذَا الَّذِي أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ فَيَقُومُ الْعَافُونَ عَنِ النَّاسِ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ . ذَكَرَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=15151الْمَاوَرْدِيُّ . وَقَالَ
[ ص: 198 ] ابْنُ الْمُبَارَكِ : كُنْتُ عِنْدَ
الْمَنْصُورِ جَالِسًا فَأَمَرَ بِقَتْلِ رَجُلٍ ; فَقُلْتُ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - :
إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ نَادَى مُنَادٍ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - مَنْ كَانَتْ لَهُ يَدٌ عِنْدَ اللَّهِ فَلْيَتَقَدَّمْ فَلَا يَتَقَدَّمُ إِلَّا مَنْ عَفَا عَنْ ذَنْبٍ فَأَمَرَ بِإِطْلَاقِهِ .
الرَّابِعَةُ : قَوْلُهُ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=134وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ أَيْ يُثِيبُهُمْ عَلَى إِحْسَانِهِمْ . قَالَ
سَرِيُّ السَّقَطِيُّ : الْإِحْسَانُ أَنْ تُحْسِنَ وَقْتَ الْإِمْكَانِ ، فَلَيْسَ كُلَّ وَقْتٍ يُمْكِنُكَ الْإِحْسَانُ قَالَ الشَّاعِرُ :
بَادِرْ بِخَيْرٍ إِذَا مَا كُنْتَ مُقْتَدِرًا فَلَيْسَ فِي كُلِّ وَقْتٍ أَنْتَ مُقْتَدِرُ
وَقَالَ
أَبُو الْعَبَّاسِ الْجُمَّانِيُّ فَأَحْسَنَ :
لَيْسَ فِي كُلِّ سَاعَةٍ وَأَوَانِ تَتَهَيَّأْ صَنَائِعُ الْإِحْسَانِ
وَإِذَا أَمْكَنْتَ فَبَادِرْ إِلَيْهَا حَذَرًا مِنْ تَعَذُّرِ الْإِمْكَانِ
وَقَدْ مَضَى فِي " الْبَقَرَةِ " الْقَوْلُ فِي الْمُحْسِنِ وَالْإِحْسَانِ فَلَا مَعْنَى لِلْإِعَادَةِ .