القول في تأويل قوله تعالى : ( ولا تقربا هذه الشجرة )
قال أبو جعفر : والشجر في كلام العرب : كل ما قام على ساق ، ومنه قول الله جل ثناؤه : ( والنجم والشجر يسجدان ) [ سورة الرحمن : 6 ] ، يعني بالنجم ما نجم من الأرض من نبت ، وبالشجر ما استقل على ساق .
ثم اختلف أهل التأويل في عين الشجرة التي نهي عن أكل ثمرها آدم ، فقال بعضهم : هي السنبلة .
ذكر من قال ذلك :
718 - حدثني محمد بن إسماعيل الأحمسي ، قال : حدثنا [ ص: 517 ] عن عبد الحميد الحماني ، النضر ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، قال : الشجرة التي نهي عن أكل ثمرها آدم ، هي السنبلة .
719 - وحدثني يعقوب بن إبراهيم ، حدثنا هشيم - وحدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا عمران بن عتيبة - جميعا عن حصين ، عن أبي مالك ، في قوله : " ولا تقربا هذه الشجرة " قال : هي السنبلة .
720 - وحدثنا قال : حدثنا محمد بن بشار ، ابن مهدي - وحدثنا أحمد بن إسحاق الأهوازي ، قال : حدثنا أبو أحمد الزبيري - قالا جميعا : حدثنا سفيان ، عن حصين ، عن أبي مالك ، مثله .
721 - وحدثنا أبو كريب ، قالا حدثنا وابن وكيع ، ابن إدريس ، قال : سمعت أبي ، عن عطية في قوله : " ولا تقربا هذه الشجرة " قال : السنبلة .
722 - وحدثنا بشر بن معاذ ، قال : حدثنا يزيد ، عن سعيد ، عن قتادة ، قال : الشجرة التي نهي عنها آدم ، هي السنبلة .
723 - وحدثني المثنى بن إبراهيم ، قال : حدثنا مسلم بن إبراهيم ، قال : حدثنا القاسم ، قال : حدثني رجل من بني تميم ، أن ابن عباس كتب إلى أبي الجلد يسأله عن ، والشجرة التي تاب عندها : فكتب إليه أبو الجلد : " سألتني عن الشجرة التي نهي عنها آدم ، وهي السنبلة ، وسألتني [ ص: 518 ] عن الشجرة التي تاب عندها آدم ، وهي الزيتونة . الشجرة التي أكل منها آدم
724 - وحدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق ، عن رجل من أهل العلم ، عن مجاهد ، عن ابن عباس ، أنه كان يقول : الشجرة التي نهي عنها آدم : البر .
725 - وحدثني المثنى ، قال : حدثنا إسحاق ، قال : حدثنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا ابن عيينة ، عن وابن المبارك ، الحسن بن عمارة ، عن عن المنهال بن عمرو ، سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال : كانت الشجرة التي نهى الله عنها آدم وزوجته ، السنبلة .
726 - وحدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق ، عن بعض أهل اليمن ، عن أنه كان يقول : هي البر ، ولكن الحبة منها في الجنة ككلى البقر ، ألين من الزبد وأحلى من العسل . وأهل التوراة يقولون : هي البر . وهب بن منبه اليماني ،
727 - وحدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة ، قال : حدثني محمد بن إسحاق ، عن يعقوب بن عتبة : أنه حدث أنها الشجرة التي تحتك بها الملائكة للخلد .
728 - حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا ابن يمان ، عن جابر بن يزيد بن رفاعة ، عن قال : هي السنبلة . محارب بن دثار ،
729 - وحدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا أبو أسامة ، عن يزيد بن إبراهيم ، [ ص: 519 ] عن الحسن ، قال : هي السنبلة التي جعلها الله رزقا لولده في الدنيا
قال أبو جعفر : وقال آخرون : هي الكرمة .
ذكر من قال ذلك :
730 - حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا عبد الله ، عن إسرائيل ، عن عمن حدثه ، عن السدي ، ابن عباس ، قال : هي الكرمة .
731 - حدثني موسى بن هارون ، قال : حدثنا عمرو بن حماد ، قال : حدثنا أسباط ، عن في خبر ذكره ، عن السدي أبي مالك ، وعن أبي صالح ، عن ابن عباس ، وعن مرة ، عن ابن مسعود ، وعن ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم : " ولا تقربا هذه الشجرة " قال : هي الكرمة ، وتزعم اليهود أنها الحنطة .
732 - وحدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا عمرو بن حماد ، قال : حدثنا أسباط ، عن قال : الشجرة هي الكرم . السدي ،
733 - وحدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال : حدثنا هشيم ، عن مغيرة ، عن الشعبي ، عن جعدة بن هبيرة ، قال : هو العنب في قوله : " ولا تقربا هذه الشجرة "
734 - وحدثنا ابن وكيع ، قال : حدثني أبي ، عن خلاد الصفار ، عن بيان ، عن الشعبي ، عن جعدة بن هبيرة : " ولا تقربا هذه الشجرة " قال : الكرم .
735 - وحدثنا قال : حدثني ابن المثنى ، الحسين ، قال : حدثنا خالد الواسطي ، عن بيان ، عن الشعبي ، عن جعدة بن هبيرة : " ولا تقربا هذه الشجرة " قال : الكرم .
736 - وحدثنا ابن حميد ، قالا حدثنا وابن وكيع ، جرير ، عن مغيرة ، عن الشعبي ، عن جعدة بن هبيرة ، قال : الشجرة التي نهي عنها آدم ، شجرة الخمر .
737 - وحدثنا أحمد بن إسحاق ، قال : حدثنا أبو أحمد الزبيري ، قال : حدثنا [ ص: 520 ] عباد بن العوام ، قال : حدثنا سفيان بن حسين ، عن يعلى بن مسلم ، عن سعيد بن جبير ، قوله " ولا تقربا هذه الشجرة " قال : الكرم .
738 - وحدثنا أحمد بن إسحاق ، قال : حدثنا أبو أحمد ، قال : حدثنا سفيان ، عن قال : العنب . السدي ،
739 - وحدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثني حجاج ، عن أبي معشر ، عن محمد بن قيس ، قال : عنب .
وقال آخرون : هي التينة .
ذكر من قال ذلك :
740 - حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثني حجاج ، عن عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال : تينة . ابن جريج ،
قال أبو جعفر : والقول في ذلك عندنا أن الله جل ثناؤه أخبر عباده أن آدم وزوجه أكلا من الشجرة التي نهاهما ربهما عن الأكل منها ، فأتيا الخطيئة التي نهاهما عن إتيانها بأكلهما ما أكلا منها ، بعد أن بين الله جل ثناؤه لهما عين الشجرة التي نهاهما عن الأكل منها ، وأشار لهما إليها بقوله : " ولا تقربا هذه الشجرة " ولم يضع الله جل ثناؤه لعباده المخاطبين بالقرآن ، دلالة على أي أشجار الجنة كان نهيه آدم أن يقربها ، بنص عليها باسمها ، ولا بدلالة عليها . ولو كان لله في العلم بأي ذلك من أي رضا ، لم يخل عباده من نصب دلالة لهم عليها يصلون بها إلى معرفة عينها ، ليطيعوه بعلمهم بها ، كما فعل ذلك في كل ما بالعلم به له رضا .
فالصواب في ذلك أن يقال : إن الله جل ثناؤه نهى آدم وزوجته عن أكل [ ص: 521 ] شجرة بعينها من أشجار الجنة دون سائر أشجارها ، فخالفا إلى ما نهاهما الله عنه ، فأكلا منها كما وصفهما الله جل ثناؤه به . ولا علم عندنا أي شجرة كانت على التعيين ، لأن الله لم يضع لعباده دليلا على ذلك في القرآن ، ولا في السنة الصحيحة . فأنى يأتي ذلك ؟ وقد قيل : كانت شجرة البر ، وقيل : كانت شجرة العنب ، وقيل : كانت شجرة التين ، وجائز أن تكون واحدة منها ، وذلك علم ، إذا علم لم ينفع العالم به علمه ، وإن جهله جاهل لم يضره جهله به .